مصر تبدأ تطوير «مثلث ماسبيرو»... و4 شركات سعودية وكويتية تضع خطط الاستثمار

مقترحات بإنشاء فنادق ومراكز تجارية... و3 خيارات للسكان الأصليين

أحد التصميمات المقترحة لمشروع التطوير
أحد التصميمات المقترحة لمشروع التطوير
TT

مصر تبدأ تطوير «مثلث ماسبيرو»... و4 شركات سعودية وكويتية تضع خطط الاستثمار

أحد التصميمات المقترحة لمشروع التطوير
أحد التصميمات المقترحة لمشروع التطوير

بعد سنوات من الشد والجذب والجدال والتفاوض مع الأهالي، بدأت الحكومة المصرية في هدم العشوائيات بمنطقة مثلث ماسبيرو، وهي المنطقة المجاورة لمبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون على كورنيش النيل، وذلك استعداداً لمشروع تطوير المنطقة، وتحويلها إلى منطقة استثمارية سياحية.
ويعد مثلث ماسبيرو من أغلى مناطق القاهرة، حيث يطل على نهر النيل، وتحيط به مبانٍ مهمة مثل وزارة الخارجية، ومبنى الإذاعة والتلفزيون، والقنصلية الإيطالية، وعدد من الفنادق، وبسبب انتشار العشوائيات تحول إلى واحد من الأحياء الأكثر فقراً في العاصمة المصرية، وعلى مدار السنوات الماضية وضعت الحكومات المصرية المتعاقبة خططاً عديدة لإعادة استغلال المنطقة، لكنها كانت تصطدم برفض سكانها الخروج منها، حتى إن بعض رجال الأعمال المصريين تدخلوا من قبل وعرضوا تعويضات على الأهالي، لكن كل جهودهم باءت بالفشل، لكن يبدو أن الحكومة الحالية كانت مصرة على تنفيذ المشروع بأي طريقة، ووضعت أمام السكان الأصليين مجموعة من الخيارات للخروج منها.
وتتولى وزارة الإسكان تنفيذ المشروع بالتعاون مع محافظة القاهرة، وقال المهندس مصطفى مدبولي، وزير الإسكان المصري، في بيان رسمي نهاية الأسبوع الماضي، إن: «فكرة تطوير منطقة مثلث ماسبيرو تعود إلى أكثر من 40 سنة، ‏ولم يجرؤ أحد على تنفيذها، لكننا سننفذ مخطط التطوير، ولن نتراجع عن استكمال المشروع».
وأضاف مدبولي، في اجتماعه الأخير مع ملاك العقارات بمنطقة مثلث ماسبيرو: «أمامكم 3 خيارات: إما التوقيع على ‏اتفاق بالمشاركة في أعمال التطوير مع الدولة، وإما أن تختاروا عدم الاستكمال، ووقتها نصدر قرارات لنزع الملكية طبقاً للقانون».
وبدأت الحكومة الأسبوع الماضي عمليات هدم وإزالة العشوائيات بمثلث ماسبيرو، في الوقت ‏الذي تنظر فيه محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة دعوى مقامة من عدد من سكان ‏المنطقة لإلغاء قرار محافظ القاهرة بإزالة منازلهم بمثلث ماسبيرو.‏
وتتجاوز تعويضات الأهالي، وفقاً لوزارة الإسكان، المليار جنيه، دفعت الوزارة منها 600 ألف جنيه حتى الآن، ويوضح المهندس خالد صديق، المدير التنفيذي لصندوق تطوير العشوائيات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «تعويض سكان المثلث يتم بـ3 طرق منها إعطاء الأهالي مساكن بديلة في منطقة الأسمرات، مشيراً إلى أن 439 أسرة اختارت الذهاب إلى الأسمرات، وانتقل منهم بالفعل نحو 433 أسرة، بينما اختار 3005 أسر الحصول على تعويض مادي حسب قيمة العقار، مشيراً إلى أن الوزارة تقيّم الحجرة بمبلغ 60 ألف جنيه، إضافة إلى حصول الأسرة على 40 ألف جنيه دعماً اجتماعياً»، ووفقاً لصديق فقد «تسلمت 2800 أسرة تعويضاتهم».
أما الاختيار الثالث، فهو أن يعود السكان إلى بيوتهم في نفس المنطقة بعد الانتهاء من تطويرها، «فهناك 872 أسرة اختارت العودة إلى ماسبيرو، ووقّع 700 منهم العقود الجديدة، وتحصل كل أسرة على مبلغ 40 ألف جنيه قيمة إيجار وحداتهم السكنية لمدة 3 سنوات، وهي المدة اللازمة للانتهاء من المشروع». وفقاً لصديق.
‏الوحدات السكنية ليست هي المشكلة الوحيدة في المنطقة، فمثلث ماسبيرو مليء بالمحلات والمخازن والورش، ويقول صديق: «هناك 904 محلات وورش ومخازن في المنطقة تم الاتفاق مع أصحاب 112 منها حتى الآن، ويجري التفاوض مع الباقي».
