انقسام حاد في مجموعة العشرين حول ضرائب عمالقة الإنترنت

تقرير «أو إي سي دي» المعقَّد على طاولة المجتمعين غداً

انقسام حاد في مجموعة العشرين حول ضرائب عمالقة الإنترنت
TT

انقسام حاد في مجموعة العشرين حول ضرائب عمالقة الإنترنت

انقسام حاد في مجموعة العشرين حول ضرائب عمالقة الإنترنت

يقترب حبل الضريبة أكثر فأكثر من رقبة الاقتصاد الرقمي، لا سيما شركات «غوغل» و«فيسبوك» و«آبل» و«أمازون».
فالأمر مطروح غداً وبعد غد على طاولة اجتماعات وزراء مالية مجموعة الدول العشرين المنعقدة في بيونس آيرس - الأرجنتين. وسيدرس الوزراء، ومعهم عدد من محافظي البنوك المركزية للدول الأكثر ثراءً في العالم، تقريراً أعدته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (أو إي سي دي) حول أحقية الدول في فرض ضريبة على حجم أعمال أو أرباح تلك الشركات، علماً بأن التقرير ثمرة عمل شمل استطلاعات في 110 دول حول العالم، ويركز على أحقية فرض ضريبة على الشركات الرقمية حيثما تحقق الأرباح وليس فقط حيث تقع مقراتها وفروعها الرسمية.
يُذكر أن الضرائب التي دفعتها «غوغل» على سبيل المثال في الاتحاد الأوروبي في الفترة بين 2013 و2015 تساوي أقل من 1% من حجم أعمالها وتحديداً 0.8%، أما «فيسبوك» فلم تدفع إلا 0.1%، وفقاً لتقرير قدمه نواب أوروبيون.
المشكلة أن تقرير «أو إي سي دي» لا يتوقع اتفاقاً وشيكاً، ويحدد عام 2020 لبدء التطبيق في حال الاتفاق على الضريبة ونسبتها وكيفية تحصيلها.
أما الأوروبيون، وبدفع قوي من فرنسا وألمانيا، فإنهم يريدون اتفاقاً سريعاً عاجل التطبيق، لأن المسألة في نظرهم تتعلق بعدالة الضريبة المطروحة وفعالية النظام الضريبي الأوروبي الذي «يجب ألا يقبل باستمرار التهرب» حسب المفوضية الأوروبية. ولذلك فإن المفوضية وبعد انتهاء اجتماعات مجموعة العشرين في بيونس آيرس ستستعجل عرض مقترحات في هذا الصدد اعتباراً من الأربعاء المقبل.

ضريبة انتقالية

وتقول مصادر متابعة: «إنه مشروع كبير استغرق نقاشه عدة سنوات مُركزاً على كيفية جعل تلك الشركات غير متهربة من الضرائب لمجرد أن فروعها الأوروبية مستقرة في دول تراعيها ولا تفرض عليها نسب ضرائب عالية مثل لوكسمبورغ وآيرلندا». وتضيف: «وقبل التوصل إلى اتفاق أوروبي عام، هناك مقترح سيُدرس الأربعاء المقبل لفرض ضريبة انتقالية مؤقتة تطال جزءاً من أحجام أعمال تلك الشركات لا سيما تلك التي تتجاوز إيراداتها عتبة معينة معتبرة». وتُرجح المصادر عينها أن تكون نسبة الضريبة التي يريدها الأوروبيون في هذه المرحلة الأولى نحو 3%، أي واقعية ومنخفضة نسبياً لتلقى قبولاً من دول الاتحاد، لأن فرض الضرائب على المستوى الأوروبي العام يتطلب قبولاً وموافقة جماعية من 27 دولة في الاتحاد.
لكن دون ذلك عقبات، لأن الدول التي تستضيف مقرات وعناوين الشركات الأميركية مثل «فيسبوك» و«آبل» و«أمازون» و«غوغل»... لا ترغب في فرض ضريبة، وهذا يخص تحديداً آيرلندا ولوكسمبورغ، بالإضافة إلى قبرص ودول بحر البلطيق. «لذا هناك ضغط سياسي لا بد من ممارسته لإجبار تلك البلدان على الرضوخ» كما يقول مفوض أوروبي متحمس لفرض الضريبة.

