أساطير من زمن خامل

«حكايات الحسن والحزن» الرواية الأولى لأحمد شوقي علي

أساطير من زمن خامل
TT

أساطير من زمن خامل

أساطير من زمن خامل

في «حكايات الحسن والحزن» الرواية الأولى للكاتب المصري أحمد شوقي علي، نطالع عالم الفقراء المعروف اصطلاحاً بـ«عالم المهمشين».
لطالما تناولت الرواية العربية، والمصرية خصوصاً هذا العالم، حيث يعيش الناس كفاحهم المرير بين ميلاد خطر على يد قابلة، وانسحابهم الكسير في نهاية الرحلة. بطولات يومية من فرط كثرتها وعاديتها تصبح غير مرئية حتى لمن يجترحونها؛ فهم يعيشون ببساطة دون أن يدركوا قيمة بطولاتهم؛ حيث الحياة فخ يجب التعايش معه حتى النهاية.
الكتابة عن حياة كهذه فخ آخر، نجت منه بعض الكتابات، بينما ذهبت كتابات كثيرة إلى النسيان؛ لأنها مثقلة بروح التعاطف السياسي حيناً، وبروح الطرافة أحياناً، دون عبرة ما.
وفي الرواية الجديدة الصادرة عن دار الآداب ببيروت، يطل خطر طرافة الروايات الشفاهية من الكلمة الأولى في العنوان «حكايات»، بينما يقدم المعطوفان «الحسن والحزن» وعداً بذلك التعاطف الذي تعرفه الواقعية الاشتراكية.
وفي متن الرواية، نرى ذلك العالم الذي لا ينطوي على شيء فذ: كامل شاب يتيم أخنف، ينطق اسمه خامل؛ فصار ذلك اسمه المعتمد من الآخرين. يهرب خامل من قريته عبر بحر النيل إلى مكان خالٍ هو «أرض الجوافة»؛ خوفاً من عمه الطامع في الميراث، وفي موجات القص نتعرف على من تركهم خامل وراءه: أمه «مسعدة» التي تسعد الآخرين دون أن يسعدها أحد، والأختان إخلاص وسيدة، والأخ الصغير الذي ولد باسم جابر في ليلة واحدة مع جابر آخر هو ابن الجارة، وقد اتفقت الجارتان أن تسميا ولديهما باسم واحد، لكن الطفل الآخر مات صبياً؛ فتطيرت مسعدة وغيرت اسم ابنها إلى سالم.
يشرع المهاجر في بناء بيته وتأسيس حياته، لكي يتمكن من جمع شمل أسرته، وتمضي الحكايات بطقوس والميلاد ووقائع الحب والغيرة، ومفاوضات الزواج المعتادة في عالم متقشف كهذا، حيث يمكن لملعقة ناقصة عن المتفق عليه في جهاز العروس أن تحول دون إتمام الزواج.
القارئ الذي سينتظر أفراحاً في هذه الحكايات لن يعثر عليها إلا متقشفة ومرتجلة وسط الأحزان، والذي سينتظر أعمالاً خارقة ووقائع حاسمة تصل بالحكايات إلى نهاية لن يجد سوى الدوران اللانهائي في حياة أسرة عادية ليس في عالمها أي إبهار، لكنه سيكتشف بعد أن يختبر لعبة الكاتب، جدوى المضي معه في الرحلة دون أن ينتظر شيئاً أكثر من متعتها، ومشاركة أبطال هذه الرواية في قبول هذا العالم الذي لا يكتمل حتى يتقوض، وفي التصالح مع ضعف الإنسان الفاني في مواجهة قدره العاتي، حيث «كل شيء قريب... الموت والحياة... المقبرة والقابلة. كذلك العودة أو الرحيل ـ الرواية ص 133».
الذي ينقذ هذا العالم من عادية وقائعه المعروفة لغالبية القراء، هو حشد من تقنيات سردية تزيح العادي صوب العجائبي.
تستفيد الرواية من تقنيات سرد «ألف ليلة وليلة» والقص الشعبي، فنرى توالد الحكايات والزمن الدائري الذي يوصل بداية الحكاية بنهايتها، وهناك التأسيس العجائبي لهذا العالم الواقعي منذ البداية؛ فقبل أن يتعرف القارئ على «خامل» سيرى «غريب» الإنسان الذي تحول إلى جن أو توهم ذلك، وحيداً في أرض الجوافة ينتظر جنية أحلامه، وفي انتظارها يسلي نفسه بحكاية خامل، وهكذا يقوم غريب بدور الراوي في الرواية، وتقوم حكايته مع الجنية مقام القصة الإطار في «ألف ليلة وليلة». ومثلما خلقت الرغبة الدموية لشهريار حكايات الليالي، خلقت أشواق غريب للحب عالم خامل وأسرته بأجيالها الثلاثة، وكما تحافظ الليالي على قارئها بانتظار مصير شهرزاد كل ليلة، تتوالى أحلام غريب بالجنية في فصول قصيرة كفواصل بين الحكايات. خامل إذن وعائلته وعالمه، يمكن أن يكون موجوداً، ويمكن أن يكون وهماً، غير موجود إلا في حلم غريب الذي صنعه على شاكلته، تحكمه الهواجس. بعد أن ضيَّع أمانة من المال أودعها عنده آخرون رأى في المنام أن عمه سيدبر له مكيدة تمكن الدائنين من الفتك به؛ فهجر قريته هرباً إلى أرض الجوافة؛ موطن العفاريت التي استوطنها في زمان ما رجال مستوحدون، يحلمون بظل الأنثى، ويحاولون الإنجاب من الأنثى الوحيدة المتاحة: الجوافة.
وتتولى اللغة الخاصة جداً شحن النص بالشجن، وتمكنه من الإمساك بالقارئ، وإقناعه بقبول التحدي الجمالي، دون أن ينتظر شيئاً.
تستفيد لغة الرواية من الكتب المقدسة والشعر والموال ومن زجل الرثاء (الكثير على الموتى) بما تتضمنه هذه الأساليب من فصاحة وعامية وإعادة تأكيد المؤكد بالتكرار، ثم لا يلبث الكاتب أن يعيدنا إلى لغة الحياة اليومية بمفردة يدسها بشكل مباغت فيعيد السرد إلى واقعيته: «أشرت إلى نجمتين بصدرها، وقلت هذه لوزة وتلك بندقة. قالت لِمَ؟ قلت لأن لوزة بها حسنة فهي لوزة، وبندقة ليس بها حسنة فهي بندقة. قالت: يا سلام! ـ الرواية ص 27».
هكذا، تتولى اللغة إسباغ مذاق الغرائبي والأسطوري على وقائع عادية، حتى لتوشك أن تخلق لغريب جنية تهيؤاته وتجعل لـ«رئيسة» زوجة خامل جمال دولثينيا حبيبة دون كيخوتي.



حبس سعد الصغير يجدد وقائع سقوط فنانين في «فخ المخدرات»

المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
TT

حبس سعد الصغير يجدد وقائع سقوط فنانين في «فخ المخدرات»

المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)
المطرب الشعبي سعد الصغير (حسابها على «فيسبوك»)

جدد حبس المطرب المصري سعد الصغير الحديث عن وقائع مشابهة لسقوط فنانين في «فخ المخدرات»، وكانت محكمة جنايات القاهرة قضت، الاثنين، بالحكم على الصغير بالسجن المشدد 3 سنوات، وتغريمه 30 ألف جنيه (الدولار يساوي 49.65 جنيه مصري).

الحكم بسجن سعد الصغير وتغريمه جاء على خلفية اتهامه بحيازة «سجائر إلكترونية» تحتوي على مخدر «الماريوانا»، بعد تفتيش حقائبه أثناء عودته من أميركا «ترانزيت» عبر أحد المطارات العربية، عقب إحياء حفلات غنائية عدة هناك.

وكشف الصغير خلال التحقيقات التي جرت أمام الجهات المختصة بمصر، أنه لم يكن على دراية بأن المادة الموجودة في «السجائر الإلكترونية» ضمن المواد المحظور تداولها، مؤكداً أنها للاستخدام الشخصي وليس بهدف الاتجار، وأرجع الأمر لعدم إجادته اللغة الإنجليزية.

الفنانة المصرية برلنتي فؤاد التي حضرت جلسة الحكم، على الصغير، أكدت أن الحكم ليس نهائياً وسيقوم محامي الأسرة بإجراءات الاستئناف، كما أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «حالة سعد النفسية ليست على ما يرام»، لافتة إلى أنه «بكى بشدة خلف القضبان بعد النطق بالحكم، كما أنه يعيش في توتر شديد نتيجة القضية».

وقبل سعد الصغير وقع عدد من الفنانين في «فخ المخدرات»، من بينهم الفنانة دينا الشربيني، التي تعرضت للسجن سنة مع الشغل وغرامة 10 آلاف جنيه لإدانتها بتعاطي «مواد مخدرة».

الفنان أحمد عزمي (حسابه على «فيسبوك»)

وكذلك الفنان المصري أحمد عزمي الذي تم القبض عليه مرتين ومعاقبته بالحبس في المرة الثانية بالسجن 6 أشهر، بينما أعلن مقربون من الفنانة شيرين عبد الوهاب وقوعها في الفخ نفسه، مما جعلها تختفي عن الأنظار حتى تتعافى، كما أن طبيبها المعالج طالب جمهورها بدعمها. وحُكم على الفنانة منة شلبي بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ وتغريمها 10 آلاف جنيه، في مايو (أيار) الماضي، في قضية اتهامها بـ«إحراز جوهر الحشيش بقصد التعاطي في أماكن غير مصرح لها باستخدامها».

وقبل أشهر قضت محكمة الاستئناف بمصر بقبول معارضة الفنان المصري أحمد جلال عبد القوي وتخفيف عقوبة حبسه إلى 6 أشهر بدلاً من سنة مع الشغل وتغريمه 10 آلاف جنيه، بتهمة حيازة مواد مخدرة بغرض التعاطي.

«ليس كل مشهور مدمناً»

من جانبها، أوضحت الاستشارية النفسية السورية لمى الصفدي أسباب وقوع بعض المشاهير في «فخ المخدرات» من الناحيتين النفسية والاجتماعية، وأثره على المستوى المهني.

وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «التعميم على جميع المشاهير أمر خاطئ، فليس كل مشهور مدمناً أو خاض تجربة الإدمان»، موضحة أن «ذلك ينطبق أحياناً على بعض الفئات التي حصلت على الشهرة والمال والمعجبين لكنهم في الوقت نفسه يطالبون بامتيازات أكثر».

وأشارت إلى أن «الفكرة تكمن في أن المخدرات ربما تساهم بطريقة أو بأخرى في زيادة مستويات هرمون (الدوبامين) الخاص بالسعادة، وهذا جزء نفسي يدفع البعض للسقوط في فخ المخدرات».

الفنانة منة شلبي (حسابها على «فيسبوك»)

وتستكمل الصفدي: «ربما الوقوع في هذا الفخ نتيجة رفاهية أكثر أو البحث عن المزيد والسعي للمجهول أو الأشياء المتوفرة عن طريق السفر أو الوضع المادي».

واختتمت الصفدي كلامها قائلة إن «هذا الأمر لا يخص الفنانين وحدهم، لكنه يتعلق أيضاً بالكثير من المهن والتخصصات، لكن المشاهير يتم تسليط الضوء عليهم أكثر من غيرهم».