لندن ترد على موسكو اليوم

أوروبا تتضامن مع بريطانيا... وروسيا تتهمها بتأجيج الهستيريا ضدها

مساعد مفوض شرطة لندن لمكافحة الإرهاب خلال إفادة صحافية حول حادث التسميم أمس (إ.ب.أ)
مساعد مفوض شرطة لندن لمكافحة الإرهاب خلال إفادة صحافية حول حادث التسميم أمس (إ.ب.أ)
TT

لندن ترد على موسكو اليوم

مساعد مفوض شرطة لندن لمكافحة الإرهاب خلال إفادة صحافية حول حادث التسميم أمس (إ.ب.أ)
مساعد مفوض شرطة لندن لمكافحة الإرهاب خلال إفادة صحافية حول حادث التسميم أمس (إ.ب.أ)

من المرجح ألا تحصل لندن على رد مرض من روسيا حول محاولة القتل عن طريق التسميم للعميل الروسي المزدوج، بعد نفي موسكو ضلوعها في الجريمة. ولهذا ستضطر رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي إعلان رد بريطانيا في البرلمان اليوم، كما وعدت أمس، عندما أشارت بأصابع الاتهام إلى موسكو وأمهلتها إلى منتصف ليل الثلاثاء كآخر موعد لتقديم أجوبة مقنعة حول استعمال غاز أعصاب تنتجه الدولة الروسية. ومن المقرر أن تعقد الحكومة البريطانية اجتماعا يشمل كبار مسؤولي الأمن اليوم الأربعاء.
وقالت ماي إن «من المرجح بشدة» أن روسيا هي المسؤولة بعد أن حددت بريطانيا المادة بأنها تنتمي لمجموعة «نوفيتشوك» لغازات الأعصاب التي طورها الجيش السوفياتي خلال السبعينات والثمانينات. وقالت ماي: «سكريبال وابنته سمما بغاز أعصاب مخصص لأغراض عسكرية من نوع طورته روسيا». وأضافت: «إما أن هذا عمل مباشر من الدولة الروسية ضد بلادنا، وإما أن الحكومة الروسية فقدت السيطرة على هذا الغاز الذي قد يسبب أضرارا كارثية وسمحت بوقوعه في أيدي آخرين». ونفت روسيا التي ستجري انتخابات رئاسية في 18 مارس (آذار) أي دور لها في الواقعة، وتقول إن بريطانيا تؤجج مشاعر الهستيريا ضدها. وانتقدت موسكو السلطات البريطانية بشدة أمس (الثلاثاء)، واتهمتها بأنها تسعى إلى تقويض مصداقية موسكو، وطالبتها بالسماح لها بالحصول على عينات من غاز الأعصاب المستخدم في الهجوم. واستدعت وزارة الخارجية الروسية السفير البريطاني لديها بسبب تصريحات ماي التي وعدت بإجراءات «أشد بكثير» ضد الاقتصاد الروسي الذي يبلغ حجمه 1.5 تريليون دولار.
وقالت الخارجية الروسية في بيان لها، إن «الحادث هو محاولة أخرى قذرة من قبل السلطات البريطانية لتقويض مصداقية روسيا»، مضيفة أن التهديدات بفرض عقوبات «لن تمر دون رد».
ويرقد سيرغي سكريبال (66 عاما) وابنته يوليا (33 عاما) في المستشفى في حالة حرجة منذ الرابع من مارس (آذار) عندما عثر عليهما فاقدي الوعي على مقعد خارج مركز للتسوق في مدينة سالزبري بجنوب غربي إنجلترا.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنه كان ينبغي على بريطانيا أن ترسل لموسكو طلبا رسميا بشأن المادة التي استخدمت على أراضيها. وطالب لافروف بالحصول على عينات من المادة التي استخدمت. وأضاف: «طالبنا عبر مذكرة رسمية بالحصول على هذه المادة»، مضيفا أن روسيا طلبت كذلك إطلاعها على التحقيق، «لكن طلباتنا رفضت». وأكد براءة موسكو من تسميم العميل السابق، مشددا على استعدادها للتعاون مع لندن. وقال: «روسيا ليست مذنبة، بل هي مستعدة للتعاون بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية إذا تكبدت لندن العناء وقبلت بتنفيذ التزاماتها الدولية تجاه هذه المعاهدة».
