موسى يدعو المصريين إلى الموافقة على الدستور الجديد للخروج من حالة «الفتنة الخطرة»

رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى يسلم مسودة الدستور المصري الجديد إلى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)
رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى يسلم مسودة الدستور المصري الجديد إلى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

موسى يدعو المصريين إلى الموافقة على الدستور الجديد للخروج من حالة «الفتنة الخطرة»

رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى يسلم مسودة الدستور المصري الجديد إلى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)
رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى يسلم مسودة الدستور المصري الجديد إلى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور في قصر الاتحادية بالقاهرة أمس (إ.ب.أ)

دعا عمرو موسى رئيس لجنة «الخمسين» لتعديل الدستور المصري، المواطنين أمس إلى التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء على الدستور الجديد، مشددا على أن «مصر تمر بفتنة خطرة للغاية لا بد من وضع حد لها والخروج منها».
وسلم موسى مشروع الدستور الجديد إلى الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور أمس بقصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة)، تمهيدا لإصداره قرارا بالاستفتاء الشعبي عليه، بعد أن حظي بموافقة لجنة «الخمسين». وتوقعت مصادر سياسية إجراء الاستفتاء مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل.
وتدعم القوى المدنية إقرار الدستور، في مواجهة جماعة الإخوان المسلمين وتحالفها من الإسلاميين، الذين يرفضون الإدارة الحالية ويصفونها بـ«الانقلاب». وقال الدكتور نصر الدين عبد السلام، القيادي في تحالف دعم الرئيس المعزول محمد مرسي، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «تحالفهم ما زال يدرس تكتيكات رفض الدستور بين التصويت بلا أو المقاطعة»، منوها إلى تمسكهم «بضرورة عودة دستور 2012، وكذلك مرسي للحكم مرة أخرى».
وانتهت لجنة الخمسين مساء الأحد الماضي من إقرار التعديلات الدستورية على دستور 2012 المعطل. وينص الإعلان الدستوري، الذي جرى وضعه عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي، على دعوة الرئيس المواطنين للاستفتاء على الدستور خلال 30 يوما من انتهاء التعديلات عليه، على أن تعقبها انتخابات برلمانية ورئاسية.
وعبرت الولايات المتحدة عن دعمها للعملية الانتقالية إلى أن تؤدي لتشكيل حكومة مدنية تضم كافة الأطراف على أساس انتخابات حرة ونزيهة. وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن «الإدارة الأميركية تتابع عملية التصويت على مشروع الدستور في مصر باهتمام وتقوم بدراسته».
وقال عمرو موسى، رئيس لجنة «الخمسين» لتعديل الدستور، في مؤتمر صحافي عقده بقصر «الاتحادية» أمس: «قمت بتسليم نص مشروع الدستور الجديد للرئيس، ثم بحثنا الوضع على المسرح السياسي في إطار خارطة الطريق التي حظيت بموافقة الجميع وعلى رأسها الدستور».
وأضاف موسى أن «اللجنة قامت بتسليم الدستور في الموعد المحدد، وذلك يعني أننا نستطيع - في أصعب الظروف - تنفيذ أي تكليف في موعده في إطار المصلحة المصرية». وتابع قائلا: «نحن من مصلحتنا جميعا كمصريين المشاركة في الاستفتاء على الدستور والتصويت بنعم»، مؤكدا أن «مصر تمر بفتنة خطيرة للغاية لا بد من وضع حد لها والخروج من هذا الوضع الخطير».
واستبعد موسى قيام الرئاسة بإعادة مسودة الدستور مرة أخرى إلى اللجنة لتعديل عدد من المواد الدستورية، معتقدا أن هناك توافقا عاما على مضمون ومواد الدستور. وقال «لا أعتقد إجراء تعديلات على المشروع سوى التعديلات الصياغية فقط»، مشيرا إلى أن لجنة الخمسين كان هدفها هو عمل دستور معاصر يتماشى مع أهداف ثورتي يناير ويونيو.
ونفى موسى وجود تعديل في خارطة الطريق، مؤكدا أنه «جرى الالتزام بما نصت عليه الخارطة منذ وضعها»، مشيرا إلى أن «الطريق مفتوح أمام الدولة لأن تجري أيا من الانتخابات سواء التشريعية أو الرئاسية قبل الأخرى». مضيفا أنه يفضل إجراء الانتخابات البرلمانية أولا، وإذا كان في المصلحة إجراء الانتخابات الرئاسية أولا فليكن ذلك.
وحول النص الانتقالي الخاص بالقوات المسلحة الذي حصن وزير الدفاع لدورتين متتاليتين، قال موسى «ينبغي الأخذ في الاعتبار الاعتداءات التي توجه إلى القوات المسلحة والضحايا والشهداء الذين يسقطون كل يوم»، مشيرا إلى أن «هذا يتطلب المزيد من الوعي لتلك الظروف؛ وهذا النص انتقالي وليس دائما».
وأكد موسى أن لجنة الخمسين ستدعم مشروع الدستور بكامل هيئتها، وستقوم بمناقشته مجتمعيا، وأضاف أن «الوضع القانوني للجنة الخمسين انتهى، وهذا لا يمنع أن هناك لجنة مستمرة من مكتب اللجنة برئاسة رئيسها لإنهاء كافة الأوراق المتعلقة بالدستور ومذكراته».
وقال موسى إن «الشعب المصري بأكمله كان مهمشا، لكن هذا الدستور أعاد إليه سلطته مرة أخرى، التي تلزم الحكومة بواجبات محددة لوقف تهميشه في المسائل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى الحد الأدنى للأجور وزيادة الإسهام في التعليم والصحة والبحث العلمي».
وحول نية موسى للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أكد أنه «لا ينتوي الترشح»، رغم عدم وجود ما يمنع أعضاء لجنة الخمسين من الترشح في الانتخابات البرلمانية أو شغلهم لمناصب تنفيذية في الدولة.
من جانبها، أعلنت غالبية الأحزاب المدنية، ومن بينها الوفد والمصري الديمقراطي والتجمع والمؤتمر والجيل ومصر والعمل الاشتراكي والدستوريين الأحرار، دعمها مشروع الدستور والحشد للتصويت عليه بـ«نعم» باعتباره بداية الطريق لتأسيس نظام سياسي جديد.
وقال محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن مشروع الدستور الجديد يؤسس لدولة الديمقراطية ويدفع البلاد للأمام. وأضاف في بيان أمس «أكثر ما اهتم به هذا الدستور هو التأكيد على الحريات بشكل واضح وصريح، كما اهتم بحقوق الإنسان بما في ذلك حق كل أطياف المجتمع في المشاركة».
وأشار إلى أن الدستور «يؤسس لديمقراطية المشاركة، وليست ديمقراطية الإقصاء، أو ديمقراطية الحزب الواحد الذي يعيد إنتاج نفسه في كل انتخابات كما كان في النظام السابق قبل الثورة.. إنه دستور يدفع بنا إلى الأمام ولا يشدنا للخلف، دستور يكفل الرقابة والمحاسبة ولا يحصر الديمقراطية فقط في صندوق الانتخاب الذي يحدد أحقية من يحكم».
كما شكل المجلس القومي للمرأة فريق عمل ضم نشطاء من المجتمع المدني والأحزاب والنقابات للاستعانة بجهودهم لنشر الوعي بين السيدات بمواد الدستور، وحثهن على المشاركة في الاستفتاء. وقال المجلس في بيان له أمس إنه سيعقد لقاءات مع النساء بشأن مواد الدستور في جميع محافظات الجمهورية وفي القرى والنجوع. ودعت ميرفت التلاوي، رئيس المجلس، نساء مصر للتصويت بنعم للدستور رغم عدم إقرار كوتة للنساء في البرلمان حتى تستكمل خارطة الطريق.
في المقابل، لم تحدد قوى المعارضة، وبينها جماعة الإخوان المسلمين، موقفها من المشاركة. وقال الدكتور نصر الدين عبد السلام، القائم بأعمال رئيس حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، والقيادي بـ«التحالف الوطني لدعم الشرعية»، إن «التحالف ما زال يدرس تكتيكات رفض الدستور ما بين التصويت بـ(لا) أو المقاطعة.. والكل مطروح وسنعلن عنه قريبا»، وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «الاحتمال الثالث؛ وهو الموافقة، أمر مستحيل».
ونوه عبد السلام إلى أن «ما تزعمه الحكومة الحالية من أن الموافقة على الدستور تعني الاستقرار هي أحاديث قالتها من قبل.. وكل ما لامونا عليه وقعوه فيه بالحرف وأشد». مشيرا إلى أن «تحالف دعم مرسي متمسك بكل مطالبه ولن يتنازل عن عودة الشرعية ممثلة في الرئيس محمد مرسي ودستور 2012». لكنه أوضح أن هناك «تفصيلات في عودة مرسي يمكن مناقشتها في إطار ما حدده دستور 2012 (المعطل)». وأشار الدكتور عبد السلام إلى أن «التحالف في انتظار نتائج وساطة سياسية يجريها المستشار محمود مكي، نائب الرئيس السابق محمد مرسي، حيث يرأس فريق الوساطة لحل الأزمة السياسية في البلاد»، لكنه أوضح أنهم إلى الآن لم يتلقوا أي ردود من جانب الحكومة الحالية على مطالبهم.
وشدد عبد السلام على استمرار مظاهراتهم في الشارع لرفض ما سماه بـ«الانقلاب»، رافضا أخذ تصريح من وزارة الداخلية وفقا للقانون الجديد، وقال «لا نعترف بالحكومة الحالية ولا قراراتها، وسنظل نتظاهر باعتباره حقا أصيلا من حقوق الإنسان لتحقيق مطالبنا المشروعة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم