لم يصمد الهدوء في الغوطة الشرقية أكثر من ساعات قليلة تخلّلها نزوح آلاف المدنيين والإعلان عن مفاوضات بين الأمم المتحدة و«فيلق الرحمن»، قبل أن يعود القصف إلى المنطقة المحاصرة في ريف دمشق التي بات النظام يسيطر على 83 في المائة منها.
وأتى ذلك في وقت أعلن فيه أمس حساب الرئاسة السورية على «تلغرام» أن رئيس النظام بشار الأسد زار مواقع قواته أمس الأحد في الغوطة الشرقية، وهو ما أكده مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن. وجاء في تعليق على صورتين للأسد وسط جنود بعضهم فوق دبابة: «على خطوط النار في الغوطة الشرقية... الرئيس الأسد مع أبطال الجيش العربي السوري».
وصباحا كان قد أعلن «فيلق الرحمن» عن مفاوضات يقوم بها مع وفد من الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار ودخول المساعدات وإجلاء الحالات الطبية العاجلة، بينما نقل التلفزيون السوري عن مراسله أن قوات النظام أمهلت مقاتلي المعارضة في حرستا بالغوطة الشرقية حتى الثالثة عصرا للانسحاب.
وفي هذا الإطار، تحدثت مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط»، عن استمرار المفاوضات، مرجحة أن يكون التصعيد العسكري نتيجة تعثرها وعدم توصلها إلى نتيجة لغاية الآن.
وقالت: «الطرح الروسي يقضي بإخراج (الفيلق) من المناطق التي لا يزال يسيطر عليها والمتمثلة في عربين وزملكا وعين ترما، أو القبول بالمصالحة عبر دخول الشرطة الروسية ورفع أعلام النظام، وهو ما لا يزال يرفضه الفصيل المعارض».
وقال وائل علوان، المتحدث باسم «فيلق الرحمن» من مقره في إسطنبول في تسجيل صوتي صباحا: «نقوم بترتيب مفاوضات جادة مع وفد الأمم المتحدة لضمان سلامة المدنيين وحمايتهم».
وأضاف: «أهم النقاط التي يجري تأكيدها والتفاوض على إجراءاتها، هي وقف إطلاق النار وتأمين المساعدات للمدنيين وإخراج الحالات المرضية والمصابين لتلقي العلاج خارج الغوطة بضمانات أممية». وذكر أن موضوع «الخروج» من الغوطة غير مطروح على الطاولة.
وأفاد «مركز المصالحة الروسي» في سوريا، أمس، بخروج أكثر من 68 ألف مدني من الغوطة الشرقية عبر «الممرات الإنسانية»، بينهم 20 ألفا خرجوا عبر معبر حمورية منذ 28 فبراير (شباط) الماضي.
وبعد الظهر أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عودة القصف إلى الغوطة بعد هدوء لساعات قليلة، تزامن مع خروج آلاف المدنيين من مناطق سيطرة «فيلق الرحمن»، بينما لفتت مواقع معارضة إلى قيام قوات النظام باعتقال عشرات الشبان من «الممرات الإنسانية». وطالب «الائتلاف الوطني» الأمم المتحدة بالتحقق من أوضاع النازحين من الغوطة وحمايتهم.
وقال «المرصد»: «بدأت قوات النظام عمليات قصف صاروخي مكثفة طالت مناطق في مدينة دوما، التي تعد معقل (جيش الإسلام) والمنطقة الأخيرة المتبقية له من الغوطة، في وقت اندلعت فيه اشتباكات عنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، و(جيش الإسلام) من جانب آخر، على المحورين الشرقي والجنوبي للمدينة».
كما شمل القصف أيضا، بحسب «المرصد»، المناطق المتبقية تحت سيطرة «فيلق الرحمن» في غوطة دمشق الشرقية، ضمن الجيب الجنوبي الغربي منها، مستهدفا بلدة عين ترما ومدينة زملكا بالإضافة لقصف بالصواريخ طال مناطق في مدينة عربين، ما أدى إلى مقتل مواطن وإصابة آخرين بجراح متفاوتة الخطورة، مرجحا ارتفاع عدد القتلى لوجود حالات خطرة بين المصابين.
وفي بيان له، طالب «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة»، الأمم المتحدة بإرسال لجنة متخصصة للتحقق من الوضع على أرض الواقع والإشراف بشكل مباشر على النازحين الفارين من جحيم القصف في الغوطة، والعمل على توفير الحماية المناسبة لهم، وضمان توفير مراكز إيواء مناسبة ولائقة لاستقبالهم.
ولفت إلى «تواتر تقارير ومعلومات حول أوضاع نحو 20 ألف مدني اضطروا إلى النزوح هرباً من القصف الهستيري المستمر منذ أسابيع على مناطق الغوطة الشرقية، وتفيد بأن قوات النظام وأجهزة القمع التابعة له تقوم باعتقال المئات من النازحين، وتحتجز الآلاف في مناطق غير صالحة من كافة الجوانب، دون أن يتم توفير الغذاء أو مياه الشرب، أو الأدوية الضرورية».
وفي حين لفت إلى أنه لم يتم بعد التحقق من التفاصيل كافة، شدد على ضرورة أخذ هذه التقارير بعين الاعتبار وبمنتهى الجدية من قبل المنظمات الدولية، والصليب الأحمر، مطالبا بتوجه الهيئات والمنظمات الدولية المختصة للتحقق من أوضاع النازحين وضمان سلامتهم بأسرع وقت ممكن.
وأضاف البيان أن «تشتيت العائلات، وتفريق الأطفال عن أهاليهم وإجبارهم على الهتاف للمجرم بشار الأسد وحمل صوره، واعتقال المئات من النازحين، واحتجاز الآلاف منهم في معسكرات اعتقال أشبه بالمعسكرات النازية تحت إشراف الميليشيات الطائفية الإيرانية، وممارسة الإرهاب والتهديد المستمر بالقتل وبالاعتقال، بالإضافة إلى الإهانات المستمرة، هي جرائم مرفوضة ومدانة ولا بد من وقفها وضمان عدم تكرارها، سواء من قبل النظام أو الميليشيات الداعمة له».
7:57 دقيقة
عودة القصف على غوطة دمشق... ومخاوف على مصير النازحين
https://aawsat.com/home/article/1209406/%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D9%88%D8%B7%D8%A9-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D9%88%D9%85%D8%AE%D8%A7%D9%88%D9%81-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B2%D8%AD%D9%8A%D9%86
عودة القصف على غوطة دمشق... ومخاوف على مصير النازحين
مفاوضات بين «فيلق الرحمن» والأمم المتحدة
عودة القصف على غوطة دمشق... ومخاوف على مصير النازحين
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة