جلبت الأعمال الفنية التي يعرضها الرسام التونسي الشهير نجا المهداوي اهتمام الكثير من متابعي مسيرته الفنية، واطلعوا من جديد على تفاصيلها الكاملة من خلال عرض نحو 50 عملاً تمتد على طول مسيرته الفنية من 1966 إلى 2018.
يحتضن رواق مدينة المرسى (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية)، المعرض الذي يستمر لغاية يوم 25 مارس (آذار) الحالي. نجا المهداوي الرّسام التونسي له اسمه الفني ومكانته، وهو بالتالي غني عن التعريف، فقد طبقت أخباره العالم وبات من مشاهير الفن في العالمين العربي والغربي، وله تجارب فنية مدهشة إلى درجة تسميته بـ«خطاط الحروف الراقصة»، وقد تمكن من دخول حصون عالم الفن والموضة في أكثر من بلد.
جمع المهداوي في هذا المعرض مجموعة من الأعمال التشكيلية التي يعود البعض منها إلى عقد التسعينات من القرن الماضي، وهي أعمال فنية على غاية من الإبداع، وقدمها في أحجام مختلفة وبتقنيات متنوعة، من بينها المنسوجات والرسم الزيتي بالاعتماد على الحرف العربي والجملة العربية.
وقدم نجا المهداوي في هذا المعرض نماذج من تعامله المدهش مع نصوص من التراث العربي، ومن الشعر الحديث، والآيات القرآنية الكريمة، وتمكن من إخراج الحرف العربي من دائرة الخطاطين العاديين إلى عالم الجداريات الضخمة وتزويق الطائرات وزخرفة القصور الكبرى، والتعامل مع مصممي الأزياء والموضة، وهو ما أكسبه شهرة عالمية قلّما توفرت لخطاط عربي سابق تعامل مع الخط العربي. وعن هذا المعرض قال نور الدين بالطيب الناقد الفني إنّه «رحلة في أعمال ومناخات هذا الفنان العبقري الذي طوع الحرف العربي كما لم يطوعه فنان قبله، فقد تشبع في طفولته بجماليات الحرف والخط العربي في مساجد مدينة تونس العتيقة، قبل أن يسافر إلى روما، ويطور موهبته الفطرية الواسعة بالجانب الأكاديمي».
وفي حوار سابق قال المهداوي «إنّ التراث بكل غناه يمكن أن يضع الفنان في سجن أيضاً»، لذلك بحث عن الخروج بالخط العربي من دائرة المألوف إلى اليومي المعاش، ولكن بطريقة راقية. وفي الشأن ذاته، يقول الرسام التونسي عمر الغدامسي، إنّ تجربة نجا المهداوي اشتغلت بشكل لافت على المحامل، حيث إننا نجده يسكن حروفه الخاصة على القماش، كما على الورق أو الجلد، ويسمي تجربته بـ«هدم القسوة» أي هدم القواعد والقوانين الأكاديمية لفن الخط وفق تفسيره، والهدم هنا هو تحرير وانبعاث، تحرير للخط من ثقله المرجعي التقديسي في حضارتنا العربية الإسلامية وانبعاث جديد له كخط فاتن متحرّر يمزج بين الإدهاش والإغراء والتشويش، فهو خط يتجلّى كـ«المعنى الغامض» لدى المفكر الفرنسي رولان بارث.
بقي أن نشير إلى أنّ المهداوي رسام وفنان تشكيلي ولد بتونس العاصمة سنة 1937، وهو من أهم رواد الفن العربي الحديث والمعاصر، تخرج من أكاديمية الفنون في روما ومن مدرسة اللوفر الفرنسية. يقول في إحدى محاضرته: «الحروف هي في الواقع إشارات كما الحوار العلمي ورحلته الكاملة، ومهمتها تتجلى في المساهمة في انفتاح الثقافات والتواصل فيما بينها».
نال عدداً كبيراً من الجوائز، من بينها الجائزة الكبرى للفنون والآداب بتونس، وهو عضو لجنة تحكيم جائزة الفنون لليونيسكو، كما أنّ أعماله الفنية تعرض في الكثير من دول العالم، وتولى زخرفة عدد من المنشآت الكبرى، خصوصاً المطارات.
نجا المهداوي... «خطاط الحروف الراقصة» يعرض 50 عملاً فنياً في تونس
نجا المهداوي... «خطاط الحروف الراقصة» يعرض 50 عملاً فنياً في تونس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة