«السلطة» و«حماس» ترفضان دعوة أميركية لبحث وضع غزة الإنساني

مسؤول فلسطيني اتهم واشنطن بالعمل على فصل القطاع عن الضفة

طفلتان فلسطينيتان تقفان بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الجزء القديم من مدينة الخليل (إ.ب.أ)
طفلتان فلسطينيتان تقفان بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الجزء القديم من مدينة الخليل (إ.ب.أ)
TT

«السلطة» و«حماس» ترفضان دعوة أميركية لبحث وضع غزة الإنساني

طفلتان فلسطينيتان تقفان بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الجزء القديم من مدينة الخليل (إ.ب.أ)
طفلتان فلسطينيتان تقفان بالقرب من الحرم الإبراهيمي في الجزء القديم من مدينة الخليل (إ.ب.أ)

قال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن القيادة الفلسطينية رفضت دعوة من الولايات المتحدة لحضور اجتماع في واشنطن يستهدف نقاش تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.
واتهم مجدلاني، الولايات المتحدة، بالعمل على تصفية القضية الفلسطينية. وأَضاف مهاجماً: «هذا الاجتماع الذي دعا له المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات لم يأت من فراغ ولا من أجل دواع إنسانية، وإنما في إطار المشروع التصفوي لقضيتنا». وكان غرينبلات أعلن أن البيت الأبيض سيعقد لقاء بالأطراف المعنية في 13 من الشهر الحالي، من أجل تحسين ظروف الحياة في قطاع غزة.
وكتب غرينبلات «رداً على الأزمة الإنسانية المتنامية في غزة، الدول المركزية والأطراف المعنية تتهيأ للعمل: كان هناك لقاء في القاهرة يوم الخميس، وستكون هناك جلسة عصف ذهني في البيت الأبيض الأسبوع المقبل من أجل التوصل إلى حلول حقيقية للمشاكل التي خلقتها (حماس)». ورفض ناطق باسم غرينبلات الكشف عن هوية الأطراف المعنية والدول. لكن مجدلاني سخر من الاجتماع برمته بقوله «نحن ندرك أن المشاعر الإنسانية التي هبطت على غرينبلات لم تأت من فراغ».
وأضاف: «إنه في إطار المشروع التصفوي الهادف إلى فصل القطاع عن الضفة... وأولاً وأخيراً إلى تصفية المشروع الوطني لإقامة دولة مؤقتة الحدود أو في إطار الحل الإقليمي بعيد المدى». وتابع: «قطاع غزة قضية سياسية بالدرجة الأولى وليست إغاثية أو إنسانية». وأردف «أن الولايات المتحدة تعرف جيداً أن سبب مأساة القطاع هو الحصار الإسرائيلي الظالم، وأن المطلوب هو معالجة سياسية لهذه القضية».
وشدد مجدلاني في حديث بثته الوكالة الرسمية على أن واشنطن لم ولن تجد دولة عربية واحدة تستجيب لها، وتتعامل معها ضد القضية الفلسطينية. وفي اتفاق سياسي نادر مع السلطة، رفضت «حماس» التي تضعها وزارة الخارجية الأميركية على قائمة المنظمات «الإرهابية» أي تدخل للولايات المتحدة في شأن غزة. وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري، «إن الولايات المتحدة الأميركية تحاول توظيف واستثمار معاناة سكان قطاع غزة لفرض رؤيتها للحل في فلسطين والمنطقة».
وأضاف: «إن التوجه الأميركي المتعلق بغزة محاولة لإنقاذ الاحتلال في ظل إدراكه للانفجار الوشيك في القطاع نتيجة السياسات الإسرائيلية القاتلة».
وكان غرينبلات انتقد بشكل خاص حركة حماس «لإهمالها سكان القطاع»، ولكنه لم يلغِ إمكانية ضم «حماس» في حال اتخاذها الخطوات الضرورية. وقال غرينبلات «لا يجب السماح بمشاركة (حماس) في أي حكومة مستقبلية حتى توافق على شروط اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط - الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة - بما يشمل الالتزام علناً باللاعنف، والاعتراف بدولة إسرائيل، وقبول الاتفاقيات السابقة والالتزامات بين الأطراف».
وأضاف: «عليها التخلي عن السلاح والالتزام بالمفاوضات مع السلطة. على (حماس) التطرق أيضاً إلى مسألة إنسانية أخرى وإعادة جثامين الجنود الإسرائيليين المحتجزة لديها، بالإضافة إلى المدنيين الإسرائيليين... هناك طريق للحل في غزة، ولكن فقط أن يكون لدى (حماس) الشجاعة الكافية للاعتراف بالفشل، والتوجه إلى طريق جديدة».
وطروحات غرينبلات على «حماس» ليست جديدة. ورد عليها مراراً زعيم الحركة في قطاع غزة، يحيى السنوار بأنها «مثل حلم إبليس في الجنة».
وجاء رفض «السلطة» و«حماس» للتدخل الأميركي في غزة في وقت يعاني فيه القطاع من تردٍ غير مسبوق في الأوضاع الحياتية والاقتصادية، وهو الأمر الذي حذر معه قائد الجيش الإسرائيلي من اندلاع حرب.
وتبلغ معدلات الفقر والبطالة في القطاع مستويات قياسية. وتظهر أرقام اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة أن 80 في المائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، فيما وصلت نسبة البطالة إلى 50 في المائة، ووصلت نسبة البطالة بين فئة الشباب والخريجين إلى 60 في المائة.
ويوجد في القطاع نحو ربع مليون عامل لا يزالون مُعطلين عن العمل، ولا يجدون فرصة سانحة لذلك، بسبب الحصار والحروب والانقسام، وما تبع ذلك من آثار خطيرة على كافة مناحي الحياة. ويفتقد الغزيون إلى الكهرباء طيلة ساعات اليوم، ولا يحصلون على مياه نظيفة، فيما تواصل إسرائيل تقييد دخول مواد البناء، وكثير من مستلزمات الأعمار، وتمنع بشكل كبير حركة الأفراد والبضائع، لأسباب تقول: إنها أمنية.
ويفشل معظم الغزيين في السفر أو العودة إلى قطاع غزة بسبب إغلاق المعبرين الرئيسين، إيرز من جهة إسرائيل، ورفح من جهة مصر. والاجتماع الأميركي المرتقب يستبق طرح الإدارة الأميركية، خطة «صفقة القرن». وأكد مسؤولون فلسطينيون أن الصفقة لن تمر. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، «القيادة الفلسطينية لا تخشى من صفقة القرن»، مضيفاً: «لا توجد قوة في الأرض تستطيع أن تفرض صفقة القرن عليناً، طالما أن الشعب الفلسطيني وقيادته يرفضون ذلك». وتابع: «طالما أن الموقف الفلسطيني مسنود من الأمتين العربية والإسلامية ومن أحرار العالم، فلن يستطيع ترمب هزيمتنا».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.