السودان: تغييرات واسعة في قيادة الحزب الحاكم

طالت 74 مسؤولاً في {المؤتمر الوطني}... واعتبرت بمثابة تهيئة الملعب لإعادة انتخاب البشير في 2020

TT

السودان: تغييرات واسعة في قيادة الحزب الحاكم

في مرحلة الحرب على الفساد ودك أوكار «القطط السمان»، التي أعلن عنها الرئيس عمر البشير، الشهر الماضي، واستعداداً لمرحلة الانتخابات الرئاسية المزمعة في 2020، أجرى الحزب الحاكم في السودان (المؤتمر الوطني) أمس، تعديلات واسعة طالت 74 قيادياً، وتضمنت استحداث مناصب جديدة.
وتوصل اجتماع المكتب القيادي للحزب والذي ترأسه البشير، إلى إجراء 28 تعديلاً على مستوى «القطاعات»، و46 تعديلاً على مستوى الأمانات، قضت بتعيين رؤساء ونواب رؤساء لهذه الهياكل الحزبية.
ويتكون الهيكل التنظيمي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في البلاد من ثمانية قطاعات، أهمها «السياسي، الفئوي، العلاقات الخارجية، التنظيم»، وتقع تحت كل قطاع عدد من الأمانات، أبرزها الأمانة السياسية والتنظيمية والإعلام، وعلى رأس كل قطاع رئيس ونواب، وكل أمانة أمين ونوابه، بيد أن اجتماع أمس أضاف قطاعاً جديداً هو قطاع «العاملين»، وتدير هذه الهياكل العمل الحزبي اليومي.
وفي تصريحات أعقبت الاجتماع الذي تواصل طوال ليل أول من أمس وحتى صباح أمس (الخميس)، قال نائب رئيس الحزب فيصل حسن إبراهيم للصحافيين، إن حزبه نقل أشخاصاً لأمانات أخرى، وأجرى تعديلات وإعفاءات في بعض القطاعات، وإن مكتبه القيادي استحدث قطاعاً جديداً هو قطاع «العاملين» ليبلغ عدد قطاعات الحزب ثمانية.
وقبل إعلانها، فإن التعديلات المرتقبة و«المتوقعة»، تثير الكثير من الجدل، ولا سيما وأنها تجيء عقب مرحلة مفصلية في تاريخ الحزب الحاكم، ينتظر أن تخوض الحكومة خلالها حرباً على الفساد، يأمل الحزب أن تكون ترياقاً للأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تعيشها البلاد منذ إعلان موازنة عام 2018، وأن تمهد لتغييرات دراماتيكية على مستوى الدولة.
ومن أبرز التنقلات التي نتجت من قرارات يوم أمس، إعفاء وزير الدولة بالخارجية حامد ممتاز، وتعيينه وزيراً لديوان الحكم الاتحادي، وتعيين السفير محمد عبد الله إدريس وزيراً للدولة بالخارجية مكانه، إلى جانب تولي ممتاز رئاسة قطاع التنظيم، وتسمية كل من محمد خير فتح الرحمن وعبد الله يوسف ورشيدة سيد أحمد محمد نواباً له، ونقل مأمون حسن إبراهيم من أمانة الطلاب إلى نائب رئيس القطاع الفئوي.
واعتمد الحزب عبد الرحمن الخضر رئيساً للقطاع السياسي، ومحمد مصطفي الضو، ومحمد بشارة دوسة، وزينب أحمد الطيب نواباً له، وكلف مساعد محمد أحمد برئاسة القطاع الاقتصادي، وعبد الله إدريس، وفاطمة فضل، ويوسف أحمد يوسف نواباً، في حين تولى محمد المختار حسن حسين رئاسة قطاع العلاقات الخارجية، وينوب عنه بكري عثمان سعيد وسامية حسن سيد أحمد ومحمد يوسف عبد الله.
وتم تكليف الإعلامي المخضرم عوض جادين بتولي رئاسة قطاع الإعلام، على أن يستمر كل من تهاني عبد الله، وياسر يوسف، وأسامة عبد الوهاب الريس نواباً له، في حين كلف الفاتح عز الدين لتولي رئاسة قطاع الفكر والثقافة وشؤون المجتمع، ينوب عنه الطيب حسن بدوي، وعثمان البشير الكباشي، وعبد الماجد هارون، كما كلفت سعاد عبد الرازق برئاسة القطاع الفئوي.
وعلى مستوى الأمانات الحزبية، تم تعيين كل من عمر باسان أميناً للأمانة السياسية، وهشام التجاني لأمانة الطلاب، ومحمد الأمين أحمد لأمانة الشباب، وعصام محمد عبد الله لأمانة العمل الطوعي، وقمر هباني لأمانة المرأة، وتولت سمية أبو كشوة الأمانة المستحدثة للشؤون الدستورية، وكلف أسامة عبد الله المحامي بتولي مهام الأمانة العدلية.
