«حماس» تتجه إلى اتهام «جهات في السلطة» بالتورط في محاولة اغتيال الحمد الله

الحركة تركّز على «منتفعين» من التفجير... وتلاحق «منحرفين فكرياً»

عناصر من «كتائب القسام» في مخيم النصيرات بغزة يوم الخميس خلال تشييع أحد عناصر أمن «حماس» إثر مقتله في مواجهة مع المشتبه بتورطهم في استهداف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله (أ.ف.ب)
عناصر من «كتائب القسام» في مخيم النصيرات بغزة يوم الخميس خلال تشييع أحد عناصر أمن «حماس» إثر مقتله في مواجهة مع المشتبه بتورطهم في استهداف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تتجه إلى اتهام «جهات في السلطة» بالتورط في محاولة اغتيال الحمد الله

عناصر من «كتائب القسام» في مخيم النصيرات بغزة يوم الخميس خلال تشييع أحد عناصر أمن «حماس» إثر مقتله في مواجهة مع المشتبه بتورطهم في استهداف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله (أ.ف.ب)
عناصر من «كتائب القسام» في مخيم النصيرات بغزة يوم الخميس خلال تشييع أحد عناصر أمن «حماس» إثر مقتله في مواجهة مع المشتبه بتورطهم في استهداف موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله (أ.ف.ب)

ظهرت مؤشرات، أمس، إلى اتجاه لدى حركة حماس لاتهام السلطة الفلسطينية أو جهات فيها بالتورط في محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج في قطاع غزة، قبل نحو أسبوعين، رغم وجود مؤشرات أخرى على علاقة مزعومة للمتورطين في المحاولة بالأوساط المتشددة.
وأوحت تصريحات مسؤولين في «حماس» بأنها تتحضر لاتهام جهات محددة في رام الله خلال أيام قليلة مع إعلان انتهاء التحقيق في القضية التي عمّقت الانقسام الفلسطيني، علما بأن السلطة حمّلت بدورها «حماس» المسؤولية عن محاولة الاغتيال.
وقال فوزي برهوم، الناطق باسم «حماس»، إن «إصرار مسؤولين في السلطة على تكثيف اتهامهم لحركة حماس بتفجير موكب الحمد الله ورفضهم انتظار إعلان نتائج التحقيق يعكس أزمتهم الحقيقية جراء انكشاف تفاصيل الجريمة وتأكيد تورطهم المباشر فيها، وهذا ما ستثبته الأيام المقبلة». وتصريح برهوم ليس مفاجئا في ضوء التلميحات التي لجأ إليها مسؤولو الحركة منذ اللحظة الأولى للتفجير، إذ تحدثوا عن «مسرحية» من أجل «التنصل من المصالحة» أو «محاولة تلميع قيادة بديلة». لكن تصريحه يُعد الأول الذي يتحدث مباشرة وصراحة عن «تورط مباشر» لمسؤولين في السلطة، كما قال.
وجاءت اتهامات برهوم في وقت أكدت فيه «حماس» أن الأيام المقبلة ستكشف «عن المنتفعين من حادثة تفجير موكب رئيس وزراء حكومة التوافق الوطني، رامي الحمد الله». وأضافت: «المنتفعون من التفجير يسعون إلى نسف المصالحة وضرب الأمن بغزة».
وتتحدث أوساط الحركة في غزة عن «استغلال مسؤولين في رام الله» للمتهم المباشر أنس أبو خوصة الذي قتلته «حماس» قبل أيام أثناء اشتباك مسلح واعتقلت مساعدين له وتطارد آخرين.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتهم «حماس» رسميا بالوقوف وراء محاولة اغتيال الحمد الله وفرج، وتعهد باتخاذ «إجراءات وطنية وقانونية ومالية» ضد القطاع. كما هاجم عباس بشكل غير مسبوق «حماس»، موجّها تهديدات إلى «كبيرهم وصغيرهم».
وفي مؤشر إلى التوجّه المقبل لـ«حماس»، طالب الدكتور موسى أبو مرزوق، عضو المكتب السياسي للحركة، الرئيس عباس بالاعتذار عن خطابه.
وقال أبو مرزوق أول من أمس (الجمعة)، إن «مؤامرة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله اتضحت خيوطها». ‏وأضاف على «تويتر»: «بعد أن اتضحت كل خيوط المؤامرة الحقيرة بتفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله في غزة، الذي أعقبه خطاب غير مسبوق سياسيا ودبلوماسيا لأبو مازن (عباس)، وتم سحب الكلمات غير اللائقة من خطابه في الصحافة الرسمية، فهل يعتذر الرئيس عما بدا منه، ويتبع ذلك بتصحيح في المسار السياسي والتعامل الداخلي مع مكونات المجتمع الفلسطيني؟».
وينوي الرئيس الفلسطيني إعلان قطاع غزة «إقليماً متمرداً» إذا لم تسلم حركة «حماس» قطاع غزة للحكومة الفلسطينية بشكل كامل، لكنه يعطي فرصة لجهود مصرية مكثفة الآن لنزع فتيل الأزمة. ويتوقع أن تزيد اتهامات «حماس» الحالية والمرتقبة ضد السلطة من صعوبة المهمة المصرية.
وكانت السلطة الفلسطينية قد هاجمت إجراءات «حماس» في قطاع غزة بما في ذلك قتلها «المشتبه به الرئيسي» في محاولة اغتيال الحمد الله، قائلة إن «حماس» تقتل «خارج القانون» و«تفبرك الروايات المشبوهة». من جهتها، أعلنت «حماس» أنها تطارد مطلوبين في القطاع على خلفية محاولة الاغتيال يعتقد أنهم على صلة بالمشتبه به الرئيسي. ولم تجد «حماس» في سجل المشتبه به الذي قتلته (أنس أبو خوصة) أي سوابق أمنية أو جنائية أو ارتباطات، لكن تبيّن أنه قد أحاط نفسه منذ شهور بأصدقاء متشددين فكرياً.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «(حماس) تعتقد أن الجهات التي جنّدت أبو خوصة استغلته وطلبت منه استخدام أشخاص منحرفين فكرياً»، وهو مصطلح تطلقه الحركة على «المتشددين» الناشطين في القطاع. وكانت «حماس» قد قتلت أبو خوصة ومساعدا له في قرية الزوايدة غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، في إطار التحقيقات في حادثة الحمد الله، قائلة إنها اقتربت من الحقيقة. لكن رام الله وصفت «السيناريو» الذي أعلنته «حماس» بأنه «مشبوه ومفبرك». وقالت المؤسسة الأمنية في رام الله إن «حماس تختلق الروايات والأكاذيب لتغطي على تورطها» في الانفجار.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.