السلطة ترفض سيناريوهات «حماس» لمقتل «مشتبهين» بمحاولة اغتيال الحمد الله

TT

السلطة ترفض سيناريوهات «حماس» لمقتل «مشتبهين» بمحاولة اغتيال الحمد الله

رفضت السلطة الفلسطينية قيام الأجهزة الأمنية، التابعة لحركة «حماس»، بقتل واعتقال «مشتبهين» في حادثة محاولة اغتيال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، ورئيس جهاز المخابرات العامة ماجد فرج في قطاع غزة، الأسبوع الماضي، وقالت إن الحركة ترسم وتنفذ سيناريوهات مشبوهة وواهية، وتمارس القتل خارج القانون.
وقتلت «حماس»، أمس، المشتبَه الرئيسي الذي أعلنت عنه في محاولة اغتيال الحمد الله، وذلك بعد ساعات من نشر صوره، وطلب المساعدة في إلقاء القبض عليه.
وهاجمت قوات تابعة لوزارة الداخلية، التي تسيطر عليها الحركة، منزلاً في قرية «الزوايدة» غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، قبل أن تندلع اشتباكات عنيفة في المكان. وتمكنت الداخلية في البداية من اعتقال المشتبه الرئيسي، أنس أبو خوصة (26 عاماً)، وهو مصاب إثر اشتباك أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، اثنان من عناصرها هما زياد الحواجري وحماد أبو سوريح، وأحد مساعدي أبو خوصة، وشخص آخر. وقال صلاح البردويل، عضو المكتب السياسي لحركة حماس: «لقد ألقينا القبض على منفِّذ التفجير، وهو مصاب، واثنين من مساعديه». لكن في وقت لاحق أعلن مسؤول أمني مقتل المشتبه به الرئيسي في محاولة اغتيال الحمد الله متأثراً بجراحه، ليرتفع العدد إلى أربعة أشخاص.
وقالت داخلية «حماس»: «لقد قتل المطلوب أنس أبو خوصة أثناء الاشتباك، كما قتل مساعده عبد الهادي الأشهب، وتم اعتقال مساعد آخر أُصِيب أثناء الاشتباك ونُقِل للمستشفى». وجاء الهجوم الذي نفَّذته الأجهزة الأمنية التابعة لـ«حماس» بعد ساعات فقط من نشر صورة أنس أبو خوصة بصفته المشتبه الرئيسي في التفجير، وقالت إنه «مطلوب لأجهزة الأمن». كما نشرت «حماس» قوات كبيرة في القطاع، وأقامت حواجز ثابتة ومتحركة، ورصدت مبلغ 5000 دولار، قبل أن تتمكن من قتل أبو خوصة.
وتعهدت وزارة الداخلية التابعة لحماس باستمرار التحقيق في محاولة اغتيال الحمد الله وفرج. وقالت، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، إنه «وفي إطار عمليات البحث تمكَّنَت الأجهزة الأمنية من تحديد مكان المطلوب أبو خوصة ومساعديه، وشرعت في عملية أمنية غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث حاصرت الأجهزة الأمنية عدداً من المطلوبين، من بينهم المتهم الرئيس أبو خوصة، وطالبتهم بتسليم أنفسهم، إلا أنهم بادروا على الفور بإطلاق النار باتجاه القوة الأمنية، ما أدى لاستشهاد اثنين من رجال الأمن، هما الشهيد رائد زياد أحمد الحواجري، والشهيد ملازم حماد أحمد أبو سوريح».
وأعلنت الداخلية مقتل المطلوب أنس أبو خوصة أثناء الاشتباك، واعتقال اثنين من مساعديه أُصِيبا أثناء الاشتباك، وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج، أحدهما كان بحالة خطرة توفي فيما بعد، وهو عبد الهادي الأشهب. كما أكدت الداخلية استمرار التحقيقات في هذه الجريمة حتى يتم الكشف عن ملابساتها كافة.
لكن «رواية» حماس وجدت الكثير من الرفض والتشكيك في رام الله، حيث وصفت حركة فتح ما حدث بقتل خارج القانون.
وقالت الحكومة الفلسطينية إن مجريات الساعات الأخيرة، التي أعلنت فيها «حماس» عن تحركات تتصل بمحاولة الاغتيال الإجرامية الجبانة «تثبت من جديد أنها ما زالت تنتهج نفس النهج في لجوئها إلى رسم وتنفيذ سيناريوهات مشوهة، واختلاق روايات واهية لا تتفق مع المنطق». وأضافت الحكومة في بيان: «إن ما جرى اليوم (أمس) كانت بعض الأوساط توقعته بالأمس، وللدقة استطاعت تلك الأوساط أن تستنتجه بسرعة وبسهولة بعد إعلان (حماس) فجأة عن اسم من قالت إنه ارتكب جريمة محاولة الاغتيال، وإنه مطلوب ومطارد، وأعلنت عن مكافأة لمن يدلي بمعلومات عنه... إلخ».
وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود إن محاولات «حماس» بث الإشاعات وإلصاق تهمة محاولة الاغتيال الإرهابية الجبانة بالدولة ومؤسساتها لا ترقى إلى المستوى الذي يمكن أن يقبل به العقل والوعي البشري، ولا يمكن أن يلامس أدنى درجات الحقيقة والمعقولية»، مضيفاً أن حكومة الوفاق الوطني «تجدد تأكيدها على أن حركة (حماس) هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن محاولة الاغتيال الإجرامية الإرهابية، وهذه الجريمة الجبانة الغادرة تؤكد صواب وأهمية مطلب القيادة بتسلم الحكومة كامل صلاحياتها ومسؤولياتها في قطاع غزة، وعلى رأسها ملف الأمن».
كما هاجم اللواء عدنان الضميري، الناطق الرسمي باسم المؤسسة الأمنية، رواية «حماس» ووصفها بأكاذيب، وقال: «إن حركة حماس التي أصبحت تدرك أن أكاذيبها لن تخفي الحقيقة، وأن شعبنا خاصة في قطاع غزة الحبيب لم يعد يصدق كذبهم، ويدرك أن ما تمارسه على الأرض مناقض لما يصرح به قادتها والمتنفذون فيها، وإنها لن تتوانى لحظة في تجربة سيناريو تلو الآخر لذر الرماد في العيون حول مسؤوليتها الكاملة عن جريمة الاغتيال الفاشلة».
وأضاف الضميري موضحاً أن حماس «تواصل الكذب والتضليل وخلط الأوراق، وتوجيه الأنظار بافتعال أزمات وجرائم قتل وأحداث، تساعدها على التهرب من مسؤولياتها المباشرة في التخطيط والتنفيذ، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني «يدرك جيدا أن (حماس) التي قتلت المئات من أبناء شعبنا خلال انقلابها عام 2007، ومارست أبشع أنواع القهر والتعذيب بحق الآلاف منهم، وأعدمت قيادات سياسية وعسكرية في صفوفها، لن تتورع للحظة عن القتل وإلصاق التهم بالآخرين».
وأكد الضميري أن هذا الملف لن يُغلَق دون أن تتسلم الحكومة مسؤولياتها ومهامها، التي حددها القانون والاتفاقات الوطنية في المصالحة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».