لندن: زيارة ولي العهد إيذان بانطلاق حقبة جديدة في العلاقات

نواب بريطانيون اعتبروها فرصة لمواجهة دور إيران في المنطقة وتوسيع مجالات الشراكة

البرلمان البريطاني وفي الاطار النائبين رحمان شيشتي ودانييل كاوزينسكي
البرلمان البريطاني وفي الاطار النائبين رحمان شيشتي ودانييل كاوزينسكي
TT

لندن: زيارة ولي العهد إيذان بانطلاق حقبة جديدة في العلاقات

البرلمان البريطاني وفي الاطار النائبين رحمان شيشتي ودانييل كاوزينسكي
البرلمان البريطاني وفي الاطار النائبين رحمان شيشتي ودانييل كاوزينسكي

تتصدر زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى لندن حديث الصحف والسياسة في بريطانيا، لكونها ثاني محطة في أول جولة خارجية له وفرصة لتعزيز العلاقات بين البلدين وتوسيعها. وتتردد ثلاثة محاور على لسان نواب ووزراء بريطانيين يتطلعون إلى بحثها خلال الزيارة، هي تعزيز التجارة ودعم استقرار الشرق الأوسط، والحفاظ على الشراكة الأمنية وتوسيعها إلى مجالات أخرى.
وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة ولي العهد السعودي إيذان بانطلاق حقبة جديدة في العلاقات الثنائية تركز على شراكة تحقق منافع واسعة النطاق لكل من المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، بما في ذلك خلق واستمرارية فرص العمل في بريطانيا، وتشجيع مزيد من الإصلاح المجتمعي في السعودية، والحفاظ على سلامة مواطنينا هنا في بريطانيا وفي الخارج. كما نسعى إلى تعزيز التعاون بين بلدينا لمعالجة التحديات الدولية، بما فيها الصراع والأزمة الإنسانية في اليمن».
وقبل أيام، اعتبر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون في مقال إن مستقبل المنطقة والعالم الإسلامي يعتمد على نجاح الأمير محمد بن سلمان في مسعاه الإصلاحي. وسلط الضوء على أهمية التعاون الأمني مع السعودية، وقال إن «المعلومات الاستخبارية التي تقدمها السعودية شكّلت عاملا حاسما في مكافحة الإرهاب. والحقيقة المجرَّدة هي أنه بفضل تعاوننا الأمني مع السعودية تمّ إنقاذ حياة مواطنين بريطانيين ووقف اعتداءات في بريطانيا».
وفي هذا الصدد، قال النائب البريطاني رحمان شيشتي لـ«الشرق الأوسط» إن «السعودية والمملكة المتحدة تجمعهما علاقات تاريخية طويلة، وستساهم زيارة ولي العهد السعودي إلى المملكة المتحدة في تعزيز هذه العلاقات الثنائية». وذكر التجارة بوصفها مجال تعاون بارز بين الدولتين الحليفتين، لافتاً إلى أنه «تم تسجيل زيادة بنسبة 40 في المائة في حجم التبادل التجاري منذ 2010». وقال إن «10 في المائة من التعاملات المالية البريطانية مع بقية دول العالم تتركز في دول الخليج، ما يفوق حجم التعاملات البريطانية - الصينية».
واعتبر شيشتي أن «رؤية 2030» التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان توفر «فرصاً تجارية واستثمارية كبيرة للشركات البريطانية، وتتيح لها فرصة طرح خدماتها ومهاراتها في اقتصاد سعودي يتجه نحو التنوع، ما يعود بالنفع على الدولتين من حيث التوظيف وتحقيق النمو الاقتصادي».
كما اعتبر هذا النائب الشاب الذي يمثل دائرة غيلينغهام ورينهام عن حزب المحافظين، أن زيارة ولي العهد ستساهم في تعزيز العلاقات الأمنية والدفاعية بين البلدين. وقال إن المسؤولية الأولى للدولة هي حماية مواطنيها، سواء كان ذلك في الرياض أو في لندن، لافتاً إلى حجم التعاون الأمني بين الدولتين الحليفتين وتبادل المعلومات الاستخباراتية لإجهاض المخططات الإرهابية.
