لاغارد: الحرب التجارية ستهدر تضحيات الخروج من الأزمة المالية

قالت لـ«الشرق الأوسط» إن دول الخليج تشكل «منطقة وازنة» في الاقتصاد العالمي

لاغارد: الحرب التجارية ستهدر تضحيات الخروج من الأزمة المالية
TT

لاغارد: الحرب التجارية ستهدر تضحيات الخروج من الأزمة المالية

لاغارد: الحرب التجارية ستهدر تضحيات الخروج من الأزمة المالية

حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، من أن «أحداً لن يربح؛ إذا انزلق العالم نحو حرب تجارية»، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الفقراء وحدهم سيخسرون جرّاء تباطؤ النمو وفرض إجراءات وقيود حمائية على حركة التجارة الدولية». كما أشارت إلى أن بلدان الخليج تشكل «منطقة وازنة» في الاقتصاد العالمي، وإلى دور السعودية الهام في الإصدارات العالمية العام الماضي.
وعلى هامش حضورها الاجتماع الذي عقده وزراء المال وحكام المصارف المركزية للدول الأعضاء في مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، قالت لاغارد التي تدير صندوق النقد منذ سبع سنوات وسبق لها أن تولّت منصب وزيرة المال في فرنسا، إن «الحرب التجارية التي حذرّنا من نشوبها؛ إذا لم تتوافق القوى الاقتصادية على معالجة الخلل في العلاقات التجارية بالحوار، من شأنها أن تقضي على المكتسبات التي تحققت بجهد كبير للخروج من الأزمة المالية في السنوات الأخيرة»، وأضافت أن «أي انتكاسة في الوضع الاقتصادي الراهن ستكون لها تداعيات على السلم الأهلي والاستقرار في بلدان عدة بذلت جهوداً كبيرة وقدّمت تضحيات للخروج من الأزمة الأخيرة».
وعند سؤالها عن مسؤولية صندوق النقد فيما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في كثير من البلدان النامية بسبب عدد من الإصلاحات الهيكلية التي فرضها الصندوق لمساعدة تلك الدول في العقد الأخير من القرن الماضي، ردّت لاغارد بقولها: «بدأ الصندوق منذ أكثر من عشر سنوات بمراجعة داخلية مستقلة لسياساته الماضية، وأدخلنا تعديلات على مقارباتنا وتحديد شروط المساعدات وجداولها الزمنية... وارتكبنا أخطاء، خاصة في التسعينات من القرن الماضي عندما لم نحسن تقييم قدرات البلدان واقتصاداتها على استيعاب الوصفات القاسية التي كنا نقترحها».
وأعربت لاغارد عن عميق قلقها من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الأزمات المشتعلة في المنطقة العربية، وبخاصة الهجرة الكثيفة وتدنّي مستوى الخدمات الأساسية وتدمير البنى التحتية، وأضافت أن «إنهاض هذه البلدان يقتضي جهداً دولياً كبيراً، لكنه يفتح أبواباً واسعة أمام الاستثمار، ويمكن أن يشكل فرصة لإنعاش الدورة الاقتصادية واستعادة النمو وإيجاد فرص عمل». وقالت مديرة صندوق النقد إن «بلدان الخليج تشكل منطقة وازنة في الاقتصاد العالمي، ولاعبا أساسيا في حركة التجارة الدولية»، مشيرة إلى «الإصدارات الضخمة للسندات السيادية التي وضعتها المملكة العربية السعودية في الأسواق العام الماضي، مما جعل إصدارات ما يعرف بالأسواق الحدّية يتجاوز ربع الإصدارات العالمية».
ويُذكر أن الأرجنتين التي ترأس مجموعة العشرين، التي تضّم إلى جانب الاتحاد الأوروبي الاقتصادات الكبرى في العالم، وبينها السعودية، ستستضيف قمة المجموعة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بعد سلسلة من الاجتماعات التحضيرية في بوينس آيرس وبروكسل وواشنطن. وتندرج الرئاسة الأرجنتينية تحت شعار «نحو التوافق من أجل تنمية مستدامة»، مع التركيز على الاستثمار في البنى التحتية المادية والرقمية، وتحقيق الأمن الغذائي.
وتضمّ بلدان مجموعة العشرين 60 في المائة من الأراضي الزراعية في العالم، وتساهم بنسبة 80 في المائة من التجارة الدولية بالسلع الزراعية والمنتجات الغذائية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.