عباس يتهم «حماس» بمحاولة اغتيال الحمد الله ويعلن إجراءات ضد غزة

قال إن أفعال «سلطة الأمر الواقع» في القطاع تؤدي إلى {حرب أهلية}... وهاجم السفير الأميركي «المستوطن»

عباس خلال اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في يناير الماضي (أ.ب)
عباس خلال اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في يناير الماضي (أ.ب)
TT

عباس يتهم «حماس» بمحاولة اغتيال الحمد الله ويعلن إجراءات ضد غزة

عباس خلال اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في يناير الماضي (أ.ب)
عباس خلال اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني في يناير الماضي (أ.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه قرر اتخاذ إجراءات «وطنية وقانونية ومالية» ضد قطاع غزة، متهماً حركة «حماس» بالوقوف خلف محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج في غزة الأسبوع الماضي.
وقال عباس في مستهل اجتماع للقيادة الفلسطينية أمس: «بصفتي رئيساً للشعب الفلسطيني وبعدما تحملت ما تحملت في طريق المصالحة مع حماس قررت اتخاذ الإجراءات الوطنية والمالية والقانونية ضد غزة من أجل المحافظة على المشروع الوطني». وأضاف: «استهداف الحمد الله وفرج لن يمر، وحماس هي التي تقف وراء هذا الحادث».
وأكد عباس حرص دولة فلسطين وحكومتها على «مصالح شعبنا في قطاع غزة»، معبراً عن ثقته بأن «أبناء شعبنا في غزة سيتفهمونها (الإجراءات العقابية)». وأضاف: «إما أن نتحمل مسؤولية كل شيء في قطاع غزة وإما تتحمله سلطة الأمر الواقع».
ورفض عباس مصطلح طرفي الانقسام، مضيفا: «لا يوجد طرفا انقسام، بل هناك طرف واحد يكرس الانقسام ويفرض سلطة أمر واقع غير شرعية».
وهاجم عباس حركة «حماس» بقوة قائلا إن «نتيجة مباحثات المصالحة مع حماس هي محاولة اغتيال الحمد الله وفرج». وأضاف: «لو نجحت عملية اغتيال الحمد الله وفرج لكانت نتائجها كارثية على شعبنا وأدت لقيام حرب أهلية». وأردف أن «الإسلام بريء من حركة حماس وقادتها، كما أن انقلابها الذي نفذته في العام 2007 لم يكن مبرراً».
واتهم عباس «حماس» بالعمل على السيطرة «تحت الأرض» في غزة، مضيفاً أن «أفعالك (حماس) معيبة. قبلنا المصالحة وذهبنا لغزة، والنتيجة كانت عملية اغتيال». وتابع: «قائد حماس في غزة يحيى السنوار قال لنا في القاهرة: إذا كان عندنا 4 أنفاق فستصبح 100. والصواريخ ستصبح بالآلاف، وأخبرتنا حماس أن فوق الأرض للحكومة وتحت الأرض لنا».
وهاجم عباس أيضاً السفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فرديمان، قائلاً إنه «مستوطن يعيش في مستوطنة».
وجاءت قرارات عباس بعد تصاعد الحرب الكلامية بين حركتي «فتح» و«حماس» قبيل الكشف عن نتائج التحقيق في محاولة اغتيال الحمد الله وفرج، متضمناً كذلك تشكيكاً في الجهات التي تقف خلف المحاولة ونتائج التحقيقات المرتقبة.
وكان جمال محيسن، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، أعلن سلفاً عن إجراءات ستتخذها القيادة الفلسطينية، بعد محاولة الاغتيال، قائلاً: «ستكون هناك إجراءات تناسب ما حدث من اعتداء وهناك خطوات ستتخذ، ولن يمر ما حدث مرور الكرام والإجراءات والقرارات ستكون عبر الحكومة الفلسطينية». واتهم محيسن «حماس» بعدم تقديم معلومات دقيقة حول محاولة الاغتيال.
