بريطانيا: إعلانات مجهولة تدعو لمعاقبة المسلمين ومكافأة المعتدين عليهم
إحدى الرسائل المجهولة التي تدعو لأعمال العنف ضد المسلمين (تلغراف)
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
لندن:«الشرق الأوسط»
TT
بريطانيا: إعلانات مجهولة تدعو لمعاقبة المسلمين ومكافأة المعتدين عليهم
إحدى الرسائل المجهولة التي تدعو لأعمال العنف ضد المسلمين (تلغراف)
بدأت شرطة مكافحة الإرهاب تحقيقا في جرائم الكراهية، بعد نشر رسائل تحث على شن هجمات ضد المسلمين في جميع أنحاء بريطانيا.
وأكدت شرطة غرب يوركشاير أنها تلقت نحو ستة تقارير عن رسائل إعلانية بعنوان «عاقبوا المسلمين»، بينما قال أشخاص في لندن وبرمنغهام إنهم تفاجأوا بوصول تلك الرسائل إلى منازلهم.
وتتعهد الرسائل «بالمكافآت» لمن يقوم بأعمال عنف ضد المسلمين، وتقدم قائمة للمهاجمين بدءا من الإساءة اللفظية إلى حرق أو تفجير المساجد.
وحسب صحافية «الإندبندنت» البريطانية، تقدم الرسائل نظاما لتسجيل النقاط بعد القيام بأعمال العنف ضد المسلمين، مثل 25 نقطة بعد سحب الحجاب من امرأة مسلمة، وتشجع أيضا على التعذيب في يوم 3 أبريل (نيسان) ليكون يوما ضد الإسلام، حسب ما جاء في الرسائل المتطرفة المجهولة هويتها.
كما أبلغ مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في لندن وبرمنغهام عن تلقي الرسائل.
وقالت شرطة غرب يوركشاير إنها حصلت على بعض الرسائل لإجراء مزيد من التحليل لتحقق من مصدرها وأصلها.
وقال متحدث: «تقوم الشرطة الشمالية الشرقية وقوات مكافحة الإرهاب بتنسيق للتحقيق في هذا الوقت وستنتظر ما تسفر عنه التحقيقات حاليا».
وأضاف: «يجب على أي شخص لديه أي مخاوف بشأن أي اتصال قد تلقاه، أن يتواصل فورا مع قوات الشرطة المحلية».
وكان أحد مستشاري برادفورد من بين المتلقين للرسالة التي قال إنها أرسلت إلى عنوان عمله. وقال متحدث باسم شرطة العاصمة إنه لم يتضح بعد ما إذا كان قد تم الإبلاغ عن أي ادعاءات جنائية تتعلق بالخطابات في العاصمة.
ومن جانبها قالت منظمة «تيل ماما»، التي ترصد الأنشطة المعادية للمسلمين، إنها تلقت بلاغات من أشخاص في برادفورد، وليستر، ولندن، وكارديف، وشيفيلد تفيد بتسلمهم هذه الرسائل المجهولة.
وصرحت إيمان عطا، مديرة المنظمة «هذه الرسائل قد تسببت في الكثير من الخوف داخل المجتمع». وأضافت «لقد أثارت الشكوك والناس يسألون إذا ما كانوا آمنين، وإذ كان من الممكن أن يلعب أطفالهم في الهواء الطلق بأمان».
«لقد أخبرناهم بهدوء أن يتصلوا بالشرطة إذا ما تلقوا هذه الرسائل».
ويذكر أن شرطة غرب يوركشاير قد فتحت تحقيقا العام الماضي في جرائم الكراهية، بعد أن تلقت عائلات مسلمة في برادفورد رسائل تهدد بالقتل. وتلقت المساجد والمراكز الإسلامية مسحوقا أبيض ورسائل مسيئة.
2025... عام ملء الفراغات؟https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85/5098475-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA%D8%A7%D8%AA%D8%9F
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.
يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟
بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.
دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.
بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».
حال العالم
في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.
في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.
وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.
يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟
إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.
شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.
التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ
مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.
تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.
في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