بديع أبو شقرا: يتملكني الفضول لمتابعة أعمال بعض الممثلين

يطل في موسم رمضان في مسلسل «ومشيت»

بديع أبو شقرا
بديع أبو شقرا
TT

بديع أبو شقرا: يتملكني الفضول لمتابعة أعمال بعض الممثلين

بديع أبو شقرا
بديع أبو شقرا

قال الممثل بديع أبو شقرا إنه من الطبيعي أن يفشل ممثل ما أو ينجح في أحد أعماله. وأوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مهما بلغ الممثل من تجارب وغبّ من خلفية ثقافية تمثيلية إلا أنه قد يفشل في دور ما يؤديه بسبب تبنيه رؤية خاطئة في أدائه، بحيث يكون قد فكر بطريقة لا تتلاءم والعمل الذي يقوم به». وأعطى أبو شقرا مثالاً عن ذلك أعمال زياد الرحباني الأخيرة: «لم تحقق أعماله الأخيرة النجاح المطلوب كالتي قدمها في الماضي، مع أنني على قناعة شخصية بأنها تتضمن طروحات وموضوعات أكثر أهمية من سابقاتها. لكن مع الأسف لم يستوعبها المشاهد ففشلت».
وبديع أبو شقرا الذي يجمع المجد من أطرافه؛ إذ حصد لقب برنامج «الرقص مع المشاهير» في العام الماضي، وقدم أداءً مميزاً في استعراضه الغنائي الممسرح «كاس ومتراس» إلى جانب تبوئه الصدارة في عالم التمثيل، يجد أن إلمام الممثل بهذه الفنون من شأنه أن يساهم في أدائه التمثيلي، ولا سيما أن حركة جسم الممثل تعد من مقوماته الأساسية، فتخوله لعب أدوار متنوعة ومختلفة يطمح إليها. وعما إذا هناك من إمكانية تقديمه عملاً استعراضياً يجمع فيه مهاراته في الرقص والغناء والتمثيل، يقول: «أتمنى أن أقوم بعمل مماثل شرط أن يتضمن إعادة تغيير مفاهيم معينة. كما أفضل أن أقدم هذا النوع من الأعمال على مسرح صغير، بعيداً عن نزعة الاستعراضات الضخمة العصرية، على أن تتضمن عزفاً موسيقياً مباشراً». ورأى أبو شقرا الذي حقق نجاحات واسعة في أعماله الفنية بوجهاتها المختلفة، أن الأعمال الاستعراضية التي كنا نشاهدها في أفلام عربية ماضية لم تعد تناسب أيامنا اليوم، ويجب أن يتم تحديثها من حيث المفهوم والشكل معاً.
وكان الممثل بديع أبو شقرا قد لفت اللبنانيين مؤخراً بأدائه الطبيعي والقريب إلى القلب في مسرحية «كاس ومتراس»، التي يستذكر فيها أغاني الحرب اللبنانية على مختلف جبهاتها. وعن الهدف من تقديمها يقول: «كثيراً ما كررت أن الفن لا يرتكز على هدف معين، بل هو وسيلة تعبير. فأنا ضد الفن الرسالة وقدمت استعراض (كاس ومتراس) لأنني استمتعت بها شخصياً. فما نعيشه حالياً في لبنان هو حالة حرب من نوع آخر تختلف بالشكل والظروف، ويغيب عنها السلاح الذي كان متفشياً في الماضي بين اللبنانيين. فتلك الأغاني ترتبط ارتباطاً مباشراً باللبنانيين من مختلف الأطياف، وأنا شخصياً أرتبط بها عاطفياً، وأكن لها كل الوفاء بغض النظر عن الوجهة السياسية التي تمثلني في السابق أو اليوم». وعن سبب الحنين الذي يتملكنا عند استماعنا لتلك الأغاني يوضح: «لا نحنّ لتلك الأجواء أبداً، بل إلى لحظات الفرح في تلك المرحلة الصاخبة. فهي كانت نادرة؛ إذ كنا نقتنصها في جلسة ما وفي (لعبة ورق) وفي علاقة حب تدور جميعها بين جدران الملجأ، وهذه الأغاني تذكرنا بتلك اللحظات. وما أنا متأكد منه هو أننا جميعاً لا نحنّ إلى الحرب بتاتاً، إلا أن تلك الأيام تذكرنا بنضالنا وبجروحنا وبشهدائنا أيضاً وبكيفية مقاومتنا للموت، والدليل على ذلك هو تجاوزنا لها بفضل تشبثنا بالأمل». لكن هل كنت تعرف بموهبتك الغنائية؟: «أعرف أنني مؤدٍ جيد، وأغني بشكل صحيح، كما درست الموسيقى لفترة قصيرة في المعهد الموسيقى الوطني. لقد تمرنت على الغناء مع ريان الهبر وفادي مرهج (المشرفين على عرض «كاس ومتراس»)، وأخذت دروساً مع المغني الأوبرالي فادي جامبارك. كل ذلك ساعدني على تقديم المسرحية على المستوى المطلوب بعيداً عن أي خطوة ناقصة». ويضيف: «والأهم هو أن المسرحية لا تنطوي لا على التجريح والسخرية ولا على الاستهزاء من الآخر؛ إذ لم أشأ أن أستخف بنفسي وبالفن الذي أقدمه». وهل يعني ذلك أنك لن تنوي إصدار عمل غنائي قريب؟ يرد مبتسماً: «لا أبداً لا أفكر في هذا الموضوع بتاتاً».
حالياً يصور بديع أبو شقرا مسلسل «ومشيت» ليشكل للسنة الثالثة على التوالي ثنائياً تمثيلياً مع كاتبته كارين رزق الله، فهل يجدها حالة صحية؟ «ليس هناك من صح أو خطأ في موضوع الثنائية المتكررة، بل حالة نجاح. كما أن هناك هواجس مشتركة بين الكاتب والممثلين تؤدي مرات كثيرة إلى هذا السياق.
أما عن دوره في المسلسل الرمضاني المذكور فيقول: «يدور (ومشيت) في أجواء إنسانية بامتياز ذات بعد سياسي غير تقليدي في التعاطي مع الأمور ومع الأزمة التي نواجهها، وذلك إلى جانب قصة الحب التي تدور بين ضابط مخابرات في الجيش الذي أجسّده، وبين شابة طموحة تؤدي دورها كارين. وبذلك ينقل وجهة النظر المختلفة بين المدنية والعسكرية على أرض الواقع». لا يحبذ أبو شقرا عملية التصوير في مسلسلين في آن واحد. ويعلق: «لا أحب تصوير دورين مختلفين في آن؛ فهذا الأمر يتعبني». وعن دوره في مسلسل «بردانة أنا» الذي تشاركه فيه أيضاً كارين رزق الله ممثلةً، وهو من كتابة كلوديا مرشيليان، المتوقع أن يبدأ تصويره فور انتهائه من الأول، يقول: «هو دور مغاير تماماً عما سبق وقدمته في أعمال الدراما ويمكن تصنيفه بالصعب». وعن اتباع بعض المنتجين سياسة الأهداف التجارية بدلاً عن النوعية في أعمال يصنعونها يرد: «لا شك أن هناك أعمالاً درامية يطبق فيها المنتج رؤيته التجارية بهدف الانتشار السريع والوصول لأكبر شريحة ممكنة من الناس. لكن المهم في هذا الموضوع تطبيق قاعدة أهم، ألا وهي الممثل المناسب في المكان المناسب».
ويؤكد بديع أبو شقرا أن لديه الفضول لمتابعة أعمال فنانين معينين، ويقول: «أحب متابعة هؤلاء؛ إذ لدي الحشرية لأتعرف إلى التقنية التي يتبعونها في أدائهم. فلكل ممثل هويته وحضوره، وعلى الناس ألا تظلم الممثل الذي يدافع عن دوره في حال أخفق فيه، فهذا من حقه ولا يجب محاكمته، وبرأيي مقولة (الممثل الشاطر) ليست حقيقية، فإما أن يكون ممثلاً أو لا». وما رأيك في الممثلين الذين دخلوا الساحة من باب مغاير تماماً لا يتصل بالتمثيل ولا بالخلفية الأكاديمية؟ يرد: «خبرة الممثل يمكن أن يكتسبها من تجاربه وإطلالاته المتكررة وقراءاته وأبحاثه، وليس من الضروري أن تترافق مع الخلفية الأكاديمية. وكثيرون منهم نجحوا ويعطيهم العافية لأنهم قاموا بأعمال ناجحة. وفي المقابل، لا يمكن أن نغض النظر عن هؤلاء الذين يعملون في هذا المجال ولا يملكون أي معطيات تخولهم بأن يكونوا ممثلين».
وعما إذا قرار مجموعة «إم بي سي» بإيقاف عرض المسلسلات التركية سيرتد إيجاباً على الأعمال المحلية يقول: «لا علاقة للدراما المحلية بهذا الأمر، ولن يرتد علينا إيجابياً إلا إذا أسسنا لصناعة دراما حقيقية، من خلال إنشاء صندوق دعم يطال جميع الفنون درامية كانت أو وسينمائية ومسرحية. فما دام أن دعمها مادياً ومعنوياً غائباً من قبل الدولة اللبنانية فهي لن تحقق أي تطور ملموس نتمناه».
غاب بديع أبو شقرا عن الساحة اللبنانية عندما استقر في فترة سابقة في كندا. فكيف تأثرت خياراته وتحضيراته للأدوار التي يشارك فيها بعد إقامته هناك؟ «لم يتغير أي شيء فيها، فطريقتي في التمثيل بقيت هي نفسها وكذلك خياراتي. فإلى جانب الخلفية الأكاديمية التي أتمتع بها (خريج معهد الفنون في الجامعة اللبنانية) أمارس عملية قراءة دقيقة للنص، فإذا لم يدفعني الدور لأن أحلم به لا أقدم عليه بكل بساطة.



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».