أعلنت القاعدة العسكرية الروسية في حميميم، أمس، خروج أكثر من 73 ألف شخص من الغوطة الشرقية لدمشق عبر معابر أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية، في وقت عبر مواطنون في العاصمة السورية عن رضاهم عن توقف سقوط قذائف.
وقالت القاعدة الروسية على صفحتها في «فيسبوك»، أمس: «في 18 مارس (آذار) خرج أكثر من 25000 شخص عبر معبر حمورية في الغوطة الشرقية وما زال مركز المصالحة الروسي مستمراً في عمله مع الحكومة السورية والمنظمات الدولية في تسوية الأزمة السورية بطريقة سلمية وتطبيع الأوضاع الإنسانية في البلاد ومراعاة قرار 2401 مجلس الأمن للأمم المتحدة».
في موازاة ذلك، يترقب السكان الذين أرهقهم «كابوس» القذائف بفارغ الصبر، انتهاء معارك الغوطة الشرقية، آخر معاقل مقاتلي المعارضة في ريف دمشق، في وقت يتواصل منذ أسابيع الهجوم العنيف الذي تشنه القوات الحكومية على المنطقة.
في جرمانا، يقفز رواد شحادة (28 عاماً) فوق حفرة خلّفتها القذيفة التي أودت بحياة صديقه كريم، ويشير إلى جدار بعيد قائلاً لوكالة الصحافة الفرنسية: «كل الجدران باتت مليئة بصور الشهداء، وعندما تُرفع صورة جديدة أخشى أن أنظر إليها، أخاف أن أجد أحداً أعرفه».
ومنذ بدء الهجوم في 18 الشهر الماضي، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 48 مدنياً بينهم 10 أطفال جراء قذائف تطلقها الفصائل على دمشق وضواحيها.
في الغوطة الشرقية، تسبب القصف الجوي والمدفعي من قوات النظام بمقتل 1420 مدنياً منذ بدء الهجوم. ومنذ سنوات، يرد مقاتلو المعارضة في ريف دمشق على القصف الذي يستهدفهم بإطلاق قذائف صاروخية على أحياء في العاصمة وفي جوارها.
وترفع رؤى (30 عاماً)، العاملة في منظّمة إنسانية، صوت الموسيقى عالياً في منزلها في شرق دمشق في محاولة لتجاهل أصوات الاشتباكات على بعد مئات الأمتار. وتقول إنها قررت أيضاً عدم متابعة الصفحات الإخبارية على حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكن هروبها من الواقع المأساوي لا يستمر طويلاً. وتقول: «أهرب من الحرب وتفاصيلها لكننا نعيش فيها وتلحق بي أينما ذهبت». وتضيف «أصوات الانفجارات طوال الليل والنهار، سائق التاكسي يستمع إلى نشرات الأخبار، الناس في الشارع تتحدّث عن القذائف، وسيارات الإسعاف تحمل الجرحى إلى المشفى المجاور على مدار الساعة».
على غرار رؤى، تحاول زين خزام (27 عاماً) تجاهل الأخبار، لكن ذويها القاطنين في حلب يترقبون انتهاء العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية بفارغ الصبر للاطمئنان على ابنتهم.
وتروي المسعفة في منظمّة إغاثية: «أصبحت أمّي تطلب منّي أن أرسل إليها نقطة فقط على (تطبيق) واتساب كل ساعة، كي تطمئن أنني على قيد الحياة». أما كنانة (34 عاماً) فتتابع أخبار المعارك بشكل منتظم خوفاً على ابنها الوحيد ميّار الذي لم يتجاوز عمره 4 سنوات. وتقول: «أتمنّى أن تنتهي هذه الحرب المجنونة قبل أن يكبر ابني أكثر، لا أريده أن يعيش ما عشته، وليس لديّ جواب إذا سألني لماذا يحصل هذا كلّه».
وتقطن كنانة في شرق دمشق، الأقرب إلى الغوطة الشرقية، وتروي: «أصوات الانفجارات تختلط في منطقتنا، أستطيع تمييز صوت انفجار الهاون من انفجار المدفعيّة، أشعر أنه تنافس بين الصوتين». وتضيف: «أتخيّل أحياناً أنه سباق، وأتمنّى لو يسبق الجيش ويُنهي حالة الهاون العشوائي».
وبقيت دمشق طوال سنوات النزاع بمنأى نسبياً عن المعارك العنيفة والدمار الذي لحق بمدن رئيسية عدة في سوريا. إلا أنها تعرضت لقصف من الفصائل المعارضة أودى بحياة المئات، ولتفجيرات تبنى معظمها تنظيم داعش.
كان الرئيس السوري بشار الأسد قد زار قواته في الغوطة الشرقية، أول من أمس (الأحد)، بعد أن تقدمت وباتت تسيطر على أكثر من 80 في المائة من المنطقة. وتوجه لهم بالقول: «أهالي دمشق أكثر من ممتنين لكم وسيذكرون هذا الأمر لعشرات السنين وربما لأولادهم، كيف أنقذتم مدينة دمشق».
في المدينة القديمة، في حي باب توما الشهير بالمقاهي والمطاعم الشعبية والبيوت الدمشقية القديمة، ألغت مطاعم عدة برامجها الترفيهية بسبب نقص الزبائن.
وتتصاعد سحب الدخان من جوبر وعين ترما ويمكن رؤية الطائرات الحربية بوضوح وهي تقصف المنطقة. ويتجمّع العاملون في المقهى الذي بات شبه خالٍ من الزبائن، يومياً لمتابعة نشرة الأخبار.
ويقول ملحم الذي يضع على رأسه قبعة صغيرة: «أغلقت الكثير من المحلات أبوابها، بعدما هرب الزبائن خوفاً من القذائف، لكنني سأصبر ريثما تنتهي عمليات الجيش، حينها سيعود كلّ شيء إلى ما كان عليه».
تهجير 73 ألفاً من الغوطة... وسكان دمشق يترقبون انتهاء المعارك
تهجير 73 ألفاً من الغوطة... وسكان دمشق يترقبون انتهاء المعارك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة