لبنان: الخلاف يحتدم بين القضاة ووزير العدل

قرار الاعتكاف اتخذ لإمعان السلطة بمحاولة إخضاعهم مادياً ومعنوياً

عون استقبل رئيس مجلس القضاء اللبناني الأعلى وأعضاءه الثلاثاء الماضي (دالاتي ونهرا)
عون استقبل رئيس مجلس القضاء اللبناني الأعلى وأعضاءه الثلاثاء الماضي (دالاتي ونهرا)
TT

لبنان: الخلاف يحتدم بين القضاة ووزير العدل

عون استقبل رئيس مجلس القضاء اللبناني الأعلى وأعضاءه الثلاثاء الماضي (دالاتي ونهرا)
عون استقبل رئيس مجلس القضاء اللبناني الأعلى وأعضاءه الثلاثاء الماضي (دالاتي ونهرا)

بلغ الخلاف بين القضاء اللبناني ووزير العدل سليم جريصاتي، مرحلة غير مسبوقة، على خلفية قرار الاعتكاف الذي اتخذه عدد كبير من القضاة، وتوقفهم عن ممارسة مهامهم، احتجاجاً على ما أسموه «إمعان السلطة السياسية في ضرب استقلالية القضاء، ومحاولة إخضاعه عبر التضييق عليه مادياً ومعنوياً، وحرمان القضاة من بعض المكتسبات التي توفر لهم أماناً اجتماعياً».
ويشكّل اعتكاف القضاة تحدياً لوزير العدل المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون، خصوصاً أن الاعتكاف هو الثاني لهم في عهد عون، ويعدّ سابقة بتاريخ القضاء، لكنّ ما وسّع دائرة الخلاف بينهما، الرسالة التي وجهها جريصاتي إلى مجلس القضاء، ودعاه فيها إلى تنبيه القضاة من مغبّة الاستمرار في الاعتكاف «وتحمّل مسؤوليته عندما تسود أجواء غير صحية أروقة قصور العدل ومكاتبها وأقواسها». وقال إن «اعتكاف بعض القضاة عن أداء رسالة العدالة السامية رغماً عن البيانين الصادرين عن مجلس القضاء الأعلى، يحمل أكثر من دلالة قد يكون أقلها، عدم انتظام العلاقة بين قضاة لبنان ومجلس القضاء الأعلى، أي بالمفهوم القانوني القاعدة والريادة».
هذا الموقف استدعى ردّاً سريعاً من مجلس القضاء أعلن فيه أنه «لا يحق للوزير توجيه تعاميم وكتب إلى القضاة». وقال في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «مجلس القضاء الأعلى لا يعدّ جهة تنفيذية لقرارات وزير العدل عملاً بمبدأ استقلالية السلطة القضائية، ومبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، وبالتالي لا يجوز لأي سلطة أن تطغى بعملها على أي سلطة أخرى». وذكر جريصاتي بأن «اعتكاف بعض القضاة عن أداء مهامهم، مردّه اعتماد الحكومة نهجاً لم يكن مألوفاً في التعاطي مع السلطة القضائية»، مؤكداً أن «القضاة باتوا يشعرون أنهم مستهدفون ليس في ضماناتهم المالية فحسب، بل أيضاً في كرامتهم الشخصية».
وأثارت مخاطبة وزير العدل للقضاة ومجلس القضاء بطريقة الإيعاز، استياءً واسعاً في أروقة قصور العدل، وأوضحت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، أن الوزير «لا يملك سلطة الوصاية على القضاء، ولا حتى صلاحية التسلسل الإداري». ورأت أن رسالته الأخيرة إلى مجلس القضاء «أثارت استياءً عارماً، لجهة تصنيفه القضاة بين قاعدة وريادة»، معتبرة أن الوزير «يحوّل المشكلة القائمة بين القضاء والسلطة السياسية، المسؤول هو عن جانب أساسي منها، إلى مشكلة بين القضاة ومجلس القضاء الأعلى». وأعلنت رفضها المطلق لـ«مخاطبة وزير العدل السلطة القضائية بطريقة غير مألوفة تنطوي على صيغة الأمر وإعطاء التوجيهات والتعليمات».
وتنبئ هذه التطورات بخطوات تصعيدية مقبلة، ما لم تسارع الحكومة ومجلس النواب إلى معالجة الأسباب الموجبة للاعتكاف القضائي، وبرأي المصادر القضائية، إنه «بدل أن يخاطب وزير العدل القضاة وكأنهم موظفون، كان حرياً به أن يخاطب الحكومة ومجلس النواب لمعالجة الأسباب التي حملت القضاة على اتخاذ هذه المواقف». وقالت: «لم يسبق لوزير للعدل أن تدخل بعمل القضاء كما هو الحال اليوم، ويكفي أنه راجع رئيس إحدى المحاكم في قضية حساسة، وأمام وسائل الإعلام». وأكدت أنها «المرّة الأولى بتاريخ القضاء، التي تسرّب معلومات فيها بطريقة متعمدة، عن إحالة النائب العام التمييزي على التفتيش القضائي، عدا عن طريقة التعاطي مع القضاة بطريقة متعالية».
وكان وزير العدل وجّه كتاباً إلى هيئة التفتيش القضائي، طلب فيها تنبيه القضاة إلى عدم الإدلاء بتصريحات إلى وسائل الإعلام، قبل الحصول على إذن مسبق منه، وذلك على خلفية بيان صدر عن النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، أوضح فيه الأخير أسباب قراره بتوقيف المقدّم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج، على خلفية فبركة ملف التعامل مع إسرائيل للممثل المسرحي زياد عيتاني، وهو ما اعتبر استهدافاً مباشراً من الوزير جريصاتي للقاضي حمود ولقاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، قبل أن يوضح جريصاتي موقفه من هذا الأمر.
من جهته، أسف رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم «للمشهد الخطير جداً، عن الخلاف بين مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل». وقال: «هذا موضوع لا يجوز أن يستمر، لأن العدالة لا تتجزأ ولا ينبغي أن تسيس، وهذا له تأثير سلبي على سير العدالة وعلى إحقاق الحق للمواطنين، وله تأثير سلبي أيضا على استقلالية القضاء التي نسعى إليها». وكشف عن توجيه دعوة لمجلس القضاء للاستماع إلى وجهة نظره في جلسة تعقدها لجنة الإدارة والعدل يوم الاثنين المقبل، ومن ثم دعوة الوزير جريصاتي للاستماع إلى أسباب الخلاف بين الطرفين. وقال: «في ضوء المناقشات والنتائج التي تصدر عنها، نتخذ إجراءات أو تدابير أو اقتراحات معينة لوضع حد لهذا الموضوع».



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.