توصيات طبية للحفاظ على صحة العظام

تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من نصف جميع الأميركيين الذين تجاوزت أعمارهم 50 عاماً، معرضون لخطر إصابات العظام، وأن هناك عدداً آخر لا يُحصى من غيرهم من جميع الأعمار لا يحصلون على ما يكفي من المغذيات في وجباتهم اليومية ولا يؤدون النشاطات البدنية اللازمة، لبناء عظام قوية وسليمة تدوم معهم مدى الحياة.
ومن الحقائق العلمية أن الإنسان أصبح يعيش عمراً أطول، وعليه أن يستمتع باستقلاليته غير معتمد على الغير، وأن يعيش حياة نشطة أفضل بكثير من الأجيال السابقة. ولتحقيق ذلك، فنحن نحتاج إلى صحة بدنية وقوة عضلية وعظام قوية ولياقة جيدة طوال حياتنا، ليس فقط للمتعة، ولكن أيضاً للحماية من الأمراض والإصابات.
إن العظام القوية تحمي القلب والرئتين والدماغ من الإصابات. وتصبح عظامك مستودعاً للمعادن المهمة التي تحتاجها طوال حياتك. كما تعمل عظامك أيضاً على حماية نخاع العظم، حيث تتكون خلايا الدم البيضاء.
- بناء العظام
تبدأ العناية الجيدة بالعظام من سن مبكرة بخطوات رئيسية بسيطة، منها: النشاط البدني والتدريبات المناسبة، لزيادة أو الحفاظ على كتلة العظام والعضلات. وعمل التغييرات الغذائية الضرورية لتحسين صحة العظام، والنظر في المكملات الغذائية.
العظام مادة حية، تحتوي على أوعية دموية وأعصاب، تتكون من نوعين من الخلايا، هما: الخلايا البناءة (Osteoblasts) تبني العظام، والخلايا الهدامة (Osteoclasts) تحطم العظام القديمة أو التالفة لإفساح المجال للعظام الجديدة.
تنتج الخلايا البناءة بروتيناً يسمى أوستيوكالسين (osteocalcin) يقوي الهيكل العظمي. وما دام أن عملية تكوين العظام أو الامتصاص، هي أكبر من عملية الهدم أو الانحلال، فإن فرصة البناء هي أكبر وتكون العظام في وضع صحي. وتمتد مرحلة «نمو العظام» من الولادة وحتى سن الثلاثين تقريباً. ثم تبدأ مرحلة فقدان المعادن الطبيعية المرتبطة بالعمر وتستمر طوال الحياة. إنها عملية تتم بهدوء تام ومن دون أعراض تسرقنا عظامنا، ولا يمكن أن نشعر بها، خصوصاً في المراحل المبكرة من المرض - ومن هنا جاء اسم «السارق الصامت».
إن فقدان العظام المعتاد عند الإنسان يتسارع عند النساء أثناء وبعد انقطاع الطمث بنحو 5 إلى 7 سنوات تقريباً، ثم يعود بعد ذلك إلى معدل أبطأ قليلاً من الذي يعاني منه الرجال. ويمكن أن تفقد المرأة ما يصل إلى 35 في المائة من كثافة عظامها خلال هذه السنوات القليلة.
-- عوامل خطر
يرتكب البعض أخطاء قد تؤثر على صحة عظامهم في وقت لاحق من حياتهم، مثل:
- التدخين وشرب الكحول، التدخين وحده يزيد من معدل فقدان العظم، واستهلاك أكثر من كأسين من الشراب في اليوم للرجال وكأس واحد للنساء يمكن أن يتداخل مع قدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم، ما يبطئ تكوين عظام جديدة.
- المشروبات الغازية، تظهر الدراسات التي أجريت على الحيوانات أن الفوسفور الموجود فيها يضعف العظام عن طريق تعزيز فقدان الكالسيوم، ويُعتقد أن مشروبات «دايت» الغازية قد تكون أسوأ في تأثيراتها. وقد وجد الباحثون أن تركيزات هرمون الغدة الجاردرقية (parathyroid) في الإنسان ترتفع بقوة بعد استهلاك دايت، ما يؤدي إلى إطلاق كميات أكبر من الكالسيوم من العظام.
- عقاقير ستاتين، إن واحداً من كل 4 أميركيين في عمر 45 عاماً وأكثر يأخذ أدوية ستاتين المخفضة للكولسترول، ويمكن لهذه أن تتداخل مع وظائف فيتامين «كيه2» (K2) الخاصة ببناء العظم.
- مضادات الاكتئاب، خصوصاً التي تعمل عن طريق تغيير مستويات السيروتونين، قد تقلل من كثافة العظام، وفقاً لمراجعة حديثة للأدلة العلاجية الحالية.
- أدوية هشاشة العظام، فعقاقير البيسفوسفونات (Bisphosphonate) تؤثر في العمليات الطبيعية لإصلاح العظام عن طريق قتل الخلايا العظمية، ورغم أنها تجعل العظام أكثر كثافة، فإنها تضعف العظام التي لا تتم إعادة تشكيلها بشكل صحيح.