مكافحة تهرب الكيانات الدولية

كانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بتكليف من مجموعة دول العشرين، قد شرعت منذ 2015 في وضع خطة عمل هدفها محاربة التهرب الضريبي الذي تمارسه الشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات، لا سيما عمالقة الإنترنت المعتمدة على الفضاء الإلكتروني العابر للعالم.
والهدف الرئيسي هو دفع الشركات نحو الإفصاح الضريبي في الدول التي تحقق فيها الأرباح وليس فقط في الدول التي تتخذ فيها مقرات وفروعاً وعناوين ضريبية. لكن دون ذلك غموض قانوني، برأي المشككين، لأن شركات الإنترنت تحديداً ليست لديها أصول مادية كبيرة تملكها لتعلن عن الأرباح المخلقة منها، بل هي تستفيد من فضاء افتراضي ترى أن الضرائب لا تشمله.

بين اقتصاد رقمي وحقيقي

ووضعت منظمة «أو إي سي دي» تقريراً مفصلاً ألقى الضوء على الانقسام الحاصل بين الدول حول هذه القضية الشائكة غير المسبوقة، لأن الاقتصاد الرقمي لا يشبه الاقتصاد الحقيقي في شيء.
كما أن الإدارة الأميركية السابقة في عهد الرئيس باراك أوباما كانت تعارض فرض الضرائب على شركات الإنترنت، لكن مع قدوم إدارة الرئيس دونالد ترمب نشأ رهان أوروبي على قبول المبدأ ما دام ترمب مع فرض الضرائب والرسوم ضمن توجهاته الحمائية، خصوصاً أن التعديل الضريبي الأميركي الأخير وضع قواعد لفرض ضرائب على أعمال الشركات «أوفشور»، والتي ألزمت الشركات بأنها إذا لم تكن تدفع 13% في الخارج فعليها دفع هذه النسبة في الولايات المتحدة، وهذا أعلى بكثير مما تدفعه شركات الإنترنت وتقنية المعلومات في الدول المنتشرة أعمالها فيها.
لكن سرعان ما بدأ هذا الرهان يتبدد مع إعلان وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشن، نهاية الأسبوع الماضي، أن بلاده تعارض بشدة فرض ضريبة خاصة على عمالقة الإنترنت والعالم الرقمي، لأن هذه الشركات بين أهم المساهمين في النمو الاقتصادي وإيجاد وظائف في الولايات المتحدة.
وتشير المصادر إلى أن تقرير «أو إي سي دي» يُظهر حجم التعقيد في هذه القضية، خصوصاً في فصول تناولت الاقتصاد الرقمي القائم على أنْ لا أصول مادية له في معظم دول العالم، وهو عابر للفضاء الذي يفترض بطبيعته أنه حر بلا عراقيل. في المقابل يرد مؤيدو الضريبة بأن عمالقة الإنترنت يستغلون معلومات المستخدمين لتحقيق إيرادات إعلانية بمئات المليارات من الدولارات، وتلك المعلومات عبارة عن أصول ملك أصحابها أولاً. كما أن عمالقة هذا القطاع يستندون في انتشارهم على بنى تحتية سمحت بانتشار الإنترنت الذي يستخدمه الآن 83% من البالغين في الدول الغنية و95% من شركات تلك الدول، وهذا يضاعف سنوياً حجم المعلومات التي تستغلها شركات «غوغل» و«فيسبوك» و«آبل» و«أمازون» و«نتفليكس» و«أوبر» و«مايكروسوفت»... وغيرها العشرات من الشركات الأصغر حجماً.
تبقى الإشارة إلى أن هذا الانقسام ليس ببعيد عن التوتر الدولي الحاصل الآن بفعل عدد من السياسات الحمائية التي تجتاح العالم حالياً، والتي بدأت ولن تنتهي إلا بقواعد جديدة «ذاهبة باتجاه معاكس لرياح العولمة والتبادل الحر» كما يؤكد منتقدو هذه الحمى الحمائية.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.