وإعلان عباس عقوبات جديدة على غزة، بعد الإجراءات التي طالت رواتب موظفين وإعفاءات ضريبية، جاء في وقت شن فيه الإعلام الرسمي للسلطة هجوماً على أسلوب التحقيق الذي تتبعه «حماس» بشأن حادثة الاغتيال. وشكك التلفزيون الرسمي الفلسطيني في نتائج التحقيق سلفاً بسبب أن «حماس» تتجاوز «الشرعية» في إجراءاتها المتعلقة بطلب بيانات وتسجيلات لأشخاص من شركات اتصالات من دون قرار من النائب العام في رام الله.
وكانت «حماس» أغلقت المقر الرئيسي لشركة «الوطنية موبايل» القطرية، على خلفية التحقيقات في تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله.
وقال مدير عام قوى الأمن الداخلي في قطاع غزة اللواء توفيق أبو نعيم إن الشركة أغلقت بقرار من النيابة العامة لعدم تعاونها في مجريات التحقيق في محاولة الاغتيال. ولم تستجب الشركة لكتاب من النائب العام في غزة لكشف سجلات مكالمات وتسجيلات وأسماء مشتبهين في قضية محاولة الاغتيال، وطلبت الشركة كتاباً رسمياً من النائب العام في رام الله. ولا تعترف السلطة بالنائب العام الموجود في غزة باعتباره تابعا لـ«حماس» وتم تعيينه من نظام غير معترف به.
ومع التشكيك الفلسطيني الرسمي والإعلامي المسبق بنتائج التحقيق، هاجمت «حماس» السلطة الفلسطينية وحركة «فتح»، وألمحت إلى تورطهما بشكل أو بآخر في التخطيط لمعاقبة غزة. وقال سامي أبو زهري القيادي في «حماس» إن تهديدات جمال محيسن باتخاذ «إجراءات رادعة» ضد غزة «تؤكد أن مسرحية تفجير موكب الحمد الله تأتي ضمن مخطط مشبوه لخنق غزة». وقال أبو زهري إن «على محيسن أن يدرك أن غزة لن تنكسر لجرائم قيادة فتح وأن لغة الاستعراض والفوقية لن تفلح في تغطية حقيقتهم الملوثة بعار التعاون الأمني مع الاحتلال».
كما شن الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم، هجوماً تشكيكياً آخر، قائلا إن «من خطط لحادثة تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمد الله في شمال القطاع كان يهدف إلى مفاقمة معاناة سكان غزة وأهلها الصامدين بفرض مزيد من العقوبات عليهم ومن يقرر الانفصال بالضفة عن الوطن».
وأضاف برهوم في تصريح أن «غزة لن تكون ضحية التنافس بين مسؤولي السلطة الفلسطينية من أجل صناعة أمجاد وهمية وإرضاء الاحتلال الإسرائيلي».
وجاءت قرارات الرئيس عباس أمس على رغم اتصال هاتفي مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وأكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس السيسي طلب من عباس تهدئة الأمور واحتواء محاولة الاغتيال والمضي بالمصالحة الفلسطينية لتوحيد الوطن. وبحسب المصادر فإن تدخل الرئيس السيسي قبل اجتماع القيادة الفلسطينية جاء لنزع فتيل مواجهة متصاعدة، وتجنب تعقيدات محتملة إذا ما اتخذت القيادة إجراءات إضافية ضد غزة.
وأوضحت المصادر أن الوفد الأمني المصري الذي يتنقل بين غزة والضفة يبذل جهداً في هذا الإطار ومطلع على سير نتائج التحقيقات ويسعى كذلك لعدم تفجر الموقف سواء قبل إعلان النتائج أو بسببها.
وكانت الفصائل الفلسطينية دعت عباس، أمس، إلى عدم اتخاذ أي إجراءات تصنف كعقوبات ضد غزة. وقال القيادي في «الجهاد الإسلامي» خالد البطش في أعقاب لقاء عقدته الفصائل في مكتب قائد «حماس» بغزة يحيى السنوار: «نناشد الرئيس عباس عدم اتخاذ أي عقوبات ضد غزة تصب في إطار العقوبات على خلفية محاولة اغتيال رئيس الوزراء».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».