كما توقّع شيشتي أن يتطرق الجانبان البريطاني والسعودي خلال زيارة ولي العهد إلى الوضع الإقليمي في الشرق الأوسط. وأوضح أن الزيارة «ستكون فرصة رائعة لبحث بعض التحديات في المنطقة، بما يشمل الوضع في سوريا وغيرها». وذكّر بخطاب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في كلمتها خلال الجلسة الختامية للقمة الخليجية في المنامة، حيث شددت على ضرورة العمل سوية لمواجهة التهديد الذي تطرحه إيران. واعتبر زيارة ولي العهد السعودي «فرصة للعودة على ما تمّ تحقيقه منذ ذلك الوقت لمواجهة التحديات التي تطرحها إيران في المنطقة، وبحث سبل تعزيز ذلك». كما اعتبر الزيارة فرصة لبحث سبل التوصل إلى حل دولتين لحل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، ومعالجة الحرب في اليمن من ناحية إنسانية.
ومع اقتراب موعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، اعتبر شيشتي أن زيارة الأمير محمد بن سلمان تفتح الباب أمام علاقات تجارية متقدمة مع السعودية، فيما تتيح «رؤية 2030» فرصة لقطاع الأعمال البريطاني لدعم الإصلاحات الاقتصادية في المملكة عبر مهارات الشركات البريطانية وخبراتها المتنوعة. وشدد على «ضرورة تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والبريطاني»، لافتاً إلى «توافد طلاب سعوديين على الجامعات البريطانية». وتدرس 90 مدرسة في السعودية مناهج دولية وتطبق امتحانات بريطانية، وتمنح أكثر من 130 ألف مؤهل بريطاني في السعودية سنوياً. كما يدرس في المملكة المتحدة 15 ألف طالب سعودي.
وفي 2016، كانت المملكة المتحدة البلد الأكثر استقطاباً للزائرين من دول مجلس التعاون الخليجي في أوروبا الغربية، وكان نحو 20 في المائة من الزائرين من السعودية. ويبلغ متوسط ما ينفقه الزائرون السعوديون إلى المملكة المتحدة 2370 جنيهاً إسترلينياً في كل زيارة. ومن المتوقع أن ينمو عدد الزيارات عموماً من السعودية إلى المملكة المتحدة بنسبة 20 في المائة ما بين 2016 و2020.
من جانبه، أشاد النائب المحافظ دانييل كاوزينسكي بالتغطية الإعلامية البريطانية لزيارة ولي العهد السعودي. وقال: «بدأنا نرى مؤخراً في الصحافة البريطانية تغطية معقولة وواضحة للسعودية، تقدّر أهمية هذا الحليف الاستراتيجي للمملكة المتحدة». وأضاف كاوزينسكي الذي شارك وقاد وفوداً عدة إلى السعودية منذ عام 2005، أنه لطالما اعتبر السعودية حليفاً استراتيجياً أساسياً.
وأوضح: «اليوم، ومع الإصلاحات تحت الإدارة السعودية الحالية، بدأ الصحافيون الذين كانوا عدائيين ومشككين تجاه السعودية، في إدراك عمق الإصلاحلات وأهمية التقدم الذي تحرزه السعودية». كما لفت إلى أهمية العلاقات السعودية - البريطانية في ظل التدخّل الإيراني في المنطقة، سواء تعلّق الأمر بالبحرين أو سوريا أو العراق أو اليمن. وشدد على ضرورة «دعم حلفائنا السعوديين الذين كانوا أصدقاء موثوقين لأجيال متوالية».
وعلى الصعيد الأمني، قال كاوزينسكي إن السعودية شريك أساسي في مكافحة الإرهاب، كما تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط وتتمتع بتأثير واسع في العالم العربي والجامعة العربية. واعتبر أنه «يجب على الأجيال المتعاقبة من السياسيين البريطانيين أن يبيّنوا أننا متمسكون بدعم وتعزيز هذه الشراكة المتميزة والحفاظ عليها».
وتابع: «أنا سعيد بمستوى الشراكة المتعلقة بالأمن والدفاع، لكنني أتمنّى أن تسهم هذه الزيارة في تنويع العلاقات الثنائية. أريد أن أرى تعاونا أكبر في مجال التعليم بين جامعاتنا والجامعات السعودية، كما أود أن أرى المزيد من الاستثمارات البريطانية في السعودية». ودعا كاوزينسكي رجال الأعمال البريطانيين إلى بحث الاستثمار في السعودية، باعتبارها إحدى أكثر الأماكن جاذبية ونشاطاً.
وتعتبر لندن خريطة الطريق التي ترسمها «الرؤية 2030» فرصة استثمارية استثنائية للشركات البريطانية في قطاعات التعليم والترفيه والرعاية الصحية، كما تعتبرها خطوة تمهد لتحويل السعودية إلى قوة استثمارية عالمية.



تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
TT

تأكيد سعودي على التكامل الأمني الخليجي

وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)
وزراء الداخلية بدول الخليج ناقشوا خلال اجتماعهم في قطر تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك (واس)

أكد الأمير عبد العزيز بن سعود وزير الداخلية السعودي، الأربعاء، موقف بلاده الراسخ في تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دول الخليج، خصوصاً في الشأن الأمني من أجل صون الحاضر الزاهر لدول الخليج وحماية مقدراتها وتنميتها من أجل مستقبل مشرق، وذلك خلال الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول مجلس التعاون الخليجي في قطر.

وناقش وزراء الداخلية خلال الاجتماع الذي عقد برئاسة الشيخ خليفة بن حمد وزير الداخلية القطري (رئيس الدورة الحالية)، الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال، التي من شأنها الإسهام في تعزيز مسيرة التعاون الأمني المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

الأمير عبد العزيز بن سعود خلال مشاركته في الاجتماع الـ41 لوزراء الداخلية بدول الخليج في قطر (واس)

وأشار وزير الداخلية السعودي في كلمة خلال الاجتماع، إلى مواجهة الأجهزة الأمنية تحديات تتمثل في أنماط الجريمة المستجدة، خصوصاً المرتبطة بإساءة استخدام التقنية، وتطور أساليب تهريب وترويج المخدرات، وظهور أنواع متعددة من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومنها تهريب وصناعة الأسلحة عبر تقنيات متقدمة أصبحت سهلة الاقتناء من قبل التنظيمات الإجرامية، التي ستساهم في انتشار الجريمة والتهديدات الإرهابية والتطرف في ظل عدم الاستقرار الذي تمر به الكثير من الدول، لافتاً إلى أهمية حشد الجهود المشتركة، والسعي إلى تطوير الخطط والاستراتيجيات وبناء القدرات لمواجهة ذلك.

وأوضح وزير الداخلية السعودي أن الاجتماع بما يصدر عنه من نتائج «يعزز العمل الأمني الخليجي المشترك، ويساهم في التعامل بنجاح مع المستجدات والتحديات التي تواجه الأجهزة الأمنية، بما يحقق التوجهات الحكيمة لقادة دول المجلس وتطلعات شعوبنا، ويرسخ منظومة الأمن والاستقرار، ويعزز فرص التنمية والازدهار، وأن يكلل أعمال الاجتماع بالنجاح».

وقال الأمير عبد العزيز بن سعود عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس» إنه بتوجيه من القيادة السعودية أكد خلال الاجتماع موقف بلاده في «تعزيز التواصل والتنسيق والتكامل بين دولنا وخصوصاً في الشأن الأمني؛ لصون حاضرنا الزاهر، وحماية مقدراتنا وتنميتنا من أجل مستقبل مشرق».