حلفاء نتنياهو يرفضون الذهاب معه إلى انتخابات مبكرة لإنقاذه

يرونها غير ضرورية ولا تخدم سوى خطته للهرب من ملفات الفساد

TT

حلفاء نتنياهو يرفضون الذهاب معه إلى انتخابات مبكرة لإنقاذه

فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس (الأحد)، في إخضاع رؤساء الأحزاب التي تشكل ائتلافه الحاكم لرغبته في تبكير موعد الانتخابات. ولم يترددوا في مهاجمته علناً، واتهامه بأنه يسعى لجر البلاد إلى انتخابات غير ضرورية؛ فقط لأن هذا يخدم خطته لمحاولة الهرب من ملفات الفساد التي تلاحقه. وقد انفجر الاجتماع الذي دعاهم نتنياهو إليه، ظهر أمس، قبل أن يعقد، بسبب هذه الخلافات.
وكان نتنياهو قد دعاهم إلى اجتماع في محاولة لاحتواء الأزمة الناجمة عن رغبته هذه. فعرض عليهم، قبيل الاجتماع، عبر وسطاء، أن يختاروا واحدة من ثلاث إمكانات، هي:
أولاً: الاتفاق على تسوية تضمن إرضاء الأحزاب الدينية، التي تطالب بإقرار فوري لقانون إعفاء تلاميذ المدارس الدينية من الخدمة الإلزامية في الجيش، وإرضاء وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، الذي يطالب بتغيير مشروع قانون المتدينين وملاءمته لموقف الجيش في الموضوع.
وثانياً: أن يصوت جميع الشركاء في الائتلاف على موازنة 2019 حتى يوم الخميس المقبل.
ثالثاً، وهو الأهم، أن يتعهد جميع قادة الأحزاب بالبقاء في حكومة نتنياهو حتى نهاية دورتها القانونية، أي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، حتى لو جرى تقديم لائحة اتهام ضده في ملفات الفساد.
وأبلغهم أنهم في حالة عدم التوصل إلى تفاهم حول هذه النقاط الثلاث، فإنه سيسعى لتبكير موعد الانتخابات وإجرائها في يونيو (حزيران) المقبل. وتهدف خطوة نتنياهو هذه إلى منع شركائه من الانسحاب، في حال توجيه لائحة اتهام ضده، في ضوء توصيات الشرطة بمحاكمته في الملفين 1000 و2000، والاشتباه بحصوله على رشوة في «الملف 4000».
وقد رفض رؤساء أحزاب الائتلاف هذه اللهجة الاستعلائية، وراحوا يهاجمونه، مباشرة أو بالتلميح، على موقفه. وكان أكثرهم حدة، وزير التعليم ورئيس حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، الذي قال إن «نتنياهو يجرّ البلاد نحو انتخابات مبكرة؛ بهدف تجاوز أزمة التحقيقات بملفات الفساد التي يخضع لها». وكتب بينيت على حسابه على «توتير»: «سيدي رئيس الحكومة ما دمت تعمل من أجل صالح الدولة فجميعنا سندعمك، لكن بحال عمدت إلى تفكيك حكومة اليمين، وتوجهت لانتخابات مبكرة ستخسرنا».
وحوّل بقية الشركاء في الائتلاف رسالة قوية إلى نتنياهو حول التوقيت الذي يفضله لإجراء الانتخابات (يونيو)، والذي يأتي بعد تدشين السفارة الأميركية في القدس، واحتفالات الذكرى السنوية السبعين لقيام إسرائيل، التي تقع في 14 مايو (أيار) المقبل، التي يحتمل أن يحضرها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب،، وقبل صدور قرار محتمل من قبل المستشار القانوني بتقديم لائحة اتهام ضده. وقال مسؤولون كبار في الائتلاف الحكومي، أمس، إن حزبي «كلنا» و«البيت اليهودي» ينسقان بينهما ولن يسمحا لنتنياهو بإجراء الانتخابات في هذا الظرف. وقال مسؤول كبير في الائتلاف: «إذا كان نتنياهو يريد انتخابات في يونيو فإنه لن يحصل عليها. من أجل حل الكنيست وتبكير موعد الانتخابات، يجب أن يوافق على موعد لإجراء الانتخابات، وجميع شركاء الائتلاف يعارضون الانتخابات المبكرة بسبب هذه الأزمة، كما تعارض الأغلبية المطلقة من أعضاء الكنيست في الليكود تبكير موعد الانتخابات».
وأوضح مصدر آخر في الائتلاف، أن كل شركاء الائتلاف ليس لديهم مصلحة في إجراء انتخابات عاجلة؛ لأنها تخدم نتنياهو فقط. وقال المصدر: «الأمر يعني نتنياهو ضد 119 عضو كنيست. يريدنا أن نقدم له الانتخابات على طبق من فضة لأن هذا يناسبه، فهو في قمة الاستطلاعات والنشوة بعد زيارته للولايات المتحدة، وهو يعتقد أن هذا هو الوقت المناسب له، لكن هذا لن يحدث. إذا كان يريد انتخابات مبكرة فليتفضل - فقط بعد شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. فعندها سيكون غبار احتفالات الاستقلال قد زال، وسوف تستمر التحقيقات، وسوف تتآكل قوته خلال هذه الفترة. أن تفرض على شركائك في الائتلاف وعلى حزبك الانتخابات – هذا يعني أنك اتخذت قراراً ضد العالم كله».
وعلم أن رئيس حزب شاس لليهود الشرقيين المتدينين، أيضاً، الوزير أرييه درعي، يعارض تبكير موعد الانتخابات؛ إذ تتنبأ له الاستطلاعات بخسارة مقاعده السبعة كلها. كما تعارض أحزاب الائتلاف مطالبة نتنياهو لها بأن تلتزم بعدم الانسحاب من الحكومة حتى موعد الانتخابات الأصلي، أي حتى نهاية 2019. وقال مصدر في الائتلاف: «هناك التزام بذلك من جميع الأطراف الائتلافية بمجرد توقيعنا على اتفاقيات الائتلاف، فليوقع هو على التزام بأنه لن يحل الكنيست حتى نوفمبر 2019».
ورداً على ذلك، وجه حزب الليكود انتقادات شديدة اللهجة إلى الوزير بينيت، واتهمه بالتآمر على رئيس الحكومة «بغية إسقاطه واستبداله». وأعلن مكتب رئيس الحكومة، أن نتنياهو سيلتقي قادة الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي لمناقشة أزمة سياسية يمكن أن تؤدي إلى انتخابات تشريعية مبكرة، حيث يشهد الائتلاف الحكومي خلافاً كبيراً بشأن قانون ينص على إعفاء الشبان «الحريديم» (المتدينين) من الخدمة العسكرية.
ورد مكتب نتنياهو على الاتهامات، بأنه يفتعل أزمة سياسية من أجل الدفع باتجاه انتخابات مبكرة، فقال: «رئيس الوزراء يفضل الاستمرار في الائتلاف حتى نهاية ولايته في نهاية 2019، لكن هذا يستدعي موافقة أعضاء الائتلاف».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».