«رئاسية مصر»: الجيش يؤكد تأمين الانتخابات قبل بدء التصويت غداً

نقل القضاة لمقار الاقتراع النائية بطائرات عسكرية

صورة نشرها المتحدث العسكري لاستعدادات الجيش لتأمين الانتخابات («الشرق الاوسط»)
صورة نشرها المتحدث العسكري لاستعدادات الجيش لتأمين الانتخابات («الشرق الاوسط»)
TT

«رئاسية مصر»: الجيش يؤكد تأمين الانتخابات قبل بدء التصويت غداً

صورة نشرها المتحدث العسكري لاستعدادات الجيش لتأمين الانتخابات («الشرق الاوسط»)
صورة نشرها المتحدث العسكري لاستعدادات الجيش لتأمين الانتخابات («الشرق الاوسط»)

بدأت مصر، أمس، أول أيام «الصمت الدعائي» في الانتخابات الرئاسية المقرر انطلاقها غداً (الاثنين) وتستمر لمدة 3 أيام، والتي يخوضها الرئيس الحالي والساعي لولاية ثانية، عبد الفتاح السيسي (صاحب النصيب الأكبر من فرص الفوز)، ورئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى.
وتستمر فترة «الصمت الدعائي» لمدة يومين، بحسب القواعد التي وضعتها «الهيئة الوطنية للانتخابات» المشرفة على الانتخابات الرئاسية.
وفي بيان تحفيزي للناخبين على المشاركة والتصويت، قال رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المستشار، لاشين إبراهيم، مخاطباً المواطنين «شعب مصر العظيم لقد آن الأوان أن تقدموا للعالم أجمع صورة جديدة تضم إلى صور كفاحكم المشرف دوما والذي أذهل العالم كله صورة تبرز كفاحكم ضد قوى الإرهاب الغاشم، الذي يتربص بكم بين الحين والحين، فأنتم على موعد في أيام الانتخابات لكي تتوجهوا إلى صناديق الانتخاب وتدلوا بأصواتكم في اختيار رئيس جمهوريتكم، فهذا حق لكم، قرره لكم الدستور، وواجب عليكم أيضا».
وأضاف إبراهيم: «لا تتراخوا في أداء واجبكم واثبتوا لأعداء الوطن أنه لا تهاون، وثقوا تماماً أن صوتكم أمانة ستصل إلى مستحقيه، وتابع: «انزلوا.. انزلوا وأكدوا للعالم أنكم كنتم وما زلتم صناع الحضارة، وأظهروا له أنكم على قلب رجل واحد ضد الأخطار التي تحيق بمصر».
وتقدر أعداد من يحق لهم الانتخاب داخل مصر بـ60 مليون شخص. وسيتمكن الفائز بتلك الانتخابات من قيادة البلاد لأربع سنوات مقبلة، ولن يكون للسيسي (حال فوزه المرجح بقوة) الحق في الترشح لدورة رئاسية أخرى بعدها، بحسب ما ينص الدستور القائم.
وقبل يومين من بدء التصويت، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة، أمس، إتمام «كل الترتيبات والإجراءات المرتبطة بمعاونة وزارة الداخلية في تنظيم أعمال التأمين الانتخابات الرئاسية على مستوى الجمهورية، وتوفير المناخ الآمن للمواطنين»
وأوضح المتحدث العسكري، العقيد تامر الرفاعي، أمس، أن «القوات المسلحة تشارك تأمين العملية الانتخابية بعناصرها في نطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية وقيادات وهيئات وإدارات القوات المسلحة».
وأفاد بأن قيادة الجيش «حرصت على التأكد من تفهم جميع القوات المشاركة للمهام المكلفة بها لحماية المواطنين والتصدي لكل التهديدات التي يمكن مجابهتها خلال تأمين اللجان والمراكز الانتخابية، والتدريب على كيفية معاونة المواطنين والتصرف في مواجهة المواقف الطارئة بالتعاون مع قوات الشرطة وعناصر الأمن في محيط اللجان وذلك بالاستفادة من الخبرات السابقة التي اكتسبتها عناصر القوات المسلحة خلال الجولات الانتخابية الماضية، مع القيام بتنفيذ بيانات عملية على مستوى الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لتوضيح أسلوب تنفيذ تأمين المراكز الانتخابية بالتنسيق مع عناصر الشرطة المدنية».
وأشار إلى «استخدام طائرات المراقبة الأمنية والتصوير الجوي وسيارات البث المباشر، وذلك لنقل صورة حية للأحداث والإبلاغ الفوري عن أي أعمال تعرقل سير العملية الانتخابية إلى مركز العمليات الرئيسي للقوات المسلحة والمراكز الفرعية بالمحافظات وبالجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لاتخاذ الإجراءات المناسبة حيالها».
وأكد «استعداد الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية للانتشار والمعاونة في تأمين المواطنين في محيط المراكز والمقار الانتخابية، وإعطاء التلقين الكامل لجميع العناصر المشاركة حول كيفية التعامل مع المواقف المختلفة التي قد تعوق المواطنين خلال العملية الانتخابية»، ومؤكداً «مشاركة عناصر من الجيش الثاني الميداني في تأمين العملية الانتخابية بمحافظات الدقهلية والشرقية ودمياط والإسماعيلية وبورسعيد وشمال سيناء، كما تشارك قوات الجيش الثالث الميداني في عملية التأمين في محافظات السويس وجنوب سيناء والبحر الأحمر.
وبحسب المتحدث العسكري، فإن المنطقة المركزية العسكرية وعناصر الدعم من قيادات وهيئات وإدارات القوات المسلحة تشارك «في تأمين محيط اللجان داخل محافظات القاهرة والجيزة والمنوفية والقليوبية والفيوم وبني سويف والمنيا، وتقوم المنطقة الغربية العسكرية بالمعاونة في تأمين العملية الانتخابية بمحافظة مطروح، وأتمت المنطقة الشمالية العسكرية استعداداتها لتأمين العملية الانتخابية بمحافظات الإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ والغربية، وتؤمن المنطقة الجنوبية العسكرية محافظات أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان والوادي الجديد».
وأشار المتحدث إلى أن «وحدات التدخل السريع والتي تعمل كاحتياطات قريبة لدعم عناصر التأمين في التصدي للعدائيات المختلفة، وتشارك عناصر الشرطة العسكرية عناصر الشرطة المدنية في تنظيم كثير من الدوريات المتحركة ونقاط التأمين الثابتة في محيط اللجان».
من جهة أخرى، صدق الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي على «تخصيص عدد من طائرات النقل العسكرية للعمل كمجهود جوي لنقل أعضاء الهيئات القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية بالأماكن النائية والمنعزلة، وذلك لتسهيل مهمة القضاة وتخفيف العبء عنهم وضمان تسلم اللجان في التوقيتات المحددة لها».
وفي سياق قريب أعلن البرلمان العربي، أمس، مشاركة أربعة عشر عضواً من 12 دولة عربية برئاسة نائب رئيس البرلمان العربي النائب عادل عبد الرحمن العسومي، في متابعة الانتخابات الرئاسية المصرية.
وقال بيان رسمي عن البرلمان إن «مشاركة البرلمان العربي في متابعة الانتخابات الرئاسية المصرية تأتي حرصاً من البرلمان العربي على متابعة الاستحقاقات الديمقراطية في الدول العربية، كما تأتي بناءً على دعوة الهيئة الوطنية للانتخابات بجمهورية مصر العربية للبرلمان العربي لمتابعة الانتخابات الرئاسية المصرية، وذلك في إطار مشاركة البرلمان العربي السابقة في متابعة الاستفتاء على الدستور المصري ومتابعة الانتخابات الرئاسية والنيابية السابقة».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.