وتم تحديد سعر المتر للمحلات بما بين 3 و7 آلاف جنيه مصري، أما متر المخزن فسعره يتراوح من ألف إلى 3 آلاف جنيه، ويرى سكان المنطقة أن هذه الأسعار قليلة جداً مقارنةً بسعر المتر الحقيقي في المنطقة، والذي يبلغ وفق تقديرات السماسرة العاملين في المنطقة، ما بين 50 و100 ألف جنيه مصري، ويقدر خبراء التثمين العقاري أن قيمة الأراضي في المنطقة تبلغ 10 مليارات جنيه، وهو ما يؤكده المدير التنفيذي لصندوق تطوير العشوائيات الذي قال في معرض حديثه عن القيمة الاستثمارية للمنطقة: «قيمة الأرض في المنطقة مرتفعة جداً».
ويصف الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد بجامعة «6 أكتوبر»، لـ«الشرق الأوسط»، هذه المنطقة بـ«المثلث الذهبي»، ويقول: «هذه منطقة مميزة جداً من حيث الموقع حيث تطل على النيل، وحولها مجموعة كبيرة من الفنادق، مما يزيد من قيمتها الاستثمارية»، ويشير إلى «ارتفاع أسعار الأراضي في المنطقة نتيجة لموقعها المتميز، فقيمة العقار تحدد بموقعه».
‏وتمتلك الدولة 10% فقط من مساحة مثلث ماسبيرو البالغة 84 فداناً، وهي أرض «وابور الثلج»، ومسجد «أبو العلا»، وتنقسم 25% من الأراضي إلى مساحات صغيرة مملوكة لأفراد، والباقي تقتسمه شركتان سعوديتان وشركتان كويتيتان، إضافة إلى شركة ماسبيرو المصرية، والكنيسة الأرمنية. وتستهدف عملية التطوير 51 فداناً، يخصَّص 10 أفدنة منها لبناء مساكن بديلة لمن اختاروا العودة إلى المنطقة بعد التطوير، ويجري حالياً توقيع العقود مع كبار الملاك لبدء عملية التطوير.
ويوضح صديق أن «الاتفاق مع كبار ملاك الأراضي ينص على استقطاع جزء من أراضيهم من 15 إلى 40% من مساحة كل أرض حسب طبيعتها لتوسيع الشوارع وبناء مساكن بديلة للسكان، والباقي يعود للمالك لاستغلاله بالطريقة التي يراها»، مشيراً إلى أن هناك «خيارات أمام مالك الأرض إما أن يترك الحكومة تنفّذ المساكن للأهالي ويحصل هو على تعويض مادي، وإما أن ينفّذ هو مشروعات للأهالي بنفسه».
ويضيف صديق أن «صغار الملاك يملكون نحو 20% من مساحة المثلث، وهذه المساحات لن ينفع فيها أي نوع من الاستثمار إلا لو دخل هؤلاء في تكتلات واتحادات، أما غير ذلك فالأفضل أن يحصلوا على تعويض مادي أو يقبلوا ببديل في مدينة 6 أكتوبر».
ورغم البدء في تنفيذ مخطط التطوير وإزالة العشوائيات فإن الدولة لم تضع شروطاً لنوعية الاستثمار أو شكل المباني في المنطقة بعد التطوير، وتركت المسألة مفتوحة لرغبة المستثمرين، وإن كان القانون يحدد ارتفاعات معينة للمباني في المنطقة بحيث لا تتجاوز 36 متراً، أي دور أرضي و12 طابقاً، إلا أن المستثمر بإمكانه زيادة الارتفاعات عن طريق دفع رسوم إضافية.
وعن هذا يوضح صديق: «لن نفرض على المستثمرين نوعاً معيناً، فجميع الخيارات متاحة، وإن كانت المنطقة مؤهلة لبناء فنادق أو شقق فندقية»، ويقول إن «الشركتين السعوديتين تمتلكان 23 ألف متر مربع، بينما تمتلك الشركتان الكويتيتان 52 ألف متر مربع، وتعمل الشركات الأربع، على وضع خطط للاستثمار في المنطقة بعد إخلائها من العشوائيات».
بينما يرى عبد العظيم أن على الحكومة تحديد أنواع الاستثمارات التي تحتاج إليها المنطقة، ويشير إلى أن «المنطقة ستكون ملائمة لاستثمارات في مجال الفنادق والسياحة والمراكز التجارية، والمطاعم».
ومن المقرر أن ينتهي المشروع في 3 سنوات، وتنتظر الحكومة المصرية أن يبدأ المستثمرون في تنفيذ مشروعات مهمة على الأراضي خلال نفس الفترة، لكنها لم تضع أي جدول زمني للمستثمرين حتى الآن.
ويشمل المخطط المقترح للمشروع وفقاً لموقع هيئة المجتمعات العمرانية إنشاء حي سكني متميز، وأنشطة سياحية وترفيهية ومبانٍ إدارية، وصالات عرض ومتاحف، ومساحات خضراء، ومسارات مشاة، وجراجات وأماكن لانتظار السيارات.


مقالات ذات صلة

عضو في «بنك كوريا»: تأجيل خفض الفائدة ضروري لمنع ارتفاع أسعار العقارات

الاقتصاد مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)

عضو في «بنك كوريا»: تأجيل خفض الفائدة ضروري لمنع ارتفاع أسعار العقارات

أكد عضو مجلس إدارة «بنك كوريا»، تشانغ يونغ سونغ، أنه يجب تأجيل أي تخفيض في أسعار الفائدة؛ لمنع مزيد من الارتفاع في أسعار العقارات.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد جناح «رتال» في معرض «سيتي سكيب ‬⁩العالمي 2023» في الرياض (موقع الشركة الإلكتروني)

«رتال» العقارية توقع اتفاقيتين مع «الوطنية للإسكان» بـ252 مليون دولار

وقعت شركة «رتال للتطوير العمراني» السعودية، اتفاقيات مشروطة ﻣﻊ «الشركة الوطنية للإسكان»، التي تعد الذراع الاستثماري لمبادرات وبرامج وزارة الشؤون البلدية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد أحد المشاريع السكنية التابعة لوزارة البلديات والإسكان (الشرق الأوسط)

النمو السكاني يدفع أسعار العقارات السعودية إلى الارتفاع الربعي الخامس عشر منذ 2021

واصلت أسعار العقارات في السعودية سلسلة ارتفاعاتها للربع الخامس عشر على التوالي، منذ مطلع 2021.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد جانب من «القمة العالمية للبروبتك» في الرياض (الهيئة العامة للعقار)

الهيئة العامة للعقار تطلق «مركز بروبتك السعودية» لتعزيز التحول الرقمي

يُتوقع أن يكون «مركز بروبتك السعودية» الذي أطلقته الهيئة العامة للعقار، قناة أساسية للابتكار في التقنيات العقارية ومحركاً رئيسياً يدفع عجلة الابتكار.

زينب علي (الرياض)

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

TT

ورشة عمل تدعو لمزيد من المرونة في التشريعات والأنظمة لمواكبة الواقع العقاري

نظمت غرفة الرياض؛ ممثلة باللجنة العقارية، وبالتعاون مع مجلس الغرف السعودية، الأربعاء، ورشة عمل مختصة بحصر التحديات التي تعترض تطور القطاع العقاري وتحدّ من إنتاجيته، مقدمة عدداً من الحلول للعراقيل التي تواجهه، بحضور مندوبين عن وزارة الإسكان والهيئة العامة للعقار وهيئة السوق المالية، وذلك بمقر الغرفة.
وبين عائض الوبري، عضو مجلس الإدارة رئيس اللجنة العقارية بالغرفة، أن الورشة تأتي لبحث سبل تعزيز برامج «رؤية المملكة 2030»، وذلك بعد توجيه مسار التحديات نحو تحديد المعوقات التي تواجه القطاع الخاص بشكل منفرد، ثم توجيهه نحو العوائق التي تواجه القطاع الخاص مع الجهات الحكومية وتحديد الحلول اللازمة لها بالتنسيق مع «المركز الوطني للتنافسية».
وتناولت الورشة، بحضور عدد من المستثمرين العقاريين والمهتمين، 4 محاور؛ شملت السياسات والأنظمة المتعلقة بالتشريعات، والتنافسية بين القطاعين العام والخاص، والرسوم الحكومية والضرائب، والكوادر البشرية وسياسات التوطين، حيث ناقشت الورشة من خلال حضورها كل محور منها على حدة، وقدمت فيه عدداً من الحلول المقترحة.
وأشار الحضور من المستثمرين العقاريين إلى أن التشريعات والأنظمة بحاجة لمزيد من المرونة ومواكبة الواقع العقاري وحاجته لتسريع أعماله والنظر في لائحة المكاتب العقارية، مشيرين لتأثره بالقرارات المفاجئة. وفي ذلك أشار مندوب وزارة الإسكان إلى أن الوزارة تراجع التشريعات العقارية وعلاقتها بالأنظمة الأخرى، مؤكداً حاجتها للتعديل، وقال إن الوزارة تعمل على ذلك وأنها ستصدر دليلاً كاملاً للمطورين.
وفي محور الرسوم الحكومية، طالب قطاع الأعمال بالنظر في ارتفاع الرسوم، فيما أكدوا عبر محور التنافسية بين القطاعين العام والخاص وجود تنافس من خلال القطاع العقاري التجاري؛ بينما من حيث الإسكان فهو علاقة تكاملية، مشيرين لأهمية تفعيل دور «المركز الوطني للتنافسية» لإيجاد حدود واضحة لماهية هذه التنافسية وتأثيرها على القطاع الخاص العقاري، فيما طالبوا بمنع الأجنبي من العمل في الشركات العقارية، وذلك فيما يختص بمحور الكوادر البشرية وسياسات التوطين.