مقتل فلسطيني وإصابة العشرات في مظاهرات «نصرة القدس»

قوات الاحتلال تمنع إقامة ماراثون في القدس... وترش أراضي العرب بمبيدات سامة

جانب من المواجهات التي دارت بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة أمس  (رويترز)
جانب من المواجهات التي دارت بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)
TT

مقتل فلسطيني وإصابة العشرات في مظاهرات «نصرة القدس»

جانب من المواجهات التي دارت بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة أمس  (رويترز)
جانب من المواجهات التي دارت بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة أمس (رويترز)

قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، شاباً فلسطينياً من الخليل يدعى محمد زين الجعبري (24 عاماً)، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة وأب لطفلين، كما أصيب عشرات الشبان، الذين شاركوا في المظاهرات والمسيرات السلمية، التي تقام للأسبوع الرابع عشر على التوالي، نصرةً للقدس، واحتجاجاً على إعلان ترمب القدس عاصمةً لإسرائيل، ورفضاً لتوسيع رقعة الاستيطان.
وكان الجعبري قد أصيب برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء تواجده في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل، ونقل إلى المستشفى الأهلي لتلقي العلاج، ووصفت إصابته بالخطيرة، لكن بعد ذلك أُعلن استشهاده متأثراً بجراحه.
وتواصلت أمس المسيرات والمظاهرات الأسبوعية، التي دعت إليها القوى الوطنية والإسلامية في مختلف المحافظات الفلسطينية بعد صلاة الجمعة. لكن قوات الاحتلال قمعت هذه المسيرات باستخدام الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت؛ ما أدى إلى إصابة عدد من المواطنين بجراح، إلى جانب العشرات بحالات اختناق.
وشهدت مدينة القدس الشرقية المحتلة حالة من التوتر، بعد أن منعت شرطة الاحتلال بالقوة ماراثوناً في القدس مضاداً لسباق تهويدي تشرف عليه بلديه الاحتلال، حيث خرج عشرات المواطنين في محاولة لتنظيم الماراثون المضاد، مرتدين قمصاناً تحمل شعار «القدس عاصمة دولة فلسطين»، لكن قوات الاحتلال تصدت لهم واعتدت عليهم بالضرب، واعتقلت اثنين من المشاركين، كما صادرت الأعلام والرايات الفلسطينية. في حين حول جيش الاحتلال المدينة إلى ثكنة عسكرية، بحجة تأمين مسار الماراثون التهويدي، ونصب الحواجز العسكرية بكثافة في محيط القدس، وأجرى جنوده تفتيشاً واسعاً داخل سيارات المواطنين، ودققت في بطاقاتهم الشخصية، كما أعاقت وصول عدد منهم إلى المسجد الأقصى المبارك لأداء صلاة الجمعة.
وفي قرية العيسوية، أدى المواطنون صلاة الجمعة قرب المدخل الرئيسي للبلدة، للأسبوع السادس على التوالي؛ احتجاجاً على حصارها من قبل الاحتلال، وعلى سياسة الهدم والتنكيل، التي تمارسها قوات الاحتلال بحق أهالي القرية، وسط انتشار عسكري مكثف.
وفي غضون ذلك، شهدت مناطق عدة في محافظة رام الله والبيرة اندلاع مواجهات بين الشبان وجنود الاحتلال، تركزت بشكل أكبر في قرية المزرعة الغربية ومدخل البيرة الشمالي؛ ما نجم عنه إصابة شابين بالرصاص المطاطي، إلى جانب العشرات بحالات الاختناق، بعد قمع قوات الاحتلال مسيرة سلمية انطلقت من قرية المزرعة الغربية شمال غربي رام الله صوب أراضي القرية المهددة بالمصادرة لصالح شق طريق استيطاني، يربط مستوطنات «تلمون» و«حلاميش» و«عطيرت» المقامة على أراضي المواطنين ببعضها بعضاً.
واستخدمت قوات الاحتلال الرصاص المعدني والغاز المسيل للدموع بكثافة صوب المشاركين، كما تعمدت استهداف الطواقم الصحافية والطبية بقنابل الغاز؛ ما أدى إلى إصابة عدد منهم بحالات اختناق.
وقال رئيس المجلس القروي للقرية سعيد شريتح: إن هذه المسيرة تنظم للأسبوع السادس على التوالي؛ بهدف التصدي لمحاولات قوات الاحتلال السيطرة على أكثر من 4 آلاف دونم من أراضي القرية لصالح مشروعات استيطانية، ستؤدي إلى عزل القرية عن أراضيها، ويمنع مستقبلاً أصحابها من الوصول إليها. وعند المدخل الشمالي لمدينة البيرة، أصيب عدد من المواطنين بحالات اختناق، نتيجة المواجهات. في حين رشق الشبان الفلسطينيون جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة، كما أشعلوا الإطارات المطاطية على الطريق المؤدية إلى حاجز «بيت إيل» الاحتلالي المقام عند مدخل المدينة الشمالي. كما دارت مواجهات في قريتي نعلين وبلعين غرب رام الله، وقرى دير نظام والنبي صالح شمال رام الله.
وفي محافظة قلقيلية، وتحديداً في قرية كفر قدوم، أصيب عدد من أهالي القرية خلال قمع قوات الاحتلال المسيرة الأسبوعية السلمية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 14 عاماً لصالح مستوطني «قدوميم»، واحتجاجاً على إعلان ترمب بشأن القدس المحتلة.
وشهدت القرية انتشاراً مكثفاً لقوات الاحتلال، الذين تخفوا بين أشجار الزيتون في محاولة لاعتقال الشبان المشاركين في المسيرة، في حين أصيب شابان بالرصاص المعدني، إضافة إلى العشرات بحالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع.
وفي محافظة نابلس، تصدى الأهالي لمحاولات المستوطنين السيطرة على منطقة «جبل الراس» المحاذية لمستوطنة «معالي ليفونا»، المقامة على أراضي القرية. وقد نجح أهالي القرية في طرد المستوطنين من أراضيهم وحرق خيامهم، التي قاموا بنصبها في المنطقة، بحماية من جيش الاحتلال. كما اندلعت مواجهات بين أهالي القرية وجيش الاحتلال، الذي أطلق قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه المواطنين؛ ما أدى إلى إصابة الكثير بحالات اختناق.
وعلى الحدود الشرقية لقطاع غزة، اندلعت مواجهات بين عشرات الشبان وقوات الاحتلال الإسرائيلي، المتمركزة داخل الأبراج العسكرية والدبابات. وأطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي وقنابل الغاز من خلف السواتر الترابية. كما شهدت المنطقة وجوداً مكثفاً للآليات العسكرية الإسرائيلية، في حين عمدت طائرات الاحتلال منذ الصباح الباكر إلى رش أراضي المواطنين الزراعية في محيط المنطقة بالمبيدات الحشرية السامة؛ حتى لا تحجب المزروعات رؤية المتظاهرين، في حين يتوقع أن تتسبب هذه المبيدات بتلف المزروعات وخسائر للمواطنين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.