المرأة المصرية رهان الدولة على زيادة المشاركة

تمثل نحو نصف القاعدة الانتخابية

صورة من تأمين الجيش للجان الانتخابات نشرها متحدث القوات المسلحة أمس («الشرق الأوسط»)
صورة من تأمين الجيش للجان الانتخابات نشرها متحدث القوات المسلحة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

المرأة المصرية رهان الدولة على زيادة المشاركة

صورة من تأمين الجيش للجان الانتخابات نشرها متحدث القوات المسلحة أمس («الشرق الأوسط»)
صورة من تأمين الجيش للجان الانتخابات نشرها متحدث القوات المسلحة أمس («الشرق الأوسط»)

تراهن الحكومة المصرية على المرأة في تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات الرئاسية الجارية، إذ يتم توجيه دعوات متكررة إلى السيدات، لحثهن على المشاركة في الانتخابات، بسبب أعدادهن الكبيرة في كشوف الناخبين. وأرجع سياسيون هذا الأمر إلى نسبة تصويتهن المرتفعة في الاستحقاقات الماضية، والتي زادت على نسبة تصويت الرجال.
وقالت مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري: إن «سيدات مصر هن فرس الرهان الحقيقي في الانتخابات الرئاسية، بعدما رد الرئيس السيسي كرامتهن ورفع من شأنهن» حسب وصفها.
وأضافت في تصريحات صحافية: «الرئيس السيسي أصبح يعوِّل على المرأة في أمور كانت مستبعدة منها، فبات لها وجود في كل المؤسسات... مستشارة، ومحافظة، و6 وزيرات، و90 نائبة في البرلمان». ولفتت: «مشاركة المرأة في الانتخابات الرئاسية ستكون بمثابة رد الجميل لمصر وللرئيس السيسي».
وتابعت: «هناك دور حيوي يجب أن تقدمه المرأة وهو حث الناس على النزول لصناديق الاقتراع يوم الانتخابات، وحث الزوج والابن على المشاركة، واختيار رئيس الدولة وتفويت الفرصة على دعاة المقاطعة».
من جهتها قالت النائبة البرلمانية دينا عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «المرأة المصرية تفضل المشاركة بإيجابية في أي انتخابات بصفة عامة، ويوم التصويت أشبه بيوم الاحتفال و(العيد)، لأن البهجة تكون بارزة به بوضوح». ولفتت إلى أنه «في معظم الاستحقاقات الانتخابية الماضية كانت المرأة صاحبة أكبر نسبة تصويت، وهي حريصة دائماً على المشاركة في العملية الانتخابية التي أعتبرها واجباً وطنياً وحقاً لكل مواطن».
وشهدت مصر في الآونة الأخيرة، مؤتمرات وندوات حاشدة من أجل تشجيع الناخبين والناخبات على المشاركة في الانتخابات بكثافة، وكان حضور السيدات في تلك الفعاليات لافتاً وبارزاً.
إلى ذلك، قالت الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة: «إن الوعي السياسي للمرأة المصرية شهد طفرة غير مسبوقة، وأصبحت فتيات ونساء مصر على اختلاف مستوياتهن الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية، معنيات بشدة بالشأن السياسي، حرصاً منهن على مستقبل وأمن واستقرار وطن يحتضنهن ويعشقنه».
ودعت مرسي خلال المؤتمر، الذي نظمه اتحاد نقابات عمال مصر أخيراً، بالتعاون مع حملة المجلس القومي للمرأة «صوتك لمصر بكرة»، بحضور جيهان السادات قرينة الرئيس الراحل أنور السادات... دعت السيدات إلى النزول، للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات الرئاسية المقبلة لرفع اسم مصر عالياً، قائلةً: «إن صوتكن سيريح قلب أم شهيد ضحّت بأغلى ما تملك من أجل أن نحصل جميعاً على الأمن والأمان».
وأضافت: «المرأة تمثل 49% من القاعدة الانتخابية في مصر، وتفيد المؤشرات بأن نسبة مشاركة المرأة المصرية في الاستفتاء على الدستور عام 2014 بلغت نحو 55%، وفي الانتخابات الرئاسية السابقة نحو 54% من إجمالي أصوات الناخبين». ولفتت رئيسة المجلس القومي للمرأة إلى أن «الخطوات الإيجابية التي اتخذتها مصر نحو إقرار مبدأ المواطنة، وحقوق المرأة، بصدور دستور مصر 2014، الذي تضمن 21 مادة، أنصفت المرأة المصرية».
من جهته، قال النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان: «الطاقة الإيجابية التي تخرج من المرأة المصرية كفيلة بتحقيق التقدم لمصر لعشرات السنوات القادمة»، لافتاً: «الانتخابات الرئاسية الماضية، شهدت نسبة تصويت للمرأة أعلى من الرجل».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.