برنامج البناء الذاتي يساهم في زيادة تملك السعوديين للمساكن

مختصون قالوا إن كثيرين يفضلونه لاعتبارات مالية وفنية

تشهد السوق العقارية السعودية انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار لمستويات معقولة تماشياً مع الطلب (تصوير: خالد الخميس)
تشهد السوق العقارية السعودية انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار لمستويات معقولة تماشياً مع الطلب (تصوير: خالد الخميس)
TT

برنامج البناء الذاتي يساهم في زيادة تملك السعوديين للمساكن

تشهد السوق العقارية السعودية انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار لمستويات معقولة تماشياً مع الطلب (تصوير: خالد الخميس)
تشهد السوق العقارية السعودية انخفاضاً ملحوظاً في الأسعار لمستويات معقولة تماشياً مع الطلب (تصوير: خالد الخميس)

توقع مختصون أن يشهد القطاع العقاري خلال الفترة المقبلة، زيادة في عدد الذين يتجهون لبناء منازلهم بأنفسهم، أو ما يعرف بـ«البناء الذاتي»، وذلك بعد إقرار برنامجي «البناء الذاتي» و«ضمانات التمويل المدعوم»، مشيرين إلى أن هناك عدداً كبيراً من المواطنين يفضلون «البناء الذاتي» على شراء منزل جاهز، لاعتبارات مالية وفنية، فضلاً عن الرغبة في التأكد من نوعية المواد الخام الداخلة في عملية البناء.

ويصف المطور العقاري حاتم الحسني إقرار برنامجي «البناء الذاتي» و«ضمانات التمويل المدعوم» بأنه خطوة وثابة، نحو إيجاد حلول عاجلة لتمكين المواطن من الحصول على السكن في السعودية، وقال: «انظر إلى هذين البرنامجين على أنهما من أهم القرارات التي يشهدها القطاع العقاري هذا العام، ومن المتوقع أن يثمرا عن نتائج إيجابية في تأمين عدد وافر من المنتجات السكنية المطلوبة للمواطنين، الأمر الذي يساند جهود وزارة الإسكان في توفير منتجات الدعم السكني».
وقال الحسني: «لا أبالغ إذا أكدت أن برنامج البناء الذاتي، كان مطلبا مهما للعديد من المواطنين، كما أنه يعتبر أحد الخيارات التمويلية الجديدة لمستفيدي التمويل المدعوم، وفي الوقت نفسه، من المنتظر أن يخدم برنامج «ضمانات التمويل العقاري» عددا كبيرا من المواطنين، ممن هم على قوائم الصندوق العقاري وغيرهم.
وأضاف الحسني: «اعتماد هذين البرنامجين من شأنه أن يزيد من الخيارات العقارية أمام المواطن، الذي كان في وقت سابق، يجد نفسه مدفوعا لخيار شراء منزل جاهز، بدلا من خيار البناء الذاتي، حتى يستفيد من برامج التمويل التي يقدمها الصندوق العقاري للمنازل الجاهزة، بالشراكة مع المصارف السعودية. أما اليوم، فيستطيع المواطن أن يجد التمويل العقاري المناسب، للخيارات الثلاثة، سواء عند شراء منزل جاهز، أو شراء مبنى تحت الإنشاء، أو عند البناء الذاتي، والخيار الأخير يحمل مزايا عدة، أهمها على الإطلاق، أن يطمئن المواطن إلى نوعية المواد الخام التي تدخل في بناء منزله، فضلا عن التحكم في الرسم الهندسي للمنزل، ومراعاة احتياجاته في هذا الرسم قبل بناء المنزل، بجانب توفير بعض الأموال التي كانت تذهب للمقاول الذي يتبنى بناء المنزل».
ومن جانبه أكد العقاري خالد المبيض أن «تحولا جوهريا بدأ يطرأ على عمليات «البناء الذاتي» في البلاد، ويقول: إقرار برنامجي «البناء الذاتي» و«ضمانات التمويل المدعوم»، في اعتقادي خطوة مهمة طال انتظارها، لتحفيز المواطنين على المساهمة في زيادة عدد المنتجات العقارية. وأضاف: «الإقبال على البناء الذاتي في وقت سابق، كان قليلا إلى حد ما، ويرجع ذلك إلى تعقيدات متطلبات هذا البناء، من إجراءات رسمية طويلة من عدة جهات حكومية، والتزامات تحتاج إلى خبرات كبيرة، وجهد مضن من المواطن».
ويتابع المبيض: «يجب أن نعي أن البناء الذاتي كان منتشراً في السابق أكثر مما كان عليه الوضع اليوم، وذلك عائد إلى أن غالبية المواطنين كانوا يملكون أراضي سكنية صالحة للبناء، بسبب وفرة المخططات السكنية المخدومة... أما اليوم، فنسبة من يملك أرضا سكنية صالحة للسكن محدودة، وبالتالي يميل الأغلبية إلى شراء منزل جاهز، ليستفيد من برامج التمويل التي توفرها وزارة الإسكان، ممثلة في صندوق التنمية العقارية، بالشراكة مع البنوك السعودية».
وقدر المبيض نسبة المواطنين الذين يرغبون في شراء سكن جاهز بـ75 في المائة، و25 في المائة لمن يرغبون في البناء الذاتي. وقال: «لا شك أن البناء الذاتي له إيجابيات، من أهمها بناء مسكن يلائم حاجة العائلة، وذلك بسبب إمكانية التصميم من البداية ولكن من أهم سلبياته، الوقت الكبير الذي يستغرقه البناء بسبب قلة الخبرة لدى المواطن، فضلا عن الأخطاء التي قد تحصل أثناء البناء، بسبب قلة الخبرة، وما قد يتعرض له من بعض المقاولين الذين لا يملكون الكفاءة ولا ذمة سليمة». ورأى المبيض أن «عمليات البناء الذاتي ستشهد خلال الفترة المقبلة زيادة ملحوظة، إذ إنها ستكون أحد الخيارات المطروحة أمام المواطن الحالم بامتلاك منزل العمر».



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».