السلطات الأفغانية تفتح تحقيقا في مزاعم تزوير في الانتخابات الرئاسية

المرشح عبد الله طالب بإقالة رئيس المفوضية المستقلة الخاصة بالاقتراع

قوات أفغانية تنتشر في قندهار جنوب كابل أول من أمس (أ.ب)
قوات أفغانية تنتشر في قندهار جنوب كابل أول من أمس (أ.ب)
TT

السلطات الأفغانية تفتح تحقيقا في مزاعم تزوير في الانتخابات الرئاسية

قوات أفغانية تنتشر في قندهار جنوب كابل أول من أمس (أ.ب)
قوات أفغانية تنتشر في قندهار جنوب كابل أول من أمس (أ.ب)

فتح مسؤولون أفغان تحقيقا أمس في سير العملية الرئاسية الانتخابية، بعدما أشار المرشح الرئاسي الأوفر حظا بالفوز في الدورة الثانية من الانتخابات عبد الله عبد الله إلى حدوث عمليات تزوير يمكن أن تهدد انتقال السلطة في سنة تشهد استحقاقات مهمة.
وطالب عبد الله بإقالة ضياء الحق امرخيل أمين سر مفوضية الانتخابات المستقلة التي نظمت قافلة لنقل صناديق الاقتراع التي لم تستخدم من مقر المفوضية إلى كابل.
وقال عبد الله أيضا إن رقم السبع ملايين ناخب الذين شاركوا في تصويت يوم السبت الماضي خاطئ على الأرجح. وهذه المزاعم تضع عبد الله في خلاف مباشر مع السلطات الانتخابية بينما تجري عمليات الفرز بعد الدورة الثانية التي تنافس فيها مع الخبير السابق في البنك الدولي أشرف غني.
وبدأ هذا الخلاف رغم طلب الأمم المتحدة من المرشحين إعطاء المسؤولين الوقت للقيام بعمليات الفرز والتحقق من مزاعم التزوير. ويعتبر إجراء انتخابات ناجحة اختبارا مهما لنتيجة التدخل الدولي في البلاد قبل 13 سنة وجهود المساعدة في أفغانستان مع استعداد القوات الدولية للانسحاب بحلول نهاية السنة.
وأعلنت وزارة الداخلية الأفغانية أن تحقيقا مشتركا مع مفوضية الانتخابات فتح في هذه المزاعم، لكن يبدو أن هذه الخطوة لم ترضِ عبد الله. وقال الناطق باسم الداخلية صديق صديقي لقناة محلية إن «النتائج ستظهر قريبا»، من دون تحديد موعد محدد لنتائج التحقيق.
ويعتبر عبد الله أن عمليات التزوير الكثيفة حالت دون فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2009 وكرر عدة مرات القول إن تكرار مثل هذه العمليات سيكون السبب الوحيد هذه المرة في عدم فوزه.
وقال عبد الله للصحافيين في وقت متأخر مساء أول من أمس: «ليس هناك أدلة على نسبة الإقبال في كل أنحاء البلاد، وهذا أمر موضع تساؤلات ونحن قلقون إزاء حصول تزوير».
وعمليات فرز الأصوات ستستغرق أسابيع. ويتوقع صدور النتائج الأولى في الثاني من يوليو (تموز) على أن تعلن اللجنة الانتخابية المستقلة اسم الرئيس الجديد في 22 يوليو إذا لم يتسبب النظر في الطعون في تأخير ذلك الموعد.
وخاض المرشحان الدورة الثانية بعد تلك التي جرت في الخامس من أبريل (نيسان) الماضي، حيث نال فيها عبد الله 45 في المائة من الأصوات وغني 31,5 في المائة من الأصوات.
وسجلت لجنة الطعون الانتخابية نحو 560 شكوى بحلول صباح أمس، بينها اتهامات بالتزوير ضد فريقي حملتي المرشحين وموظفي المفوضية والقوات الأمنية. وأوقفت الشرطة امرخيل أثناء مغادرته مقر المفوضية في كابل في موكب سيارات محملة ببطاقات اقتراع لم تستخدم، وهو ما يشكل خرقا للإجراءات الانتخابية.
واعتبرت انتخابات السبت ناجحة نسبيا، بعد أن هددت حركة طالبان المتشددة بالعمل على وقفها وعدم السماح للأفغان بالتصويت. وكان يوم الاقتراع هادئا نسبيا، رغم مقتل أكثر من خمسين أفغانيا في هجمات شنتها حركة طالبان. وبين القتلى خمسة موظفين في لجان انتخابية حين انفجرت قنبلة قرب حافلتهم أثناء مرورها في ولاية سامنغان وخمسة أفراد من عائلة واحدة قتلوا حين أصاب صاروخ أطلقته طالبان منزلهم قرب مركز اقتراع.
وفي حادث مروع استطاع متمردون قطع أصابع 11 ناخبا في ولاية هراة (غرب)، ليكونوا «عبرة» لمن يريد دعم العملية السياسية في البلاد.
ومن جهة أخرى، أشاد البيت الأبيض بالانتخابات معتبرا أنها «مرحلة مهمة» نحو الديمقراطية، لكنه أكد أن «عمل اللجنة الانتخابية في الأسابيع المقبلة سيكون مهما بشكل خاص».
ويتولى الرئيس الأفغاني الجديد مهامه في الثاني من أغسطس (آب) المقبل ويواجه تحدي التوقيع على المعاهدة الأمنية الثنائية مع واشنطن التي من شأنها أن تسمح بإبقاء قوات أميركية قوامها عشرة آلاف رجل بعد رحيل الـ50 ألفا من جنود الحلف الأطلسي نهاية عام 2014.
وقد رفض الرئيس حميد كرزاي حتى الآن التوقيع على تلك المعاهدة، لكن أشرف غني وعبد الله عبد الله قالا إنهما على استعداد لتوقيعها. ويذكر أن الرئيس كرزاي الذي حكم أفغانستان منذ سقوط نظام طالبان عام 2001 لا يحق له الترشح لولاية ثالثة بموجب الدستور.



رئيس وكالة إغاثية: تخفيض التمويل لأفغانستان هو أكبر تهديد يضر بمساعدة النساء

الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» يان إيغلاند يستمع سؤالاً خلال مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» في كابل بأفغانستان يوم 8 يناير 2023 (أ.ب)
الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» يان إيغلاند يستمع سؤالاً خلال مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» في كابل بأفغانستان يوم 8 يناير 2023 (أ.ب)
TT

رئيس وكالة إغاثية: تخفيض التمويل لأفغانستان هو أكبر تهديد يضر بمساعدة النساء

الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» يان إيغلاند يستمع سؤالاً خلال مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» في كابل بأفغانستان يوم 8 يناير 2023 (أ.ب)
الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين» يان إيغلاند يستمع سؤالاً خلال مقابلة مع وكالة «أسوشييتد برس» في كابل بأفغانستان يوم 8 يناير 2023 (أ.ب)

حذر رئيس إحدى وكالات الإغاثة الكبرى، الأحد، بأن تخفيض التمويل المخصص لأفغانستان يمثل التهديد الأكبر المُضِرّ بمساعدة النساء في البلاد.

أفغانيات في معهد للتطريز (متداولة)

وصرَّح يان إيغلاند، الأمين العام لـ«المجلس النرويجي للاجئين»، بأن النساء والفتيات يتحملن العبء الأكبر نتيجة التراجع في الدعم المالي للمنظمات غير الحكومية والمساعدات الإنسانية الموجهة إلى أفغانستان، وفق تقرير من وكالة «أسوشييتد برس».

أفغانيات يتظاهرن بسبب حرمانهن من حق التوظيف (أرشيفية - متداولة)

وفي عام 2022، قدَّم «المجلس النرويجي للاجئين» المساعدة إلى 772 ألفاً و484 أفغانياً، لكن هذا العدد انخفض إلى 491 ألفاً و435 في عام 2023، وفي العام الماضي قدمت الوكالة المساعدة إلى 216 ألفاً و501 شخص؛ نصفهم من النساء.

مقاتلون من «طالبان» يقفون حراساً في كابل يوم 26 ديسمبر 2022 (أ.ب)

وقال إيغلاند، الذي أجرى زيارات عدة إلى أفغانستان منذ عام 2021: «نشهد تراجع كثير من المنظمات عن برامجها وتقليص عدد موظفيها خلال العامين الماضيين. أكبر تهديد للبرامج التي تساعد النساء الأفغانيات هو تخفيض التمويل، وأكبر تهديد لمستقبل النساء الأفغانيات هو غياب التعليم».

