عندما تقع الوحوش في حب الجميلات... النتيجة أفلام جذابة

أفكارها وليدة تاريخ غريب

«الجميلة والوحش» من بين الأفلام التي صورت قصة حب قوية ما بين وحش وامرأة حسناء
«الجميلة والوحش» من بين الأفلام التي صورت قصة حب قوية ما بين وحش وامرأة حسناء
TT

عندما تقع الوحوش في حب الجميلات... النتيجة أفلام جذابة

«الجميلة والوحش» من بين الأفلام التي صورت قصة حب قوية ما بين وحش وامرأة حسناء
«الجميلة والوحش» من بين الأفلام التي صورت قصة حب قوية ما بين وحش وامرأة حسناء

هناك فيلم سويدي مبكر تم إنتاجه سنة 1910 تحت عنوان «الهاوية» للمخرج أوروبان غاد، اختص بالأفلام الصامتة وتوقف عن العمل عندما جهزت نفسها للنطق سنة 1926. الفيلم هو أول فيلم روائي طويل تم إنتاجه في السويد، وأول عمل وضع اسمها بين الدول التي عرفت السينما باكراً، مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، وروسيا، وبريطانيا، وأستراليا.
ملخص الفيلم، أن امرأة جميلة وقعت في حب غجري يجول مع طاقم السيرك اسمه «كاوبوي» وفضّلت الهرب معه على البقاء إلى جانب زوجها المحب في منزلهما المرفه ومجتمعها كله؛ فقط لتكتشف أنه وحش بشري تمتع بصحبتها ثم لفظها، هذا قبل أن تقتله.
ما بين ذلك الفيلم وفيلم غويلرمو دل تورو الجديد «شكل الماء» 108 سنوات عرفت فيها السينما الكثير من الصراعات العاطفية بين نساء جميلات ووحوش. فيلم دل تورو، كما بات معروفاً لدى الجميع، عن تلك المرأة البكماء التي تكتشف وحشاً تم اقتلاعه من بيئته المائية وسجنه في حوض كبير. تحنّ عليه ثم تقع في حبه غير آبهة بالمحظورات والتحذيرات.
هناك الكثير من الإشارات لأفلام سابقة قصد دل تورو الإيحاء بها وتذكرها. أفلام أحبها وبقيت في باله منذ أن أصابته بالوله الشديد حين كان شاباً وإلى اليوم. وأحد هذه الأفلام هو «مخلوق البحيرة السوداء» Creature From the Black Lagoon. أنجزه المخرج الراحل جاك لورد في الخمسينات، وهي فترة من حياة ذلك المخرج حقق فيها أفلام رعب عدّة جيدة من بينها هذا الفيلم.
كلاهما أيضاً عن امرأة جميلة ووحش. كذلك الحال في أفلام عدة تدور حول هذا المحور ذي الدوافع الغامضة.

الغريب شرير
في النظرة الأولى، يخلق وجود فتاة جميلة أمام مخلوق بشع تناقضاً مثيراً. هي البراءة والأنوثة والجمال وهو لا شيء سوى مخلوق بشع لا يحبه أحد. مخلوق فرانكنستين يصرخ في «عروس فرانكنستين» لجيمس وايل (1935) بأنه يريد امرأة. في الواقع العنوان خطأ؛ لأن فرانكنستين هو العالم الذي صنع الوحش الذي لم يحمل اسماً. لكن الفكرة هي ذاتها ونراها متكررة في كلاسيكيات رعب أخرى من بينها «دراكولا» الذي يهمّـه مص دماء الجميلات، بل لديه القدرة على جذبهن إليه.
الواقع أن المرأة في هذه الأفلام لا تتغير كثيراً، هي ذاتها من «مخلوق البحيرة السوداء» و«شبح الأوبرا» و«كينغ كونغ» و«شكل الماء» وسواها. لكن الوحش هو الذي يختلف. هو وحش كاسر عنيد ويشكل خطراً على أي إنسان إلى أن يقع في الحب (كما في «كينغ كونغ» مثلاً) أو وحش بالظاهر غالباً لكونه يتمتع بوجه مشوّه («شبح الأوبرا»). على ذلك؛ فإن كل فيلم من هذه المذكورة عالج الفتاة والوحش بقناعة مختلفة ومفهوم منفصل.
تتعدد الرسائل والمفاهيم تبعاً للحكايات. ففي «الهاوية» السويدي هو رجل عادي بقلب أسود وخبث ينطلي على الزوجة البريئة. ما حاول ذلك الفيلم تبنيه هو أن الجاذبية التي شعرت بها بطلة الفيلم (أستا نيلسن) حيال رجل غريب من غير دينها ومن غير عرقها وثقافتها. بذلك؛ فإن المفاد في النهاية هو أن الغريب شر على «نسائنا» تجنّـبه.
هذا مفاد مختلف كلياً عن «كينغ كونغ» الغوريلا الضخمة التي تعيش فوق جزيرة لم يكتشفها الإنسان المعاصر بعد. هناك في تلك الأدغال يرى الوحش الممثلة فاي راي ويقع في حبها، ومن أجلها يسقط في الفخ ويساق إلى نيويورك فيكسر قيوده ويبحث عنها، وحين يراها يصعد بها فوق ناطحة «إمباير ستايت»، حيث يدافع عنها حتى موته.
ما زالت النسخة الأولى من هذا الفيلم الذي أعيد إنتاجه أربع مرات هي الأكثر التصاقاً بغرابة فحواه. وحش وجميلة. الأول وقع في الحب. الثانية خافت ثم تفهمت، لكنه حب مستحيل ونهايته القتل.
بعد عامين، عندما أنجز جيمس وايل فيلمه «عروس فرانكنستين» اتجه بالحكاية صوب بُعد مختلف. حاجة الوحش إلى المرأة حاجة إنسانية ومبررة؛ لأن الوحش مصنوع من أعضاء وأجزاء بشرية مختلفة، وسيشعر بالحب والدوافع المصاحبة له بطبيعة الحال. يختطف امرأة، لكن الحل لا يكمن هنا، بل في أن يقوم العالم نفسه بابتكار امرأة خصيصاً له.

تحت وطأة الحب
مثل هذا البحث في العشق المستحيل والحب الذي يربط بين الجميلة والوحش وُضع قبل ألوف السنين.
ورد في بعض حكايات «ألف ليلة وليلة» كما في روايات غرائبية أوروبية شتّـى، من بينها «الجميلة والوحش» التي وضعتها الفرنسية جين - ماري ليبرنس دو بيومون بعد سنة 1748، وهو العام التي غادرت فيه فرنسا إلى بريطانيا.
هي لم تأتِ بهذه الرواية من فراغ؛ فالتاريخ يسجل أن الكاتبة الفرنسية (أيضاً) غبريال باربو د فلنييف سبقتها لكتابة هذه الرواية 1740. وبعد ذلك، هناك نسخة من الكاتب جان - فرنسوا مارمنتال نشرت سنة 1771. هوليوود حافظت على تلك الرواية حية عبر أربع إنتاجات آخرها الفيلم الذي شاهدناه في منتصف العام الماضي مع إيما واتسون ودان ستيفنز في البطولة.
لا بد أن نعي أنه في تلك السنوات الغابرة ولقرون لاحقة كان الإنسان يخاف الوحوش التي كانت تعيش في الخيال الجانح، كما في الغابات التي تحيط بالقرى والبلدات على حد سواء. آنذاك كان البشر أكثر خوفاً من الوحوش بأكملها مما باتوا عليه في القرن العشرين، وضمن هذا الخوف كان الرعب الكبير من سطو الآخر على الأنثى جنسياً. ما تفرّع من هنا روايات تتحدث عن مخلوقات غير آدمية تتحوّل إلى بشر تحت وطأة الحب أو تبعاً لطقس معين.
الضفدع الذي يتحوّل إلى أمير، والرجل - الذئب الذي يتغيّـر من آدمي إلى وحش عند اكتمال القمر. وصولاً إلى الثلاثينات ثم الخمسينات والستينات التي قامت هوليوود فيها بابتكار وحوشها الخاصة كما الحال مع «مخلوق البحيرة السوداء» الذي يفتك بالرجال، لكنه يختطف المرأة (جولي آدامز) دون أن يُـتاح له الاحتفاظ بها.
التراث الإنساني مليء أيضاً بالأساطير التي تقلب الآية: عوض أن تكون المرأة هي من تقع في حب الوحش، لِمَ لا تكون المرأة هي الوحش نفسه والرجل هو من يقع في أسرها. أليست حكايات حورية البحر التي كانت تخطف الرجال أو الجنيّة التي كانت تسحرهم ماثلة من ثقافات آسيا البعيدة إلى أفريقيا مروراً بسواحل العرب؟



شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز