«عُقَد» أميركية ـ تركية أمام التفاهم على منبج

مدرعة أميركية  في قرية شمال منبج («الشرق الأوسط»)
مدرعة أميركية في قرية شمال منبج («الشرق الأوسط»)
TT

«عُقَد» أميركية ـ تركية أمام التفاهم على منبج

مدرعة أميركية  في قرية شمال منبج («الشرق الأوسط»)
مدرعة أميركية في قرية شمال منبج («الشرق الأوسط»)

بخروج ريكس تيلرسون من وزارة الخارجية الأميركية، خسرت أنقرة حليفاً سعى إلى إيجاد نقاط تقاطع، الأمر الذي سيلقي مع سيطرة الجيش التركي على عفرين بثقله على المحادثات في الساعات المقبلة بين الجانبين الأميركي والتركي، ما يزيد «العقد» إزاء التفاهم على مستقبل مدينة منبج وبحث مسودة مذكرة التعاون العسكري بينهما في الشمال السوري.
وأسفرت زيارة تيلرسون، بعد مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر إلى أنقرة الشهر الماضي، عن الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة القضايا الخلافية بين الطرفين خصوصاً ما يتعلق بالدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، وتراجع الثقة بين الطرفين.
وتتهم أنقرة واشنطن بعدم الوفاء بتعهداتها في مناسبات عدة بينها عدم سحب السلاح الثقيل من «الوحدات» بعد تحرير شرق سوريا من «داعش»، بينما تتهم واشنطن أنقرة بعدم القيام بما يكفي لـ«خنق» التنظيم عبر إغلاق الحدود السورية - التركية.
كان الرئيس رجب طيب إردوغان قد لوّح أكثر من مرة بأن قواته وفصائل سورية معارضة حليفة ستتوجه بعد السيطرة على عفرين إلى منبج وشرق نهر الفرات، حيث تقيم قوات أميركية تدعم «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم «الوحدات» الكردية. لكن الجيش الأميركي بعث ضباطاً رفيعي المستوى إلى منبج لإرسال إشارة بأن واشنطن ستدافع عن حلفائها في هذه المدينة.
وتبلغ مسؤولون أكراد من الجيش الأميركي أن منطقة عفرين ليست ضمن نطاق نفوذ واشنطن. كما تبلغوا من الجانب الروسي أن عفرين باتت أسيرة تفاهم بين موسكو وأنقرة.
وبعدما سيطر الجيش التركي وفصائل سورية معارضة على عفرين قبل يومين بموجب تفاهم مع روسيا سمح لأنقرة باستعمال القوات الجوية، أعلنت أنقرة مجدداً نية الذهاب إلى منبج وشرق الفرات.
وباتت منبج بعد تحريرها من «داعش» على أيدي «قوات سوريا الديمقراطية» ذات أهمية استراتيجية، إذ تضم قاعدة أميركية تسيّر دوريات لمراقبة مناطق التماسّ الفاصلة بين مجلس منبج العسكري المتحالف مع «سوريا الديمقراطية» من جهة، وفصائل «درع الفرات» الموالية لتركيا التي كانت مسيطرة على مناطق من منبج إلى الباب وجرابلس بين حلب وحدود تركيا. كما أقام الجيش الروسي في منطقة عريما، قرب منبج، قاعدة له تفصل منبج عن قوات النظام السوري والقوات المتحالفة معها في ريف حلب.
وضمن هذه الصورة المعقدة، سعت واشنطن وأنقرة للوصول إلى تفاهمات بعد زيارتي ماكماستر وتيلرسون. وقبل أسبوعين، اجتمع مسؤولون سياسيون وعسكريون أميركيون وأتراك في واشنطن وصاغوا مسودة للتعاون بينهما تضمنت تسيير دوريات مشتركة والتعاون الاستخباراتي والتنسيق بين خطوط التماسّ، إضافة إلى مستقبل المجلس المحلي في منبج.
وكان لافتاً، أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قد قال بعد اللقاء: «اتفقنا مع الأميركيين على تحقيق الاستقرار في منبج والمدن الواقعة شرق الفرات»، لافتاً إلى أنه كان سيلتقي تيلرسون في 19 الشهر الجاري مع «الأمل أن تتوقّف الولايات المتحدة عن تقديم الدعم للمنظمات الإرهابية»، في إشارة إلى «الوحدات» الكردية، حليفة واشنطن.
وحسب المعلومات، فإن فجوة كبيرة لا تزال قائمة بين واشنطن وأنقرة. إذ تطالب الأولى بالعمل خطوة خطوة بحيث يجري انضمام عناصر أتراك إلى الدوريات الأميركية قرب منبج، ثم تعاون تصاعدي، على أن يجري بحث إخراج «وحدات حماية الشعب» من منبج إلى شرق نهر الفرات بعد اطمئنان «الوحدات» من حلفاء تركيا من الفصائل في ريف حلب. في المقابل، طالبت أنقرة بإخراج «الوحدات» من منبج إلى شرق الفرات وتسيير دوريات مشتركة وتسليم المدينة إلى العرب، إضافة إلى إخضاع مناطق على حدود تركيا لفصائل عربية وإبعاد «الوحدات».
ولوحظ في واشنطن أن أنقرة استعجلت الإعلان عن الوصول إلى اتفاق حول منبج. وقال خبير إن الهدف «إحراج واشنطن والضغط عليها وعلى الأكراد». وسيكون هذا بين الأمور التي ستُبحث بين الطرفين في الساعات المقبلة.
وبسبب إقالة تيلرسون، سيُعقد اجتماع بين نائب وزير الخارجية أوميت يلتشن ونظيره الأميركي في واشنطن، بدل لقاء تيلرسون وتشاويش أوغلو الذي كان مقرراً، أول من أمس، وذلك على وقع تطور جديد، هو سيطرة أنقرة على عفرين وانتقاد واشنطن لذلك.
كانت الناطقة باسم وزارة الخارجية هيذر ناورت قد قالت، أول من أمس (الاثنين)، إن الولايات المتحدة «قلقة جداً» بعدما تسبب الهجوم في نزوح جماعي من عفرين، لكن عادت وقالت إن أنقرة «حليف استراتيجي» مع واشنطن ضمن «حلف شمال الأطلسي» (ناتو). ورد إردوغان، أمس: «إذا كنا شريكين استراتيجيين، عليكم احترامنا والعمل معنا». وأضاف أن الولايات المتحدة مارست «مثل ذلك الخداع» ضد تركيا بتسليحها «الوحدات» الكردية التي كانت تسيطر على منطقة عفرين.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.