نهوى: الفنان الذي لا يحب أن يتذكر بداياته يفتقر إلى الثقة بالنفس

تطل على الساحة في عمل جديد بعنوان «نهوى 2017»

الفنانة نهوى
الفنانة نهوى
TT

نهوى: الفنان الذي لا يحب أن يتذكر بداياته يفتقر إلى الثقة بالنفس

الفنانة نهوى
الفنانة نهوى

قالت الفنانة نهوى، إن ألبومها الجديد «نهوى 2017» الذي تطل فيه على محبيها بعد فترة من الغياب يختلف عن سابقيه بتنوعه وتضمنه أغاني مصرية وخليجية وبدوية معاً. وأضافت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لم أقصد أن أدرج فيه أغانيات خليجية بهدف دخول أسواق الخليج الواسعة التي يعتمد عليها عدد كبير من الفنانين، لكن وبمجرد أنني أنتمي إلى شركة (روتانا) التي تضم فنانين خليجيين معروفين أمثال محمد عبده وماجد المهندس ورابح صقر وغيرهم فكان لا بد من أن يتضمنها ألبومي الجديد، إضافة إلى أن المكانة الفنية التي تحتلها (روتانا) في عالمنا العربي تطلبت مني ذلك».
وأشارت نهوى إلى حبها الأغاني الخليجية التي تستمع إليها منذ صغرها، وقالت: «لم أتعلمها، لكني حفظت لهجتها من كثرة استماعي لأغنيات عمالقة الفن الخليجي، وأبرزهم محمد عبده». وعن اللون البدوي الذي اشتهرت به منذ بداياتها، تقول: «طالما أحببت هذا اللون وشعرت بأنه الأقرب إلى شخصيتي الفنية. فأنا من المعجبات بأغاني سميرة توفيق وحافظة لغالبية أغانيها. فهي أثرت في الساحة العربية بلونها هذا، وما زالت تتربع على عرشه حتى اليوم؛ إذ لم يستطع أحد أن يؤديه بالبراعة التي تميزها فيه عن غيرها». وكانت نهوى قد بدأت مسيرتها الفنية بأغنية «لحفر اسمك» ألحان وسام الأمير، فحصدت شعبية كبيرة يومها لإتقانها اللهجة البيضاء ومن بعدها كرّت السبحة لتصبح معروفة بأغنيات عدة تنتمي إلى اللهجة ذاتها. ويتضمن ألبوم نهوى الجديد 6 أغنيات شارك في تلحينها وسام الأمير، وجان صليبا، وأدهم، وياسر مال الله، وفي كتابتها سلامة علي، وعادل رفول، ومشرف العتابي وغيرهم، وهي: «يا كبرها» و«عذرا» و«ليلة» و«رفعت صيتك» و«يا مجنون» و«الله يخليك يما». وقامت بتصوير اثنتين منها (رفعت صيتك، ويا كبرها) تحت إدارة المخرجة رندلى قديح: «عرفت تماماً كيف تقدمني بكاميرتها وعينيها الثاقبتين. فكنت على طبيعتي وتقمصت دور المرأة الغجرية؛ كون الأغنيتين تنسجمان مع إطلالتي هذه». إذن، أنت راضية عنها أكثر من تلك التي صورتها لك ميرنا خياط في الماضي؟ ترد: «تقصدين أغنيتَاي (ما جاني نوم) و(لنصب خيمة)»؟ نعم، لم أكن راضية عنهما لأنها قدمتني في قالب لا يشبهني بتاتاً لاقى انتقادات كثيرة من الناس الذين لم يستطيعوا أن يتعرفوا عليّ بسبب التغييرات التي أصابتني خلالها. يومها لم أكن أملك الخبرة الكافية لأعترض على عملية التصوير برمتها، أما اليوم فصرت أكثر نضجاً وآخذ قراراتي بنفسي، ولا أتوانى عن تمرير ملاحظاتي فيما لو تطلب مني الأمر ذلك». وتشير نهوى إلى أنها في أغنيتيها المصورتين قصدت أن تطل بلوك «الغجرية»؛ لأنه يشبهها في حياتها العادية،، وتقول: «لم أرغب أبداً في أن أطل بلوك المرأة الكلاسيكية الجامدة لأدعي الترفع عن الآخرين. فبعفويتي المعهودة كنت أقرب إلى الناس، ولم أستسخف نفسي».
ونهوى التي تفسر لنا اسمها بـ«أهواك» تقول إن معانيه تشبهها كونها إنسانة حساسة جداً ولا تجيد إخفاء مشاعرها. وتقول «أنا واضحة وصبورة، وقراراتي مثلي، وأي أمر لا أقتنع به فهو بمثابة الخط الأحمر الذي لا يمكن لأحد تجاوزه معي». تؤكد نهوى أن الشهرة لم تغيرها وأنها ما زالت الفتاة البيتوتية التي لا تحب الاحتكاك كثيراً بعالم الفن، تعرف أهدافها بعد أن تخطط لها بتروٍ، وتسير بخطوات ثابتة، خصوصاً أنها محاطة بالأشخاص المناسبين. «كنت محظوظة منذ بداياتي؛ لأنني كنت محاطة بأشخاص طيبين لا يتمنون لي سوى الخير كالملحنَين طارق أبو جودة ووسام الأمير. فلم أتعرض إلى الأذى أو إلى الاستغلال. وهما يشكلان خيرة (الأوادم) على الساحة الفنية، ومشيت في طريقي على هذا الأساس. واليوم كوني أنتمي إلى شركة (روتانا) التي أعتبرها منزلي الثاني أشعر بأنني في آمان؛ لأنها شركة رائدة في عالمنا ومحترفة مع فريقها وعملها وكثيرون يحسدونني على ذلك».
وعما صدمها على الساحة الفنية تقول: «لم أتعرض إلى شيء يصدمني؛ فأنا على مسافة من الجميع، وكل ما مررت به كان مباركاً من رب العالمين. وكوني ابنة بيت محافظ فشخصيتي ساعدتني على الإفلات من الأمور المزعجة التي قد يتعرض لها أي فنان». من الجيد أنك تكنين الود لأشخاص رافقوك منذ بداياتك، فهناك بعض الفنانين الذين لا يحبون التطرق إلى هذا الموضوع، تعلق: «أحمل الجميل لكل من ساندني ووقف إلى جانبي وأعتقد أن الفنان الذي لا يحب أن يتذكر بداياته، وكذلك الأشخاص الذين ساعدوه للوصول إلى ما هو عليه اليوم، يفتقد إلى الثقة بالنفس. فلا يحسن أن نخجل من بداياتنا؛ لأنها حجر أساس في مسيرتنا. وعلى الفنان أن يكون واعياً في أي خطوة يقدم عليها؛ لأنه أحياناً قد ينجرف في طريق لا ينتمي إليه لأنه مارس سياسة (التطنيش) لاهثاً وراء الشهرة».
لا تخاف نهوى مما يخبئه لها المستقبل؛ فهي راضية بما سيحمله لها، فإذا كان يتألف من نجاح كبير فإنها ستستمتع به، وإذا ما كان العكس فإنها ستتعلم منه الدروس. وعن الملحنين الذين تتمنى التعاون معهم يوماً ما، تجيب «أتمنى أن أتعاون مع ملحنين أمثال مروان خوري وبلال الزين؛ فأنا معجبة بإمكاناتهما وإبداعهما في عالم التلحين».
والمعروف أن الفنانة نهوى بدأت مسيرتها الفنية في برنامج المواهب «سوبر ستار»، وهي ابنة بلدة يانوح في قضاء جبيل. درست الترجمة في جامعة الكسليك، إلا أنها لم تكمل اختصاصها هذا بسبب تفرغها للفن.
وتقول: «توقفت عن دراسة اختصاصي هذا رغم أنني كنت على مسافة قصيرة من موعد تخرجي، فالفن سرقني وتفرغت له، ولست نادمة على ذلك». وعما إذا توتر علاقتها بالملحن طارق أبو جودة يعود إلى انفصاله عن شقيقتها التي كانت بمثابة خطيبته، أوضحت: «لقد تعرفت إلى طارق أبو جودة قبل أن تربطه علاقة بأختي، وبعد فترة من تعاوننا معاً لم أحصد النتائج الفنية المرجوة، فقررنا أن يذهب كل منا في طريقه. لكننا ما زلنا في المقابل على علاقة صداقة وطيدة، وهو من قدمني لشركة (روتانا) التي رأت في موهبة صاعدة كانت في حاجة إليها في تلك الفترة». وقّعت نهوى على عقد عمل مع «روتانا» مدته 5 سنوات انتهت منذ فترة قصيرة فتم تجديد هذا التعاون بينهما لخمس سنوات أخرى.
وعن الأغاني التي تدندنها عندما تكون وحدها، تقول: «حالياً أستمع للفنان محمد عبده، وأحب أن أدندن أغانيه من وقت إلى آخر. فهو أستاذ وفنان عملاق كان لي الحظ في مواكبة أعماله. كما أحب أن أدندن أغانيات الفنانة إليسا فأنا معجبة بفنها وبأغانيها التي تنطوي على موضوعات جيدة تخاطبنا مباشرة». وعن سبب اعتمادها الإيقاع الموسيقي السريع في غالبية أغانيها الجديدة بعيداً عن تلك الرومانسية منها، ترد: «رغبت في أن أقدمها في قالب مغاير قريب إلى إحساس شباب اليوم الذين أنا واحدة منهم».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».