ما زال الغموض يحيط بالأسباب الحقيقية التي تقف وراء سوء خدمة شبكة الإنترنت، في العراق، وانقطاعها المستمر في أوقات كثيرة عن منازل المواطنين وأغلب مرافق الدولة، إلى جانب ارتفاع أسعارها قياسا بأسعارها في دول الجوار الإقليمي للعراق وبقية أنحاء العالم.
وأثار سوء خدمة الإنترنت غضب واستياء قطاعات واسعة من العراقيين في غضون الأسابيع الأخيرة. وتشير أصابع الاتهام إلى شخصيات سياسية نافذة في بغداد وإقليم كردستان بالوقوف وراء تردي الخدمة وارتفاع الأسعار، وذلك عبر استحواذها على «شركات تجهيز السعات». ويتراوح أقل مبلغ مالي يدفعه مشتركو خدمة الإنترنت في العراق بين 35 - 50 ألف دينار عراقي (نحو 30 - 40 دولارا أميركيا). وأعلنت هيئة النزاهة نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي عن ضبط أكبر عملية سرقة لسعات الإنترنت بقيمة بلغت 47 مليون دولار، في محافظة كركوك.
وقالت الهيئة في وقتها، إن «عملية تهريب سعات الإنترنت تمت عبر الكابل الضوئي بمشروع سيمفوني ووقعت عملية الضبط في موقعي شركتي (إيرثلنك) و(IQ) التابعتين للقطاع الخاص». وكانت الحكومة الاتحادية في بغداد اكتشفت كثيرا من التجاوزات على الكابلات المملوكة للدولة في كركوك، بعد أن فرضت سلطتها في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فبادرت إلى قطع الكابلات المجهزة، واقتصار تجهيز الخدمة على حزم وزارة الاتصالات ذات السعر العالي والجودة المتدنية، لكن مصادر غير قليلة مقربة من ملف خدمة الإنترنت في العراق، تشير إلى أن عمليات التجاوز تتم في أغلب المحافظات المحاذية لدول الجوار العراقي.
ويعلق مصدر رفيع في وزارة الاتصالات على غلاء أسعار الإنترنت في حديث لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «سعر حزمة الميغا عالمياً نصف دولار، تبيعها وزارة الاتصالات إلى الشركات المجهزة بمبلغ 200 دولار أميركي لتغطية نفقات الرواتب، على اعتبار أن شركاتها تعمل على وفق التمويل الذاتي، مع عدم ضمان جودة الخدمة من قبل الوزارة».
ويشير المصدر الذي يفضل عدم كشف اسمه إلى أن «الشركات المجهزة تقوم بحفظ المواقع المهمة التي تتكرر بالتصفح من قبل المستخدمين على شكل (كاشات) وتجهزهم بها من سيرفرات محلية ضغطاً للنفقات».
وتشير تصريحات وبيانات لوزارة الاتصالات العراقية إلى أنها أوجدت الحل الجذري للمشكلة بإنشاء المشروع الوطني للإنترنت الذي اكتمل منذ أشهر، لكنها تشتكي من أن المشروع واجه معارضة شديدة من قبل بعض السياسيين المستفيدين من الشركات المجهزة الأصلية، لأنه في حال دخوله حيّز الخدمة، سيقضي على حيتان السوق. من جهته، يرى مدير عام الشبكة الدولية للمعلومات في وزارة الاتصالات علي القصاب أن مشكلة الإنترنت في العراق عموما تعود لسنوات سابقة، ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عاملان أساسيان وراء ارتفاع الأسعار وسوء الخدمة، هما ضعف البنى التحتية وغلاؤها في الوقت نفسه، مما يؤدي بالنتيجة إلى ارتفاع أسعار خدمة الإنترنت».
ويضيف: «مشكلة البنى التحتية مشخصة في تقارير الأمم المتحدة ولدينا أيضا ضعف في نقل سعات الإنترنت من خارج البلاد إلى داخلها». وإلى جانب ذلك، هناك مشكلة «سيطرة بعض أصحاب النفوس الضعيفة على سعات بطريقة غير مشروعة وبيعها بأسعار عالية، لكن الوزارة وضعت اليد على بعض تلك السرقات مؤخرا».
ويعترف القصاب بارتفاع أسعار خدمة الإنترنت في العراق بأضعاف مضاعفة مقارنة بما هو موجود في دول الإقليم والعالم، وكشف عن أن وزارة الاتصالات «قامت منذ نحو شهر بتخفيض نحو 30 في المائة من الأجور وأتوقع أن تقوم الوزارة بتخفيض آخر خلال الأشهر المقبلة».
ويشير إلى أن «قيام الوزارة بإنشاء شبكة المشروع الوطني للإنترنت، هو الحل الأمثل للمشكلة، لأنها تتحمل سعات عالية ومرتبطة بأكثر من منفذ خارجي وفيها نحو خمسة مسارات تؤمن استقرارا عاليا في خدمة الإنترنت».
وذكر القصاب، أن «المشروع الوطني اكتمل من قبل الشركة المستثمرة والوزارة في طور تسلمه رغم العراقيل والمشكلات التي وضعتها بعض الجهات النافذة، أتوقع أن تتغير خدمة الإنترنت جذريا في غضون الأسابيع القليلة المقبلة».
تراجع مستوى خدمات الإنترنت يثير غضب العراقيين
تراجع مستوى خدمات الإنترنت يثير غضب العراقيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة