مخاوف من معارك وشيكة في طرابلس

السويحلي يتهم مجدداً قوات تابعة لحفتر بمحاولة اغتياله

مؤيدون للمشير خليفة حفتر في مدينة بنغازي في ديسمبر الماضي (رويترز)
مؤيدون للمشير خليفة حفتر في مدينة بنغازي في ديسمبر الماضي (رويترز)
TT

مخاوف من معارك وشيكة في طرابلس

مؤيدون للمشير خليفة حفتر في مدينة بنغازي في ديسمبر الماضي (رويترز)
مؤيدون للمشير خليفة حفتر في مدينة بنغازي في ديسمبر الماضي (رويترز)

كشفت مصادر مطلعة في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» عن مخاوف من حدوث مواجهات جديدة بين الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المدينة، في وقت قال وزير الدفاع الليبي السابق محمد البرغثي إن ضباطاً مشاركين في الاجتماعات الرامية إلى توحيد المؤسسة العسكرية الليبية في القاهرة سعوا إلى إقناعه بقبول منصب مساعد القائد الأعلى للجيش في حال التوصل إلى اتفاق نهائي.
وقال مسؤولان أحدهما عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن ما «يعرف باسم كتيبة البقرة التي يقودها بشير البقرة تقوم حالياً بحشد عناصرها وآلياتها العسكرية في طرابلس، استعداداً على ما يبدو لخوض جولة جديدة من المعارك ضد ميليشيات منافسة لها موالية لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج وتحظى بدعم بعثة الأمم المتحدة».
ورجح المسؤول العسكري «وقوع اشتباكات في طرابلس، خلال أيام، وذلك بناءً على رصد حشد كبير لميليشيا البقرة، والتي على الأغلب تستعد للهجوم على قاعدة معيتيقة المنفذ الجوي الوحيد لغرب ليبيا»، لافتاً إلى أن «هذه الميليشيا تضم مقاتلين متطرفين هاربين من المنطقة الشرقية بالإضافة إلى آخرين من المنطقة الغربية».
وتحدث مسؤول أمني آخر عما وصفها بمعلومات عن قيام ميليشيات البقرة في معقلها بضاحية تاجوراء بالضاحية الشرقية لطرابلس، بتجميع الآليات والأفراد في أماكن محددة، مضيفاً أن «لديهم ورشة تعمل كل الوقت لتصفيح الآليات... هذه تحركات غير عادية».
واعتبر المسؤول الذي طلب عدم تعريفه أن هذه التحركات ربما تستهدف خلط الأوراق أكثر وإفشال المساعي الرامية إلى توحيد الجيش في ختام الاجتماعات التي ترعاها السلطات المصرية في القاهرة بين ضباط ليبيين يمثلون مختلف المناطق العسكرية. في غضون ذلك، حذرت مديرية أمن طرابلس مما وصفتها بمحاولات «دنيئة تهدف إلى غرس الفتن والمحاولات الخبيثة لزعزعة الأمن من خلال استغلال حق التظاهر وحاجات المواطن البسيط لتحقيق مآربهم». وقالت، في بيان، إن «من واجب الجميع التصدي لتلك المؤامرات بسد الطريق أمام كل حاقد».
وكان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق، قد أصدر منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، قراراً بحل الكتيبة 33 مشاة التي يقودها بشير البقرة عقب هجوم شنته على كتيبة ثوار طرابلس وقوة الردع الخاصة التابعة لوزارة الداخلية الليبية في محيط مطار معيتيقة بالعاصمة، ما أدى إلى سقوط عشرين قتيلاً على الأقل وإغلاق المطار وإصابة طائرات بأضرار خلال محاولة فاشلة لتهريب متشددين من سجن مجاور. ومعيتيقة قاعدة جوية عسكرية قرب وسط طرابلس وبدأت تتعامل مع الرحلات المدنية بعد أن أصبح المطار الدولي خارج نطاق الخدمة في 2014 كما يوجد سجن مجاور تحتجز فيه قوة الردع نحو 2500 شخص بينهم محتجزون يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم داعش.
إلى ذلك، قال محمد البرغثي وزير الدفاع الليبي السابق لـ«الشرق الأوسط» إنه تلقى اتصالات من ضباط ليبيين - رفض تعريفهم - مشاركين في الاجتماعات التي بدأت في العاصمة المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، بهدف إقناعه بقبول منصب مساعد القائد الأعلى للجيش الليبي فائز السراج رئيس حكومة الوفاق في حال إبرام اتفاق نهائي على توحيد الجيش.
وبدأت في القاهرة برعاية اللجنة الوطنية المصرية المعنية بليبيا، جولة مفاوضات هي السادسة من نوعها منذ أشهر بين اللواء عبد الرحمن الطويل، رئيس الأركان المكلف من المجلس الرئاسي لحكومة السراج، والفريق عبد الرازق الناظوري، رئيس أركان الجيش الوطني الليبي.
وقال البرغثي: «اتصل بي ضباط من المشاركين في اجتماع القاهرة، لسؤالي عن رأيي حول إعادة تشكيل الجيش واقتراح شخصين كمعاونين للقائد الأعلى السراج منهم أنا (البرعثي) عن شرق ليبيا وناجى مختار عن الجنوب». واعتبر أن البلاد في حاجة إلى مؤسسة عسكرية موحدة. وأضاف: «لا يمكن أن تقوم دولة في ظل جيش منقسم وثلاث حكومات وبرلمانين، ولا بد أن تنتهي هذه المهازل ويتوحد الجيش في ظل حكومة واحدة تهيئ لانتخابات رئاسية وبرلمانية واستفتاء على الدستور».
لكن مصادر في وفد الجيش الوطني الذي يقوده المشير خليفة حفتر نفت لـ«الشرق الأوسط» في المقابل صحة مقترح متداول منذ أول من أمس يقصي المشير حفتر عن قيادة الجيش ويعيّن السراج قائداً أعلى مع تعيين نائبين له. وقال مسؤول عسكري إن «الجانب المصري لم يقدم رسمياً أي مقترح بتعيين أشخاص، ولم يطلب من المشاركين في اجتماعات القاهرة الانحياز لطرف على حساب الطرف الآخر».
وعلى الرغم من حالة التفاؤل التي تسود أروقة اجتماعات القاهرة، صدرت أصوات معارضة لها في مصراتة ومن قياديين في عملية البنيان المرصوص التي تشنها قوات موالية لحكومة السراج على تنظيم داعش في ضواحي مدينة سرت الساحلية.
لكن حكومة السراج سعت إلى احتواء أزمة سببتها تصريحات مناوئة لهذه الاجتماعات أطلقها العميد محمد الغصري الناطق باسم وزارة الدفاع في الحكومة والذي يشغل أيضاً منصب الناطق باسم عملية البنيان المرصوص. وأصدر أوحيدة عبد الله وكيل وزارة الدفاع قراراً مفاجئاً بإلغاء تكليف الغصري كناطق باسم الوزارة، علماً بأن الأخير كان قد اعتبر في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس أن اجتماعات القاهرة غير مجدية وليست شفافة، قبل أن يطالب بنقلها إلى داخل ليبيا.وللمرة الثانية اتهم عبد الرحمن السويحلي، رئيس المجلس الأعلى للدولة في طرابلس، عصابة مسلحة خارجة عن القانون تابعة لعملية الكرامة، بمحاولة اغتياله أثناء زيارته مدينة يفرن يوم الأربعاء الماضي. وهذا هو أحدث اتهام من نوعه يوجهه السويحلي إلى عملية الكرامة التي أطلقها المشير حفتر ضد المتطرفين قبل نحو أربع سنوات في شرق البلاد.
من جهته، قال محمد السلاك الناطق باسم حكومة السراج إن مفاوضات القاهرة لهدف توحيد الجيش الليبي «تسير بشكل إيجابي وجيد حتى الآن».
وأضاف في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس أن «المفاوضات لا تزال مستمرة»، معتبراً أن «من المبكر الحديث عن نتائج نهائية على الرغم من التقدم الذي أحرزته الأطراف المفاوضة من الضباط العسكريين». لكنه شدد في المقابل على «أهمية أن تكون القيادة العسكرية للجيش تحت السلطة المدنية»، وقال إن السراج على «يقين كامل بأن كافة الأطراف المشاركة في الاجتماعات، على قدر كاف من المسؤولية والجدية نحو توحيد المؤسسة العسكرية، من أجل مواجهة كافة التحديات التي تواجه ليبيا، وعلى رأسها تحديات الإرهاب».
إلى ذلك، أعربت وزارة الدفاع بحكومة السراج عن أسفها ورفضها القاطع لعملية الاختطاف التي تعرض لها المدعي العام العسكري للجيش الليبي اللواء مسعود رحومة يوم الخميس الماضي بالقرب من منزله في طرابلس. وطالبت الوزارة في بيان الخاطفين بالإفراج الفوري عنه، وحذرت من «عواقب هذه الأفعال المرفوضة شرعاً وقانوناً».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.