أعلنت أنقرة أنها توصلت إلى «تفاهم وليس اتفاقاً» مع واشنطن في شأن منبج، في وقت قالت فيه وزارة الخارجية الأميركية، إن المباحثات بين الجانبين حول منبج فشلت، وواصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هجومه على الولايات المتحدة بسبب الدعم الذي تقدمه لوحدات حماية الشعب الكردية، معتبراً أن الأسلحة المقدمة لها تستهدف تركيا أو إيران؛ لأنها لا يمكن أن تستهدف روسيا وإلا قامت حرب عالمية ثالثة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن تركيا والولايات المتحدة توصلتا إلى «تفاهم وليس اتفاقاً» بشأن الوضع في مدينة منبج شمال سوريا. وأضاف في مؤتمر صحافي في أنقرة، أمس: إن بلاده سعت للاتفاق مع واشنطن بشأن من سيؤمّن منبج بعد انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية السورية من المنطقة، وأرادت تركيا أن يكون التفاهم مع الولايات المتحدة بشأن منبج، حيث تتمركز قوات أميركية إلى جنب الميليشيات الكردية، نموذجاً لجميع المناطق الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.
جاء ذلك في وقت أعلنت واشنطن في وقت سابق، أمس، فشل المحادثات الجارية مع الجانب التركي بشأن الوضع في منبج الواقعة بريف محافظة حلب شمال سوريا. وقالت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت في مؤتمر صحافي: «لم تتمكن اللجان الفنية المشكلة بين البلدين للنظر في الوضع القائم بمدينة منبج السورية، من التوصل إلى اتفاق».
وتوصلت تركيا والولايات المتحدة، خلال الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الأميركي المُقال ريكس تيلرسون، لأنقرة في منتصف فبراير (شباط) الماضي، إلى اتفاق بشأن تشكيل 3 آليات عمل مشتركة لمناقشة الخلافات القائمة بين البلدين، إحداها تختص بالملف السوري ووضع خريطة طريق حول منبج بدأت اجتماعاتها في واشنطن مؤخراً.
وقال جاويش أوغلو أول من أمس إنه سيلتقي نظيره الأميركي الجديد مايك بومبيو بعد أن يوافق الكونغرس على قرار تعيينه وزيراً للخارجية، وأن وكيلي وزارت ي خارجة البلدين سيلتقيان خلال أيام بشأن منبج.
وفي وقت متأخر من ليل أول من أمس، أجرى جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي المقال ريكس تيلرسون، لم يكشف عن تفاصيل ما دار فيه، لكن مصادر دبلوماسية رجحت أن يكون تركز حول التفاهم بين أنقرة وواشنطن بشأن منبج.
في السياق ذاته، واصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هجومه على الموقف الأميركي الداعم وحدات حماية الشعب الكردية، قائلاً: «يزعمون أنهم لن يخرجوا من منبج.. دعكم من الانسحاب إنهم لا يملكون حق الوجود أصلًا في تلك المنطقة».
وقال في خطاب أمام نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم، أمس، إنه لم يعد بالإمكان خداع تركيا بالوعود الكاذبة، وإن الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة للتنظيم الإرهابي في شمال سوريا (في إشارة إلى الوحدات الكردية) هي من أجل أن تستخدم ضد تركيا أو إيران؛ لأنه من غير الممكن أن تكون موجهة لروسيا؛ لأن ذلك يعني اشتعال حرب عالمية.
وشدد إردوغان على أن بلاده ستستمر في عملياتها العسكرية حتى تطهر حدودها الجنوبية (مع سويا والعراق) من التنظيمات الإرهابية، وأشار إلى مواصلة الجيشين التركي و«السوري الحر» عمليات تطهير محيط مدينة عفرين من «التنظيمات الإرهابية»، وذكر أن عدد المسلحين الذين تم تحييدهم منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» في عفرين وصل إلى 3698 مسلحاً.
وتابع إردوغان، إن تركيا بدأت أعمال صيانة المستشفيات والمدارس في عفرين. وشدد على أن بلاده مصممة على مواصلة الحرب ضد «التنظيمات الإرهابية» وتطهير حدودها مع سوريا والعراق، لافتاً إلى تحييد 38 من عناصر حزب العمال الكردستاني (المحظور) في شمال العراق خلال الأيام الماضية.
من جانبه، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن الذين قدّموا الدعم لـ«التنظيمات الإرهابية» في سوريا والعراق، لا يحق لهم انتقاد تركيا وعملياتها العسكرية الرامية للقضاء على الإرهابيين. وأضاف في تصريحات للصحافيين، أمس: إن تركيا ستواصل مطاردة المجموعات الإرهابية سواء داخل البلاد أو خارجها، وذلك دون انتظار إذنٍ من أحد، قائلاً: ««تم تحرير عفرين ومحيطها من العناصر الإرهابية، وكفاحنا سيستمر في هذه المنطقة حتى القضاء على كل التهديدات الإرهابية، شاء من شاء وأبى من أبى». وقال يلدريم: إن الجيشين التركي و«السوري الحر» تصرفا بحذر بالغ خلال عملية «غصن الزيتون» من أجل عدم إلحاق أي أضرار بالمدنيين، وبذلا جهوداً كبيرة لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين.
في الوقت ذاته، عبّرت الحكومة الألمانية أمس عن «قلقها المتزايد» إزاء تصرفات الجيش التركي في عفرين بشمال سوريا، وطالبت تركيا بأن تلتزم بالقوانين الدولية التي تهدف إلى حماية المدنيين، وذلك في تحذير جديد من أعمال استهدفت المدنيين في عفرين عقب سيطرت قوات عملية «غصن الزيتون» على مركزها يوم الأحد الماضي.
في غضون ذلك، يستعد بعض أهالي مدينة عفرين السورية المقيمين في قضاء ريحانلي في ولاية هطاي الحدودية مع سوريا في جنوب تركيا للعودة إلى ديارهم.
وكانت عائلات من مركز مدينة عفرين وقراها، توجّهت نحو الأراضي التركية انتظاراً لانتهاء عملية «غصن الزيتون» العسكرية واستقرت في قضاء ريحانلي والقرى المحيطة به.
وقال طلال كردوش، وهو أحد النازحين من عفرين لوكالة «الأناضول» التركية أمس، إنه اضطر إلى الجوء إلى تركيا هرباً من ظلم التنظيمات الإرهابية في عفرين، معرباً عن سعادته لدحرهم بفضل عملية «غصن الزيتون».
وأضاف كردوش، وهو أب لعشرة أولاد، إنه بات باستطاعته العودة إلى منزله في عفرين بعد تطهير المنطقة من «الإرهابيين».
إلى ذلك، قالت صحيفة «يني شفق» التركية: إن الجيش التركي حصل على سلاح نوعي بعد سيطرته على مدينة عفرين زودت به أميركا عناصر وحدات حماية الشعب الكردية، لافتة إلى أن الجيش التركي ضبط كميات ضخمة من صواريخ «تاو» النوعية التي رفضت أميركا من قبل بيعها لتركيا.
وصاروخ «تاو» من نوع «بي جي إم - 71» عبارة عن نظام صاروخي موجه سلكيّاً ضد الدبابات مضاد للدروع، وهو من صنع شركة «هيوز»، ودخل الخدمة عام 1970 في الجيش الأميركي.
في شأن آخر، انتقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، تأخر الاتحاد الأوروبي في تقديم الدعم المالي المتفق عليه ضمن اتفاق إعادة قبول اللاجئين والهجرة الموقّع بين الجانبين في 18 مارس (آذار) 2016، قائلاً إنه لم يقدم حتى ثلث المساعدات المالية التي تعهد بها من أجل اللاجئين السوريين في تركيا والبالغة 6 مليارات يورو.
في السياق ذاته، يعتزم البنك الدولي تقديم منحة إلى وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية بقيمة 55.7 مليون دولار لتوفير فرص عمل للاجئين السوريين والمواطنين الأتراك.
ونشرت الجريدة الرسمية التركية، أمس، اتفاقية مبرمة بين الوزارة التركية والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية، بشأن مشروع توفير فرص عمل للسوريين المصنفين ضمن الحماية المؤقتة بتركيا والمواطنين الأتراك.
وبموجب الاتفاقية المذكورة التي أُبرمت في 21 ديسمبر (كانون الأول) 2017، سيُقدّم البنك الدولي منحة مالية لا تتجاوز 45 مليوناً و450 ألف يورو (55.7 مليون دولار)، إلى وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية لتوفير فرص عمل للسوريين والأتراك.
أنقرة وواشنطن تختلفان إزاء تقويم نتائج محادثاتهما حول منبج
إردوغان: السلاح الأميركي إلى «الوحدات» الكردية يستهدف تركيا أو إيران
أنقرة وواشنطن تختلفان إزاء تقويم نتائج محادثاتهما حول منبج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة