صالون القاهرة يحتفي بالرسم مبدداً ركود الحركة التشكيلية المصرية

يضم لوحات الرواد والشباب بمشاركة 98 فناناً

إحدى لوحات المعرض
إحدى لوحات المعرض
TT

صالون القاهرة يحتفي بالرسم مبدداً ركود الحركة التشكيلية المصرية

إحدى لوحات المعرض
إحدى لوحات المعرض

تجربة بصرية غنية وممتعة يقدمها صالون القاهرة في دورته الـ58 والمقام حاليا بقصر الفنون بدار الأوبرا المصرية بالقاهرة. تزدان جدران القصر بلوحات تحتفي بفن الرسم الذي يشكل المرحلة الجنينية لأي عمل فني سواء لوحات أو منحوتات وغيرها من ألوان الفنون التشكيلية.
افتتح الصالون أمس (الأحد)، بحضور الدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية، ودكتور أحمد نوار رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة، ودكتور أشرف رضا أستاذ التصميم بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، وعدد من أهم الفنانين التشكيلين في مصر.
وتحت عنوان «الرسم... الغالية والوسيلة» تتبارى لوحات 98 فنانا وفنانة من مختلف أجيال الفنانين المصريين في اجتذاب الجمهور من حيث التقنية أو الخطوط أو الخامات أو الأفكار وتناولها. ويضم الصالون أعمالا تعكس مختلف الاتجاهات والمدارس الفنية. التجول ما بين طوابق قصر الفنون الأربعة سيعطيك دفقة أمل كبرى بوجود جيل جديد من الفنانين يقدم أفكاره بشكل مبتكر يضيف للحركة الفنية المصرية ويستكمل مسيرة الرواد. بداية من اختيار الأعمال وتنظيمها وإخراجها وتنسيقها التي أشرف عليها قومسيير الصالون الفنان سامح إسماعيل، فزيارة الصالون تبشر بحركة فنية قوية خلال السنوات المقبلة تبدد الركود والنمطية التي تكبل الحركة التشكيلية في مصر.
ويعد صالون القاهرة الثقافي هو أول نشاط فني يظهر بعد مبادرة الأمير يوسف كمال، بتأسيس أول مدرسة للفنون الجميلة عام 1908. وأضاف أن اسم صالون القاهرة يعود إلى الجمعية المصرية للفنون الجميلة التي تأسست عام 1919 م، وذلك بعد قيام الثورة، وافتتحت دورته الأولى في عام 1921.
يقول الدكتور أحمد نوار، رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة لـ«الشرق الأوسط»: «أهم أهداف المعرض هي الكشف عن روح البناء التشكيلي للنحات والمصور والحفار وإبراز القيم الجمالية غير المرئية في أعمالهم التقليدية إذا كان تمثال أو لوحة. فن الرسم هو العمود الفقري لأي عمل فني ويعكس الصورة الذهنية لفكرة الفنان قبل تنفيذها» ويضيف: «هناك أعمال غير مسبوقة لنحاتين يرسمون بالقلم الرصاص أو الحبر لأول مرة وخرجت بهذه الروعة والجمال والقيمة الكبيرة لذا فإن رؤيتها تمثل أمرا هاما للفنانين وعشاق الفن التشكيلي».
ويعبر نوار عن إعجابه بالمعروضات قائلا: «من فنان لفنان هناك رؤية وشخصية وتقنيات مختلفة، أيضا سنجد أعمالا تجريدية أو تعبيرية أو تشخيصية أو سيرالية تعطي عمقا للمعرض وأتصور أنه سينال نصيبا كبيرا من النقد الفني، فهو معرض استثنائي في تاريخ الحركة الفنية المصرية، أعتبر أنه سيضيف للحركة الفنية ويخرجها من ركودها... فاليوم وجدنا قاعة كاملة للوحات السيرالية كان يظن البعض أنها مجرد موجة وانتهت... واليوم (صالون القاهرة) يثبت أن الفن لا ينتهي».
ويؤكد نوار «فن الرسم ليس مجالا من مجالات الفنون بل هو كل الفنون، سعدت بالمعرض ووجدت رسوم فنانين تفوقت على أعمالهم الغرافيكية والنحتية، ولمست حالة تحول كبير في الأفكار والتناول سوف تظهر نتيجته على الساحة خلال الفترة المقبلة، وأنا على يقين أنه سيحفز لدى الشباب الفنانين ويخرج طاقاتهم الفنية الكامنة».
عن دور جمعية محبي الفنون الجميلة، يقول نوار: «الجمعية تقوم بدورها رغم عدم وجود دعم مادي من وزارة الثقافة منذ نحو 10 سنوات حيث كانت معنية بالثقافة في مصر قبل وجود وزارة ثقافة، لكن لا تزال الجمعية تقدم دورها على أكمل وجه في دعم الفن التشكيلي».
من ناحيته، قال الدكتور أشرف رضا الأستاذ بكلية الفنون الجميلة وعضو مجلس إدارة جمعية محبي الفنون الجميلة وصاحب مؤسسة آراك للفنون، لـ«الشرق الأوسط»: «معرض صالون القاهرة يعود بنا من خلال جمعية محبي الفنون الجميلة لأصل الفن التشكيلي وهو الرسم الذي يبرز مهاراتهم الفنية وإبداعاتهم واستخدامهم للتقنيات من أول رسم (الإسكتش) والرسم بالأقلام الرصاص أو الحبر أو الأصباغ ويقدم لنا جيلا جديدا من الفنانين المبدعين»
أما الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية فقال لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذا المعرض النوعي حالة متميزة يحقق انتعاشا وحركة في الوسط الفني التشكيلي ويمثل طفرة بين الأجيال الفنية المختلفة التي تتحاور مع بعضها، وأتصور أنه سيحقق نقلة في الفن التشكيلي المصري».
أمام إحدى اللوحات التجريدية، وقف الفنان التشكيلي عبد الوهاب عبد المحسن يتأملها وأعرب لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية مثل هذا العرض وأضاف: «نحتاج لمثل هذه المعارض النوعية التي تمثل توثيقا لحركة التشكيلة المصرية، وهو من أهم معارض الرسم التي أقيمت على مستوى التنسيق والإعداد والتجهيز، وهو يمثل صورة إيجابية جدا ومشرفة جدا عن الفن المصري المعاصر». ويضيف «مستوى الشباب يطمئننا على مستقبل الحركة التشكيلية وربما يغير من آليات السوق في مجال الفن التشكيلي».
بجانب لوحتين ضخمتين، تقف الفنانة نسمة محرم التي تكالب على لوحتيها جمهور الصالون حيث قدمت لوحتين تتحاوران وتكملان بعضهما حول فكرة الخير والشر وكيف أن الكائنات المسكونة بالشر تحاول دائما الانقضاض على كل ما يحمل البراءة والنقاء والجمال في اللوحة المجاورة، فجسدت الأشرار من دون عيون قائلة: «لأن العين هي نافذة الروح» يبدو أنها أرادت أن تجسد الأشرار من دون روح، مضيفة: «أميل دوما لتجسيد المشاعر الإنسانية التي تلمسني».
في أحد أركان الصالون ستجد لوحات مبتكرة مستلهمة من فكرة إعلانات البحث عن المفقودين، «الشرق الأوسط» تحدثت للفنان محمد الجنوبي الذي شرح فكرته التي استوحاها من الإعلانات التي تعلق على أبواب المساجد والأضرحة في مصر، لافتا إلى أنها تعبر عن حالة يأس من الحياة ومن وجود من يقصدونه لحل مشاكلهم ومساعدتهم في العثور على المفقودين فذهبوا للأموات للاستنجاد بهم.
وأثناء تجولك بالمعرض ستجذبك لوحات الفنان إيهاب لطفي التي تشبه جدارية فنية بتجريدها لكل ما يتعلق النوبة وأهلها باللونين الأبيض والأسود متعمدا إخفاء ملامح الوجوه والاكتفاء بالشكل الجسدي والملابس البيضاء للرجال والسوداء للنساء مسلطا الضوء على قضية أهل النوبة من خلال الاختزال في أروع صوره.
في إحدى قاعات المعرض تستلقي في الطابق الأرضي لوحات متتابعة للفنانة نهى ناجي التي يجب أن يراها المتلقي من شرفه الطابق الرابع معتمدة على لغة بصرية جذابة تحتفي بالجسد البشري ولغته وتعبيراته.
يستحق معرض صالون القاهرة الـ58 أكثر من زيارة لتفقد وتأمل كل لوحة من لوحاته وهو يستمر حتى نهاية شهر مارس (آذار) الحالي. ولعل أروع ما قدمه الصالون هو تكريم 8 من رواد فن الرسم في مصر، هم: تحية حليم، وسيف وانلي ونحميا سعد وحسن سليمان والسيد القماش وجميل شفيق وسعيد العدوي وأحمد عثمان والذين تعرض أعمال لهم في قاعة «اتجاه» بقصر الفنون، فضلا عن الفعاليات المصاحبة له من ندوات وورشات فنية تسترعي الانتباه والاهتمام من كل عاشق لهذا الفن الراقي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».