وأعلن نائب البشير فيصل حسن إبراهيم، مواصلة المكتب القيادي للحوار على القضايا المختلفة؛ وذلك لإنفاذ ما تم التوافق عليه مع شركاء حزبه في الحكم من الحوار الوطني، وفي الوقت ذاته كشف اتجاهاً لإجراء تعديلات دستورية وتعديلات في قانوني الانتخابات والأحزاب، بالتشاور مع القوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني.
وإجابة عن علامات الاستفهام التي حملها هذا التغيير الواسع في الحزب، يقول المحلل السياسي الجميل الفاضل: إن ما حدث تغيير شامل، ويلاحظ أنه طال معظم القيادات التي أبدت مواقف مناوئة لإعادة ترشيح البشير لدورة رئاسية ثالثة صراحة.
واعتبر الفاضل في إفادته لـ«الشرق الأوسط»، ما حدث من تغييرات تمهيداً لتعديل النظام الأساسي للحزب، والذي ينص على تحديد دورتين لرئاسة الحزب والذي تنص اللوائح على أنه مرشحه للرئاسة، أسوة بالدستور الذي يقصر فترة الرئاسة على دورتين مدة كل منهما خمس سنوات، لإتاحة دورة رئاسية جديدة للرئيس عمر البشير، واعتبره «تسوية للملعب» لتجري عليه مباراة انتخابات 2020، وإخلائه من اللاعبين الذين قد يعيقون اللعبة الانتخابية لصالح الرئيس البشير.
ووفقاً للمحلل السياسي، فإن معظم رموز الحرس القديم في قيادة الحزب التنفيذية، غابوا عن الهيكلة الجديدة، وبخاصة أولئك الذين أبدوا ممانعة صريحة لخطوة إعادة ترشيح البشير، وعلى رأسهم المحسوبون على «مسؤول ملف دارفور أمين حسن عمر، أمين الحركة الإسلامية الزبير أحمد الحسن، وآخرون».
وبحسب الفاضل، فإن التغييرات الواسعة من منظور صراع مراكز القوى داخل الحزب الحاكم، أجهزت على المجموعة الطامعة في الجلوس على كرسي البشير، والتي يتردد بأنها بقيادة المخضرم نافع علي نافع، الذي كان قد نافس البشير على الترشح لرئاسة الحزب والدولة في الدورة السابقة.
ويشير الفاضل إلى ما أسماه دخول النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه بكل ثقله الحزبي، إلى جانب حملة تعديل الدستور لصالح البشير، ويعتبره جزءاً من التنافس بين الرجلين والذي يقارب «التباغض».
ويأخذ الفاضل على الوجوه الجديدة، أنها لا تتسق مع المرحلة الجديدة التي أعلن عنها البشير، وأبرز عناوينها محاربة، وهدم أوكار من أسماهم بالقطط السمان، أو بالحد الأدنى أنها أتت أقل من سقف التوقعات ومطلوبات المرحلة المعلن عنها.
ويرى الفاضل في الصعود اللافت لقياديي الصف الثاني حامد ممتاز رئيساً لقطاع الاتصال التنظيمي المهم بالنسبة للحزب، والقيادي عمر باسان أميناً الأمانة الاتحادية الحساسة «السياسية» من منصب ولائي، وانتقالهما إلى الصف الأول متغيراً مهماً له ما بعده في المرحلة المقبلة.
ويلفت الفاضل إلى عودة وجوه انحسرت عنها الأضواء لأكثر من دورة حزبية، وكاد النسيان يطويها، إلى الواجهة مرة أخرى، وأبرزهم والي ـ حاكم ـ الخرطوم السابق المثير للجدل عبد الرحمن الخضر رئيساً للقطاع السياسي، ورئيس البرلمان السابق الفاتح عز الدين رئيساً لقطاع الفكر والثقافة.
وتوقف الفاضل كثيراً عند تصعيد الإسلامي المعتق، الذي لم يشغل منصباً منذ الانقلاب الذي أشرف على تسجيل بيانه الأول قبل قرابة ثلاثين عاماً عوض جادين، أميناً لقطاع الإعلام والذي يشغل منصباً حزبياً مرموقاً من قبل، على الرغم من كونه شغل فيه مناصب تنفيذية إعلامية كبيرة، ويدير حالياً وكالة الأنباء الرسمية (سونا).



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.