فتيات بالمدرسة خلال اليوم الأول من العام الدراسي الجديد في كابل بأفغانستان يوم 25 مارس 2023 (أ.ب)

وأدى استيلاء حركة «طالبان» الأفغانية على السلطة في أغسطس (آب) 2021 إلى دفع ملايين الأشخاص إلى الفقر والجوع بعد توقف المساعدات الخارجية بشكل شبه كامل.

وأدت العقوبات المفروضة على الحكام الجدد في كابل، ووقف التحويلات البنكية، وتجميد مليارات الدولارات من احتياطات العملة الأفغانية، إلى قطع الوصول إلى المؤسسات العالمية والتمويل الخارجي الذي كان يدعم الاقتصاد المعتمد على المساعدات قبل انسحاب القوات الأميركية وقوات «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».

أفغانيات في طابور للمساعدات الإنسانية بالعاصمة كابل (أ.ب)

وكانت الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات قد حثت المجتمع الدولي على مواصلة دعم هذا البلد المنكوب، وساعدت منظمات، مثل «المجلس النرويجي للاجئين»، في استمرار توفير الخدمات العامة من خلال برامج التعليم والرعاية الصحية؛ بما في ذلك التغذية والتطعيم.

أفغانية تغادر مدرسة تحت الأرض في كابل يوم 30 يوليو 2022 (أ.ب)

لكن النساء والفتيات يواجهن مزيداً من العقبات في الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم؛ بسبب القيود التي تفرضها السلطات والنقص المستمر في وجود العاملات بمجال الرعاية الصحية، وهي مشكلة تفاقمت بسبب قرارات «طالبان». وقال إيغلاند إن النساء والفتيات الأفغانيات لم يَنسَين وعود قادة العالم بأن «التعليم وحقوق الإنسان» سيكونان «أولوية قصوى».

وأضاف، في مقابلة أجراها عبر الهاتف مع وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية، من مقاطعة هيرات الغربية: «الآن لا يمكننا حتى تمويل برامج سبل العيش للأرامل والأمهات العازبات».

وأوضح أن المجتمع الدولي قدَّم مساعدات إنسانية في كثير من الدول رغم معارضته السياسات المحلية فيها.

لكنه أشار إلى أن معارضة سياسات «طالبان»، إلى جانب «نقص التمويل العام» للمساعدات من كثير من الدول، أديا إلى تفاقم العجز في أفغانستان.

وذكر إيغلاند أن معظم محادثاته مع مسؤولي «طالبان» خلال زيارته تركزت على ضرورة استئناف تعليم الفتيات والنساء.

واختتم قائلاً: «ما زالوا يصرون على أن ذلك سيحدث، لكن الظروف غير مواتية الآن»، لافتاً إلى أنهم يقولون إنهم «بحاجة إلى الاتفاق على ماهية هذه الظروف».

وفي سياق آخر، دعا القائم بأعمال نائب وزير الخارجية في إدارة «طالبان» كبارَ مسؤولي الحركة، التي تتولى السلطة في أفغانستان، إلى فتح مدارس للفتيات بالبلاد، وذلك في واحد من أقوى الانتقادات العلنية لسياسة الإدارة التي ساهمت في عزلها دولياً. وقال شير محمد عباس ستانيكزاي، في كلمة ألقاها مطلع هذا الأسبوع، إن القيود المفروضة على تعليم الفتيات والنساء لا تتفق مع الشريعة الإسلامية. وكان ستانيكزاي قد قاد سابقاً فريقاً من المفاوضين بالمكتب السياسي لـ«طالبان» في الدوحة قبل انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2021. ونقلت قناة «طلوع» الأفغانية عن ستانيكزاي القول: «نطلب من قادة الإمارة الإسلامية فتح أبواب التعليم»، مستخدماً الاسم الذي أطلقته «طالبان» على إدارتها. وأضاف: «اليوم؛ من أصل 40 مليون نسمة، نرتكب ظلماً بحق 20 مليون إنسان»، في إشارة إلى عدد الإناث بأفغانستان.

وتشكل هذه التعليقات أحد أقوى الانتقادات العلنية التي يطلقها مسؤول في إدارة «طالبان» خلال السنوات القليلة الماضية بشأن إغلاق المدارس. وقالت مصادر من «طالبان» ودبلوماسيون لـ«رويترز» في وقت سابق إن زعيم الحركة، هبة الله آخوند زاده، هو الذي اتخذ القرار على الرغم من بعض الخلافات الداخلية.