- عدم تحمل الغلوتين، فلن يتمكن الشخص من امتصاص المواد المغذية التي يحتاجها لصحة عظامه مهما تناول من الحبوب، وقد تم إثبات ذلك في الدراسة التي خضع فيها المشاركون لحمية غذائية خالية من الجلوتين لمدة عام واحد، فتحسنت كثافة عظامهم.
-- تمارين لصحة العظام
وفقاً لتقرير وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية بعنوان «النشاط البدني والصحة»، فإن القيام بالتمارين البدنية التالية يعتبر المفتاح الأساسي لصحة وقوة العظام:
• ممارسة نشاط بدني لما لا يقل عن 30 دقيقة، مع حمل وزن معتدل في معظم أيام الأسبوع (إن لم يكن يومياً).
• ممارسة تدريب القوة مرتين على الأقل أسبوعياً.
• ممارسة تمارين ضد الجاذبية - هدفها تقوية العظام عن طريق تحفيز خلايا بناء العظام.
•ممارسة تمارين بناء كثافة عظام الوركين كالمشي المندفع.
• رفع الأوزان باستخدام أشرطة المقاومة، واليوغا، تساعد في بناء كثافة العظام وقوتها.
• أنشطة أخرى: حمل أوزان مع المشي السريع، والتنس، وكيك بوكسينغ (kickboxing)، والركض، وتسلق السلالم، والرقص.
-- عناصر غذائية
بالإضافة إلى ممارسة الأنشطة البدنية بانتظام، فإن المحافظة على عظام سليمة وتعزيز بناء عظام جديدة قوية تتطلب تحقيق التوازن بين 4 عناصر غذائية رئيسية، هي: الكالسيوم، وفيتامين «دي» (D)، وفيتامين «كيه2» (K2)، والماغنسيوم.
إن وظائف هذه العناصر الغذائية الأربعة تتشابك وتعتمد على بعضها بعضاً من حيث القوة - ويمكن تشبيهها بعريشة العنب الملتوية المتشابكة التي لا يمكن فكها دون تدمير قوتها، فكذلك الأمر مع هذه العناصر الغذائية لا يمكن فصل مغذٍ واحد عن المجموعة دون التأثير في قوة الآخرين. فمثلا:
• يحتفظ فيتامين «دي» بتوازن الكالسيوم في الهيكل العظمي عن طريق تعزيز امتصاص الكالسيوم في الأمعاء.
• يعتمد الكالسيوم والفوسفات على فيتامين «دي» لتشكيل العظام.
• يساعد فيتامين «كيه2» في تثبيت الكالسيوم الذي تم امتصاصه في نسيج العظام بدلاً من إيداعه في داخل الأوعية الدموية حتى لا يؤدي إلى تصلب الشرايين.
• الماغنسيوم معدن مهم يحتاجه الجسم لبناء نسيج عظمي قوي.
ولنا أن نتخيل التأثيرات التي ستحدث للعظام في حال إذا كان أحد هذه المغذيات مفقوداً - أو غير موجود بالمقدار المناسب! وهذا هو الشيء الذي يمكن أن يحدث في عظامنا لسنوات كثيرة دون أن ندرك أنه يحدث وهو «السارق الصامت».
وتتطلب العظام السليمة توفير مغذيات خاصة ببناء العظام يمكننا الحصول عليها من الأطعمة التي نتناولها. فالخضار ذات الأوراق الخضراء الداكنة هي غنية بالكالسيوم، ولها تأثير قلوي في الجسم - وهاتان الخاصيتان هما سببان مهمان للدعوة لتناول كثير من الخضار الخضراء المورقة الطازجة.
أما اللحوم والحبوب، وهي مواد غذائية منخفضة في محتواها من الكالسيوم، بشكل طبيعي. فيمكن أن يكون لها تأثير حمضي سيئ على أجسامنا إذا تناولناها بكميات أكبر من اللازم. وعندما يصبح الجسم حمضياً جداً، فإنه يبدأ يطلق المعادن - بما في ذلك الكالسيوم من العظام والأسنان. وكذلك، فإن تناول البروتين بكمية قليلة يمكن أن يكون بالتأثير السيئ نفسه، لأن نقص البروتين يتداخل مع امتصاص الكالسيوم في الأمعاء. وتحتوي بعض الأطعمة الغنية بالكالسيوم على كميات كبيرة من فيتامين «كيه2» (K2) بشكل طبيعي، مثل الجبن المخمّر والزبدة من الأبقار. وأفضل مصدر لفيتامين «دي»، هو التعرض لأشعة الشمس، بما لا يقل عن 15 أو 20 دقيقة، وبمساحة كافية من الجلد المكشوف للشمس. وفي حالة عدم إمكانية الحصول على فيتامين «دي» من مصدره الطبيعي، يمكن تناول مكملات فيتامين D3 عن طريق الفم.
ويتوفر فيتامين كيه إما بشكل «K1» أو «K2»، وكلاهما مهم للصحة، ويوجد فيتامين «K1» في الخضراوات الخضراء.
- استشاري طبي المجتمع