البرلمان الإسرائيلي يصادق على قانون يفرض القومية اليهودية

المشروع يشطب مصطلح الديمقراطية ويسقط «وثيقة الاستقلال» و«المساواة»

TT

البرلمان الإسرائيلي يصادق على قانون يفرض القومية اليهودية

فيما بدا أن الحكومة الإسرائيلية ستنهي دورتها في الشهور المقبلة، وتنطلق لتبكير موعد الانتخابات العامة، وإمكانية إجرائها في الصيف، سارعت أحزاب الائتلاف اليميني الحاكم إلى عقد جلسة طارئة للجنة الدستور البرلمانية، أمس الثلاثاء، وصادقت على مشروع «قانون القومية»، في القراءة الأولى، وفيه تفرض على جميع السكان الطابع اليهودي لإسرائيل، مع إعطاء أفضلية صريحة لليهود في كل شيء.
وجاءت هذه الخطوة بعد سنوات من الخلاف بين نواب اليمين على صيغته الأولى، التي طرحها المبادر الأول للقانون، النائب آفي ديختر، الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة، والرئيس الحالي للجنة الخارجية والأمن. ولكن النواب تغلبوا على خلافاتهم بعد إجراء بعض التعديلات. وفي الصيغة الجديدة التي أقرت، أمس، تم شطب مصطلحات مثل «الديمقراطية» و«وثيقة الاستقلال» (التي تتحدث عن المساواة وحقوق الإنسان)، من الصيغة الجديدة لمشروع القانون.
وسيطرح المشروع لتمريره بالقراءة الأولى في جلسة عامة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) خلال الأسبوع الجاري، وذلك بهدف مواصلة الدفع بعملية سنّه بعد الانتخابات، في حال أعلن عن حل الكنيست.
وكان أعضاء الكنيست، الأعضاء في اللجنة الخاصة، قد تلقوا، مساء أول من أمس الاثنين، بلاغاً مفاده أنه يتوجب عليهم الحضور في التاسعة من صباح الثلاثاء، للتباحث في الصيغة الجديدة لمشروع القانون. وقد حصلوا عليها في ساعة متأخرة، وأبلغوا بأن التصويت على القانون سيتم في الجلسة نفسها، الأمر الذي يعتبر إجراء استثنائياً غير معهود لقوانين الأساس.
يشار إلى أن مشروع القانون يهدف إلى جعل المحكمة العليا تفضل الطابع اليهودي للدولة على القيم الديمقراطية، عندما يحصل تناقض بينهما، بيد أن كلمة «ديمقراطية» لا تظهر حاليا في مشروع القانون. ويتضمن مشروع القانون بندا يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط، ومنع غير اليهود من السكن فيها. وعلم أنه تم شطب بند يدعو إلى إخضاع كافة قوانين الأساس والقوانين العادية للتحديدات التي تظهر في «قانون القومية». كما شطب بند «القضاء العبري»، الذي يهدف إلى توجيه القضاة إلى الشريعة اليهودية في القضايا التي لا توجد سوابق قضائية أو قوانين ملائمة لها. ويعطي القانون الجديد مكانة «عليا» للغة العبرية، بداعي أنها «لغة الدولة». أما اللغة العربية فستكون لها «مكانة خاصة»، وتوفر للمتحدثين بها المجال لخدمات الدولة.
وقال أحد المبادرين لمشروع القانون، الوزير ياريف ليفين (الليكود)، إن «الحديث هو عن خطوة تاريخية لتصحيح الانقلاب الدستوري الذي مس المكانة اليهودية للدولة». وقال صاحب القانون، ديختر: «في الأسابيع الأخيرة، عملت مع الوزير ياريف ليفين، وعضو الكنيست أمير أوحانا، ورئيس الوزراء نتنياهو، لضمان أن يمر القانون في اللجنة في إطار التحضير للقراءة الأولى. على مدى السنوات الست الماضية، نجحت في قيادة صياغة هذا القانون الأساسي، الذي يعتمد بشكل كامل، تقريبا، على المبادئ التي أقرتها الحكومة». وطلب ديختر التوضيح بأن «مشروع القانون لا ينتهك حقوق الأقليات في إسرائيل». ويهدف مشروع قانون الأساس، إلى ترسيخ مكانة إسرائيل كـ«دولة قومية للشعب اليهودي»، وتعزيز طابعها كدولة يهودية وديمقراطية، ورموز الدولة، والقدس كعاصمة لإسرائيل، واللغة العبرية كلغة رسمية. ومبدأ العودة (لليهود) ومبدأ لم الشتات. كما يقترح القانون ترسيخ الصلة مع يهود الشتات، ومنح الحق في الحفاظ على تراث جميع سكان إسرائيل، بغض النظر عن الدين أو الجنسية، وترسيخ حماية الأماكن المقدسة لجميع الأديان. بالإضافة إلى ذلك، يُقترح تحديد التقويم العبري تقويما رسميا للدولة، ويوم «الاستقلال»، وأيام العطل اليهودية، وأيام الذكرى، في القانون الأساسي؛ وكذلك تحديد أن القانون العبري ومبادئ التراث اليهودي ستكون بمثابة مصدر إلهام للمحكمة في تفسيرها.
وانتقد عضو الكنيست بتسالئيل سموتريتش الصيغة الجديدة لمشروع القانون، لكونه «لا يرسي يهودية الدولة» وبسبب «شطب القضاء العبري والأماكن المقدسة»، و«إعطاء مكانة للغة العربية». وقالت عضو الكنيست تسيبي ليفني (المعسكر الصهيوني)، إن الائتلاف يمثل جزءا من الجمهور الإسرائيلي وليس كله، وإن مثل هذا القانون يجب أن ينتج عن نقاش مع غالبية الجمهور.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.