إجلاء في حرستا و«تسوية» في عربين... ومفاوضات في دوما

مقتل وجرح عشرات بقصف على مناطق في غوطة دمشق

حافلات في طريقها إلى حرستا لنقل معارضين ودخان يتصاعد من عين ترما في الغوطة أمس (رويترز)
حافلات في طريقها إلى حرستا لنقل معارضين ودخان يتصاعد من عين ترما في الغوطة أمس (رويترز)
TT

إجلاء في حرستا و«تسوية» في عربين... ومفاوضات في دوما

حافلات في طريقها إلى حرستا لنقل معارضين ودخان يتصاعد من عين ترما في الغوطة أمس (رويترز)
حافلات في طريقها إلى حرستا لنقل معارضين ودخان يتصاعد من عين ترما في الغوطة أمس (رويترز)

خرجت أمس دفعة ثانية من المقاتلين المعارضين والمدنيين من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية قرب دمشق التي تشكل مسرحاً لمعاناة السكان مع سقوط المزيد من الضحايا واستمرار حركة النزوح منها، في وقت قتل وجرح عشرات بقصف على مناطق أخرى في الغوطة.
وأعلن التلفزيون الرسمي السوري الجمعة عن التوصل إلى اتفاق إجلاء ثان في الغوطة يتعلق بالبلدات الجنوبية الواقعة تحت سيطرة فصيل «فيلق الرحمن». وأورد التلفزيون الرسمي في خبر عاجل أن الاتفاق قضى «بنقل نحو سبعة آلاف شخص من المسلحين وعائلاتهم من زملكا وعربين وعين ترما» فضلاً عن حي جوبر الدمشقي المحاذي لها، وذلك «بعد تسليم السلاح الثقيل والمتوسط وخرائط الأنفاق».
وخلال حملة عسكرية مستمرة منذ أكثر من شهر، تمكنت قوات النظام من تضييق الخناق بشدة على الفصائل المعارضة بعد تقسيم المنطقة إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بها إلى مفاوضات، عادة ما تنتهي بما يناسب دمشق.
وأفاد مراسلون لوكالة الصحافة الفرنسية والمرصد السوري الحقوق الإنسان عن أضرار ألحقها القصف ليلاً بقذائف حارقة على مناطق عدة في الغوطة الشرقية.
ودخلت الحافلات صباح الجمعة إلى الأجزاء الواقعة تحت سيطرة حركة أحرار الشام في مدينة حرستا في غرب الغوطة الشرقية، تحضيراً لإجلاء الدفعة الثانية من المقاتلين والمدنيين بموجب اتفاق بين الفصيل المعارض وروسيا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي ومسؤول محلي في حرستا.
وكما حصل في اليوم السابق، بدأت الحافلات بالتجمع تباعاً في منطقة تماس بين الطرفين عند أطراف المدينة بانتظار اكتمال القافلة قبل أن تنطلق باتجاه إدلب في شمال غربي البلاد.
وخرجت الخميس دفعة أولى تقل 1580 شخصاً بينهم 413 مقاتلاً من مدينة حرستا، ووصلت في وقت متأخر إلى محافظة إدلب، التي عادة ما تشكل وجهة الإجلاء في سوريا.
وقال أحد المدنيين، أبو محمد مدني، بعد وصوله إلى مخيم في شمال إدلب: «كان وضعنا مأساوياً جداً (...) لا نستطيع العيش فوق الأرض (...) حرقوا الأرض، ولا أكل ولا شرب، حتى الشعير لم نعد نجده».
ومن المتوقع أن يخرج بموجب الاتفاق 1500 مقاتل مع ستة آلاف من عائلاتهم على دفعات، وفق الإعلام الرسمي.
وتشن قوات النظام منذ 18 الشهر الماضي هجوماً عنيفاً على الغوطة الشرقية، بدأ بقصف عنيف ترافق لاحقاً مع هجوم بري تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من ثمانين في المائة من هذه المنطقة.
وتمكنت قوات النظام من تقطيع أوصال الغوطة الشرقية إلى ثلاثة جيوب هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن بالإضافة إلى حرستا التي تسيطر حركة أحرار الشام على الجزء الأكبر منها.
ويبدو أن فصيل فيلق الرحمن لحق بركاب حركة أحرار الشام التي لم تجد بعد عزل حرستا خياراً سوى التفاوض ثم الإجلاء. وأعلن الفصيل المعارض الخميس عن «اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار» بدأ عند منتصف ليل الخميس الجمعة برعاية الأمم المتحدة يتيح إجراء «جلسة مفاوضات نهائية» بين وفد محلي وروسيا.
وقال المتحدث باسمه وائل علوان إنه «لا يوجد حتى الآن تصور لما يمكن أن تؤول إليه المفاوضات، لكنها من المفترض أن تجد حلاً ومخرجاً من هذه المعاناة»، متحدثاً عن «وضع إنساني كارثي» مع انتشار «القمل والجرب» في الأقبية.
وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مناطق في جنوب الغوطة تعرضت لقصف خلال الليل وصباح الخميس مع استمرار المعارك فيها، قبل أن يعود الهدوء إليها مع خروج وفد منها للتفاوض مع الطرف الروسي.
وقبل وقف إطلاق النار، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 70 شخصاً في القصف على بلدات جنوب الغوطة.
وبين هؤلاء 37 مدنياً قتلوا في غارات روسية على بلدة عربين، وفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن الذي أوضح أن «القصف الروسي بالغارات والقنابل الحارقة تسبب بمقتل هؤلاء المدنيين في الأقبية حرقاً أو اختناقاً»، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من انتشالهم سوى في وقت لاحق خلال الليل وفجر الجمعة.
ووصفت منظمة الخوذ البيضاء، الدفاع المدني في مناطق المعارضة، ما حصل في عربين بـ«المجزرة الروعة». ونشرت صورة على حسابها على موقع «تويتر» تظهر ثلاثة مسعفين يرتدون أقنعة واقية وينتشلون جثة متفحمة، إلى جانبها أخرى لُفت بقماش أبيض، فيما بدت ألسنة النار مشتعلة إلى جانب الجثث الملقاة على الأرض.
واستهدف القصف بالقنابل الحارقة مناطق عدة في الغوطة خلال الليل تضمنت أيضا مدينة دوما.
ووفق صور ومشاهد فيديو التقطها مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في دوما بدا القصف كأنه بمادة الفوسفور الأبيض، الذي يمنع القانون الدولي استخدامه إلا في حالات خلق ستار دخاني أو إرسال إشارات ووضع علامات أو حتى كسلاح حارق ضد المقاتلين بعيداً عن المدنيين. وينسحب الضغط العسكري والمفاوضات على دوما شمالاً. وتجري حالياً مفاوضات بين روسيا ومسؤولين في مدينة دوما، وفق اللجنة المدنية المعنية بالمحادثات، التي لم يؤكد فصيل جيش الإسلام مشاركته فيها.
ووفق مدير المرصد رامي عبد الرحمن قد تؤدي المفاوضات في دوما إلى اتفاق يقضي بتحويلها إلى منطقة «مصالحة» بعودة مؤسسات الدولة إليها وبقاء مقاتلي «جيش الإسلام» من دون دخول قوات النظام.
وتتواصل منذ أيام عدة حركة نزوح جماعي من مدينة دوما عبر معبر الوافدين شمالاً؛ أحد المعابر الثلاثة التي حددتها القوات الحكومية للراغبين بالخروج من مناطق سيطرة المعارضة.
ودفع القصف والمعارك أكثر من 87 ألف مدني للنزوح منذ 15 مارس باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام، وبقي أكثر من 30 ألفا في منازلهم في بلدات جنوب الغوطة سيطر عليها الجيش، وفق المرصد السوري.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.