العراق: استنفار زعامات دينية لمواجهة دعوات مقاطعة الانتخابات

TT

العراق: استنفار زعامات دينية لمواجهة دعوات مقاطعة الانتخابات

عَكَس استنفار زعامات دينية عراقية لديها أجنحة سياسية بارزة للحشد للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقررة في مايو (أيار) المقبل، تزايد المخاوف من تأثير دعوات مقاطعة الاقتراع. ورغم أن سياسيين يقللون من أثر دعوات المقاطعة التي يرددها أئمة ودعاة وشخصيات من التيار المدني، سواء عبر خطب الجمعة، والدروس الدينية، أو مواقع التواصل الاجتماعي، فإن بعضهم يرى أن هذا الاستنفار «يظهر حجم القلق والخوف... خصوصاً أن هذه الدعوات قد تمس في مرحلة لاحقة بشرعية النظام السياسي، رغم أنها لن تغير النتائج المتوقعة للانتخابات المقبلة».
وتبادل القياديان الشيعيان البارزان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر وزعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، حض الناخبين على المشاركة بكثافة في الانتخابات. وعاد الصدر الذي كان حل «كتلة الأحرار» البرلمانية التابعة له ومنع ترشح كل نوابها (31 نائباً)، عن قراره جزئياً واستثنى 7 منهم أخيراً. كما أعلن الصدر أن «حزب الاستقامة»، عماد «تحالف سائرون» الانتخابي الذي يدعمه، ينتمي إلى «التيار الصدري»، وهي إشارة فهمها المراقبون والمتابعون للشأن الانتخابي، باعتبارها دعوة لجمهوره العريض إلى انتخاب هذا الحزب بعد تزايد دعوات المقاطعة.
وفي السياق نفسه، اعتبر الصدر، أمس، أن العزوف عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة «خيانة للعراق وتقوية لشوكة الفاسدين». وقال جواباً على استفسار من بعض مؤيديه حول عزوف بعض العراقيين عن المشاركة في الانتخابات: «أسأل الله أن يوفقنا لأن تكون الانتخابات الحالية طلقة في جسد الفساد». ورأى أن «العزوف عن الانتخابات لا يلغيها، بل سيقوي شوكة الفاسدين. وكل من يعزف فهو متعاون معهم وخائن، ليس لنا فحسب، بل للعراق أجمع».
أما زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم فاعتبر أن «الشائعات والتضليل ما عادت تؤثر على الشعب العراقي كما في ظروف سابقة».
وقال في لقاء عشائري في محافظة النجف إن «بناء الدولة القوية المهابة ليس أمراً مستحيلاً، والانتصارات التي تحققت تجعل المسؤولية أكبر في التغلب على التحديات القادمة للحفاظ على تلك الانتصارات التي جاءت بتضحيات أبناء الشعب العراقي».
وأشار إلى «أننا نراهن على وعي الشعب العراقي في دحض الفتن، ولشيوخ العشائر دور كبير في توضيح وتبيان الأمور».
ويرى الأمين العام السابق لـ«حزب الفضيلة» نديم الجابري، وهو سياسي مستقل حالياً، أن «هناك قلقاً ملحوظاً لدى الزعامات الإسلامية من الانتخابات المقبلة، رغم أنهم يمتلكون أدواتها ووسائل التأثر فيها بما يمتلكونه من قدرة مالية ومفوضية انتخابات تشكلت بإرادتهم ومال سياسي».
وأضاف الجابري لـ«الشرق الأوسط»: «هم قلقون من تصاعد فرص التيار المدني في البلاد... أي محاولة لضبط إيقاع الانتخابات تجعل الكفة لا تميل لهم، لكن من المؤكد أن الانتخابات لن تكون نزيهة بالكامل لأسباب يطول شرحها». وأوضح أن خيار المقاطعة «لم يعد يشمل بسطاء الناس الذين يمكن أن يتأثروا ببعض دعوات رجال الدين، بل هو خيار أتبناه لقناعتي بأن الانتخابات مسيطر عليها، ولن تكون انتخابات حقيقية. وهذه القناعة هي ما جعل الدعوة تكبر لدى قوى كثيرة».
ولفت إلى أن «دعوات المقاطعة تمثل تحدياً حقيقياً لقوى الإسلام السياسي، مع أنها لن تؤثر على النتائج. لكن الخشية من أنها يمكن أن تلفت نظر القوى الدولية بشأن مدى شرعية النظام السياسي، وهو ما يجعلها تفكر إما بتغييره أو على الأقل تعديله».
ورأى إبراهيم الصميدعي، المرشح عن «تحالف ديالى» الانتخابي، أن «الدعوة بدأت تكبر بالفعل، رغم أن النتائج محسومة سلفاً». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه يفكر «بسحب الترشح وأخذ خيار المقاطعة».
ويرى النائب عن «الجبهة التركمانية» حسن توران أن «هناك ميلاً بالفعل للعزوف عن المشاركة في الانتخابات في مختلف المناطق والمحافظات، وهو ما بات يشكل أزمة حقيقية (تطعن في) جدية ما قدمته الطبقة السياسية للناس طوال السنوات الـ14 الماضية».
وأضاف أن «الأوضاع الاقتصادية باتت تمثل عائقاً أمام عدم التجديد لمن تسبب في إهدار أموال العراقيين، إضافة إلى عدم وجود وضوح التزام مبدأ التداول السلمي للسلطة وأن الانتخابات هي الطريق الوحيد للتغيير». ورأى أن «القانون الانتخابي بحاجة إلى تغيير حقيقي كي يعطي فرصة أكبر للمرشحين».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».