شاهد عيان يهودي يفضح رواية الجنرال مردخاي حول إصابة محمد التميمي

تعرض لإرهاب مخابرات الاحتلال فاضطر إلى «الاعتراف» بإصابته في سقوط دراجة

محمد التميمي (أ.ف.ب) - فلسطيني يعرض صورة إشعاعية تبين موضع إصابة التميمي بعيار مطاطي في الجمجمة (أ.ف.ب)
محمد التميمي (أ.ف.ب) - فلسطيني يعرض صورة إشعاعية تبين موضع إصابة التميمي بعيار مطاطي في الجمجمة (أ.ف.ب)
TT

شاهد عيان يهودي يفضح رواية الجنرال مردخاي حول إصابة محمد التميمي

محمد التميمي (أ.ف.ب) - فلسطيني يعرض صورة إشعاعية تبين موضع إصابة التميمي بعيار مطاطي في الجمجمة (أ.ف.ب)
محمد التميمي (أ.ف.ب) - فلسطيني يعرض صورة إشعاعية تبين موضع إصابة التميمي بعيار مطاطي في الجمجمة (أ.ف.ب)

كشفت التحقيقات الدقيقة في قضية الطفل محمد التميمي، فشل المحاولة التي قام بها منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية المحتلة، الجنرال يواف مردخاي، لدمغ القيادات السياسية والإعلام الفلسطيني بالكذب. فقد تبيّن أنه لم يخف الحقيقة وحسب، بل فضح المخابرات الإسرائيلية التي أجرت تحقيقات مخيفة مع الطفل، اضطر بسببها وتحت ضغطها إلى القول إنه أصيب إثر سقوطه عن دراجة. في حين لم تكن هناك دراجة أصلا. وقد أصيب الطفل برصاصة في الرأس أطلقها أحد جنود الاحتلال فسقط عن سلم بيته.
ويبلغ محمد التميمي الخامسة عشرة من عمره، وهو من بلدة النبي صالح غرب رام الله. وقد شاعت قصته لتوافق توقيت حدوثها مع الفترة التي ظهرت فيها ابنة عمه، عهد التميمي وهي تصفع جنديا إسرائيليا. ففي حينه تبين أن عهد كانت تقف إلى جانب محمد، وشاهدته يسقط على الأرض وقد كسرت جمجمته، فخرجت إلى الجنود محاولة إبعادهم عن بيتها.
وعاد اسم محمد إلى واجهة الأخبار، عندما تبين أن قوة احتلال أعادت اعتقاله رغم وضعه الصحي. وعندما كشف أمر اعتقاله، خرج مردخاي ببيان تحريضي على صفحته في «فيسبوك»، حول الظروف التي أصيب فيها الصبي محمد التميمي في الرأس. فادعى أن الفلسطينيين يكذبون. وكتب أن الطفل التميمي «اعترف بأنه أصيب نتيجة سقوطه عن دراجة هوائية وليس نتيجة عيار ناري». وأضاف مردخاي: «والد الفتى، فضل التميمي يدعي في وسائل الإعلام، أنّ ابنه أُصيب برصاصة مطّاطيّة في جمجمته، في أثناء مواجهات اندلعت في قرية النبي صالح، لذلك اضطرّ الأطبّاء إلى بتر جزء من جمجمته لإخراج العيار المطّاطيّ. ويا للعجب! اليوم اعترف الفتى بنفسه أمام الشرطة وأمام ممثّلي مكتب التنسيق والارتباط، أنّه في ديسمبر أُصيب في جمجمته حين كان يقود دراجته الهوائيّة وسقط عنها، فأصيب بسبب ذلك في الجمجمة من مقود الدراجة. ثقافة الكذب والتحريض مستمرّة لدى الصغار والكبار في عائلة التميميّ». ونشر مردخاي إلى جانب بيانه هذا صورة للفتى محمد التميمي وطبع عليها عبارة «فيك نيوز».
وعندها نشر الفلسطينيون نتائج الفحوصات الطبية المسنودة بالحقائق والشهادات، وكلها تبين أن مردخاي هو الذي لم يقل الحقيقة. أصدر بيانا ثانيا يصر فيه على أنه لم يخطئ، وقال إنه لم يتخذ موقفا إنما عرض روايتين، رواية الأب ورواية الابن فقط. وقال: «أريد أن أوضح بشكل لا يقبل الشك، أن المنشور الذي نشر باسمي على صفحة (فيسبوك) باللغة العربية، يعتمد على رواية الفتى كما رواها. نؤكد أننا عرضنا الروايتين، رواية الأب ورواية الابن، تحت عنوان ما الحقيقة حول محمد التميمي؟ وبالنسبة لثقافة الكذب والتحريض الفلسطينية. في هذه الحالة أيضا، فإن الحقيقة هي منارتنا وسنواصل عرض الحقيقة لكشف آلية التحريض الفلسطينية».
ورد عليه الفلسطينيون مؤكدين أن الطفل التميمي قال خلال التحقيق معه إنه أصيب بمقود الدراجة وليس بإطلاق نار، لكي يتم إطلاق سراحه. ووفقا لهم، فقد كان خائفا من أنه إذا قال إنه أصيب بالنيران، فإن الشرطة ستثير شبهات ضده وتعتقله. وقال أحد شهود العيان اليهود في الحادث، إنه في يوم إصابة الفتى، رابطت قوات الجيش الإسرائيلي في منطقة موجودة فيها فيلا غير مأهولة وبيت آخر شمال بيت عائلة التميمي، وأطلقت النار على راشقي الحجارة من أجل تفريقهم. وصعد التميمي على سلم كان موضوعا بشكل دائم على الجدار المحيط، وفي اللحظة التي ظهر فيها رأسه خارج الجدار جرى إطلاق النار عليه فسقط عن السلم وهو ينزف.
ونشرت صحيفة «هآرتس»، أمس، نتائج فحص أشعة الـ«سي. تي»، التي أجريت لمحمد والتي تظهر الرصاصة في رأسه وصورة للرصاصة التي تم إخراجها من رأسه.
وتطرق رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، إلى رواية منسق أعمال الحكومة، ووصفها بأنها «كذبة حقيرة». وأضاف: «كان هناك عدة شهود عيان على إطلاق النار على محمد، وقد نقل من هناك إلى المستشفى لإجراء عملية له، وتم إخراج العيار من رأسه، والعلاج موثق بالتقارير الطبية والصور. إذا تمكن الجيش مرة أخرى من انتزاع اعتراف من قاصر بشيء لم يحدث في الواقع، فهذا دليل آخر على وحشية الاحتلال».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».