أما رئيس البرلمان الروسي فياشيسلاف فولودين فقال إن فضيحة التسميم هي مؤامرة للتدخل في الانتخابات الرئاسية الروسية المقررة الأحد. ونقلت عنه وكالات الأنباء قوله: «هذا عمل مخطط له ليؤثر على الحملة الانتخابية... هذا تدخل في شؤوننا وفي انتخاباتنا».
وقال سفير بريطانيا في لاهاي بيتر ويلسون، إن لندن تتوقع من روسيا أن تقدم بيانا إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية حول غاز الأعصاب الذي تم استخدامه في بريطانيا.
وصرح للصحافيين: «ما نريده من الروس اليوم هو أن يكشفوا عن برنامجهم للأسلحة الكيماوية». إلا أن ممثل روسيا في المنظمة ألكسندر شولغين قال إن على لندن أن «تتوقف عن الهستيريا»، واعتبر المهلة النهائية نهاية الثلاثاء لروسيا لتوفير معلومات «غير مقبولة إطلاقا». وقال: «سنطالب بدليل ملموس على البصمات الروسية في هذه القضية المهمة»، بحسب بيان وزارة الخارجية.
وأبدى الاتحاد الأوروبي تضامنه مع بريطانيا بشأن الحادث، لكنه امتنع عن تهديد روسيا بفرض عقوبات جديدة. وقبل عام من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبعد أربعة أعوام من الخلافات في بروكسل بسبب العقوبات المفروضة بالفعل على موسكو فيما يتصل بأزمة أوكرانيا، تمثل تلك القضية اختبارا للتعهدات بالتعاون الأمني في مرحلة ما بعد انسحاب بريطانيا. وقال نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرنس تيمرمانس للبرلمان الأوروبي أمس الثلاثاء، إنه على الاتحاد الأوروبي تقديم رد فعل موحد. وأضاف تيمرمانس: «من المهم أن يرى المسؤولون عما حدث بوضوح أن هناك تضامنا أوروبيا واضحا وقويا للغاية، حتى يتم معاقبة المسؤولين عما فعلوا». وأوضح: «لا يمكن أن يكون لدينا غاز أعصاب يتم استخدامه في مجتمعاتنا. يجب علينا جميعا أن نواجه ذلك وليس فقط رئيس الوزراء البريطانية تيريزا ماي والحكومة البريطانية». وقال وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل أمس (الثلاثاء) في بيان بعد حديث مع نظيره البريطاني بوريس جونسون: «نحن نتضامن مع أصدقائنا البريطانيين في هذه المسألة، وعلى اتصال دائم مع الحكومة البريطانية». وأضاف: «الأمر واضح... تجب إحالة مرتكبي هذا العمل أمام القضاء. إذا ثبت أن روسيا وراءه، فإن ذلك سيكون أمرا خطيرا للغاية».
وأبدت وزارة الخارجية الفرنسية تضامنها مع بريطانيا اليوم، واصفة الهجوم بأنه «غير مقبول على الإطلاق» خلال مكالمة هاتفية بين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونظيره البريطاني بوريس جونسون. كما وصفت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية هذا الهجوم بأنه «مقلق للغاية».
وقال المدير العام للمنظمة أحمد أوزمجو في بيان، إن «التقرير الصادر مؤخرا بأن شخصين أصيبا بمرض خطير في بريطانيا، إثر تعرضهما لغاز أعصاب أمر يشكل مصدر قلق بالغ». وأضاف أن «مسألة أن المواد الكيماوية لا تزال تستخدم لإيذاء الناس مقلقة للغاية».
ومما يزيد الأمور تعقيدا عثر على نيكولاي غلوشكوف الروسي المقيم في المنفى، وهو شريك سابق لرجل الأعمال بوريس بيرزوفسكي، ميتا الاثنين في ظروف غامضة في لندن. وأعلنت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية في بيان أمس (الثلاثاء) عن فتح تحقيق «بشكل احترازي وبسبب العلاقات التي كان يقيمها هذا الرجل».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».