العرب والتركمان يرفضون عودة قوات «الآسايش» إلى كركوك

الأكراد يطالبون بإدارة مشتركة تشمل جميع مفاصل المحافظة

TT

العرب والتركمان يرفضون عودة قوات «الآسايش» إلى كركوك

على الرغم من عدم إعلان الحكومة الاتحادية في بغداد رسميا، التوصل إلى صيغة اتفاق مع الأكراد بشأن إنشاء إدارة أمنية مشتركة في محافظة كركوك، إلا أن المكونين التركماني والعربي يرفضان رفضاً قاطعاً عودة قوات الأمن الكردية «الآسايش» أو أي جهة كردية أخرى إلى كركوك والمشاركة في ملفها الأمني، فيما يرى الأكراد أن الإدارة المشتركة التي أضحت، في الأشهر الأخيرة، محل إجماع مكونات كركوك، تشمل جميع مفاصل المحافظة، ضمنها الملف الأمني.
وفي هذا الإطار، يعترف نائب رئيس «الجبهة التركمانية» بعدم وصول كتاب رسمي بشأن الإدارة الأمنية، إلا أنه لا يستبعد وجود «غزل وصفقات سياسية» وراءها، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المقررة في 12 مايو (أيار) المقبل.
ويقول حسن توران وهو عضو في مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط»: «لن نقبل بأي شكل من الأشكال بإدارة الملف الأمني في كركوك خارج سيطرة الحكومة الاتحادية حصريا وسنرفضه بكافة الطرق القانونية والدستورية».
وعن أسباب التشدد التركماني والعربي حيال عودة قوات الأمن الكردية (الأسايش) إلى كركوك، يرى توران أن «الأسايش كانت لديهم خروقات كثيرة في كركوك، وثقت جزءا منها منظمة هيومن رايتس ووتش، يجب إبقاء ملف الأمن بيد الحكومة الاتحادية، ويمكن تفعيل الأجهزة الاتحادية من خلال إشراك جميع مكونات كركوك فيها».
ويعتقد توران، أن على الحكومة الاتحادية «عدم التفريط بإنجاز 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حين إعادة السيطرة على كركوك، وأن لا تسمح بعودة الماضي المتمثل بسيطرة قوة أمنية تابعة للأحزاب الكردية على ملف الأمن، لأن تلك القوى لا تهتم بتحقيق الأمن، قدر اهتمامها بتحقيق مصالحها الحزبية».
ورفض توران، إحلال قائد كردي للشرطة في كركوك محل القائد الكردي السابق، معتبراً أنه «أمر غير مقبول، لأنه صدر بأوامر من وزارة الداخلية وليس من مجلس المحافظة، ثم إننا رشحنا ضابطا تركمانيا وهو أقدر على إدارة ملف الأمن من غيره».
وكان وزير الداخلية قاسم الأعرجي أصدر، أمس، أمراً بتكليف العميد علي كمال عبد الرزاق بمهام مدير شرطة كركوك والمنشآت وكالة خلفا للمدير السابق العميد عمر خطاب.
ويرفض رئيس الكتلة العربية في مجلس محافظة كركوك برهان العاصي هو الآخر عودة قوات الأسايش الكردية أو غيرها إلى كركوك، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «غرفة العمليات الأمنية المشتركة مرفوضة جملة وتفصيلا، لم نصدق عودة القوات الاتحادية إلى كركوك ويريدون الآن عودة الأسايش مجددا، الجيش الاتحادي للعراقيين جميعا، وهو الأنسب لمسك ملف في محافظة متعددة المكونات».
ويرى العاصي أن «مسألة البيع والشراء بدأت في كركوك مع قرب موعد الانتخابات، يبد أن عرب كركوك لا وزن لهم بعقول الساسة، لذلك نراهم يغازلون الكرد من جديد».
وحول الاتفاق على الإدارة المشتركة لكركوك التي تؤمن بها أغلب مكونات كركوك، يشير إلى أنها «تعني الإدارة المدنية المشتركة، وليس العسكرية فهي مرهونة بيد القوات الاتحادية».
ويعتقد العاصي أن «العرب والتركمان ليس لديهم مشكلة مع الكرد، لكن الأكراد يريدون كل شيء في كركوك، بل إنهم يعتبرون القوات الاتحادية قوات محتلة وأظن أنهم لن يقبلوا حتى بالإدارة الأمنية المشتركة التي نرفضها ولا نقبل بها».
من جانبه، يرى العضو القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عدنان كركوكلي، أن الإدارة المشتركة التي يدافع الجميع عنها «تشمل ملف الأمن أيضا ولا تتعلق بالإدارات المدنية فقط».
ويقول كركوكلي لـ«الشرق الأوسط»: «وجود قوات البيشمركة وغيرها مسألة ضرورية لأمن كركوك والمناطق المتنازع عليها عموما، وضمان الأمن فيها لا يتم إلا عبر التنسيق بين الحكومة الاتحادية والكرد».
ويشير كركوكلي إلى أن «الكرد يرون ضرورة العودة إلى ما قبل 16 أكتوبر، لكن بإدارة مشتركة تشمل جميع مفاصل المحافظة، نعم حدث تهميش لبعض المكونات سابقا، لكننا أبناء اليوم ولا حل إلا بالاتفاق والمشاركة».
ويستبعد وجود «أجندات سياسية وراء فكرة الإدارة الأمنية المشتركة، لأن العرب لو اتفقوا في بغداد فلن يحتاجوا إلى الصوت الكردي».
وفي شأن آخر يتعلق بالأوضاع الأمنية في كركوك، أفادت مصادر في الشرطة الاتحادية، أمس، بأن قواتها بدأت عملية استباقية لتفتيش مناطق في قضاء الحويجة غرب كركوك، وتمكنت خلالها من «ردم ثلاثة أنفاق تابعة لداعش والعثور على معمل لتصنيع الصواريخ».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».