باكستان ترسل دبابات إلى المنطقة القبلية وطالبان تتوعد الشركات الأجنبية

قصف على وزيرستان والسلطات تتوقع نزوح المدنيين

باكستانيون يهربون بعد رفع حظر التجول في ميران شاه أمس (أ.ف.ب)
باكستانيون يهربون بعد رفع حظر التجول في ميران شاه أمس (أ.ف.ب)
TT

باكستان ترسل دبابات إلى المنطقة القبلية وطالبان تتوعد الشركات الأجنبية

باكستانيون يهربون بعد رفع حظر التجول في ميران شاه أمس (أ.ف.ب)
باكستانيون يهربون بعد رفع حظر التجول في ميران شاه أمس (أ.ف.ب)

حذرت حركة طالبان المتشددة أمس الشركات الأجنبية وطلبت منها مغادرة باكستان، مهددة بشن ضربات انتقامية ضد الحكومة التي أرسلت دبابات ومشاة وطائرات إلى المنطقة القبلية المضطربة.
وجاء التهديد بينما استعدت المدن الباكستانية الكبرى لمواجهة هجمات انتقامية، حيث جرى تعزيز التدابير الأمنية في منشآت رئيسة وطلب من الجنود القيام بدوريات في الشوارع بينما وضعت المستشفيات في شمال غربي البلاد في حالة جهوزية تحسبا لاستقبال جرحى.
وأطلقت السلطات الهجوم على وزيرستان الشمالية، أحد معاقل طالبان والقاعدة، بعد أسبوع على هجوم للمتمردين على المطار الرئيس في كراتشي سقط فيه عشرات القتلى وكان بمثابة النهاية لعملية السلام المتعثرة. وقصفت المقاتلات الباكستانية وزيرستان الشمالية أمس بعد يوم من إعلان الجيش بدء عملية عسكرية شاملة لإخراج المتشددين المسلحين الإسلاميين من المنطقة المضطربة الواقعة على الحدود مع أفغانستان.
وأرسلت باكستان أول من أمس جنودا ومدفعية وطائرات هليكوبتر إلى وزيرستان الشمالية في عملية عسكرية كانت متوقعة منذ فترة طويلة عجل بها هجوم للمقاتلين على أكبر مطارات باكستان قبل أسبوع.
ولطالما طالب حلفاء باكستان الغربيون وخصوصا الولايات المتحدة بعملية في المنطقة الجبلية لإخراج مجموعات مثل شبكة «حقاني» التي تستخدم المنطقة لاستهداف قوات الحلف الأطلسي في أفغانستان. غير أن السلطات امتنعت عن القيام بهجوم نهائي، ربما خشية إغضاب أمراء الحرب الموالين لباكستان ومن فتح الكثير من الجبهات في المعركة المستمرة منذ عشر سنوات ضد التمرد الإسلامي المحلي.
وحذر المتحدث الرئيس باسم حركة طالبان باكستان شهيد الله شهيد الدول الأجنبية بأن توقف أعمالها التجارية مع الحكومة وتتوقف عن دعم «جيشها الكافر». وقال المتحدث في بيان: «نحذر جميع المستثمرين الأجانب وشركات الطيران والمؤسسات المتعددة الجنسيات بأن عليها أن توقف فورا المسائل الجارية مع باكستان والاستعداد لمغادرة باكستان وإلا تتحمل مسؤوليتها الخسارة التي تلحق بها». وأضاف: «نحمل حكومة نواز شريف والمؤسسة البنجابية مسؤولية خسارة أرواح مسلمين من منطقة القبائل وممتلكاتهم نتيجة لهذه العملية»، مهددا بـ«إحراق قصوركم» في إسلام آباد ولاهور.
وتأتي هذه التحذيرات بينما قامت المدن الرئيسة بعزيز التدابير الأمنية، حيث شوهدت القوات تقوم بدوريات في شوارع إسلام آباد ولاهور وكراتشي.
وقال متحدث باسم شرطة إسلام آباد لوكالة الصحافة الفرنسية: «كانت التدابير الأمنية في العاصمة في حالة تأهب لكن جرى إعلان حالة تأهب جديدة».
وقال المتحدث اتيك شيخ للوكالة نفسها آن الشرطة في مدينة كراتشي، المركز الاقتصادي في باكستان، وضعت في حالة «تأهب قصوى» وجرى إلغاء إجازات جميع العناصر البالغ عددهم 27 ألفا.
وفي ولاية خيبر بختنخوا الشمالية الغربية والمحاذية للمنطقة القبلية أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في كل المستشفيات وطلب منها الاستعداد لاستقبال جرحى، بحسب ما أعلنه وزير الصحة في الولاية شهرام خان تركاي في بيان. وتقصف طائرات سلاح الجو الباكستاني مخابئ مفترضة للمتمردين في المنطقة منذ أول من أمس وعززتها دبابات ومشاة بقصف مدفعي كثيف.
وتمركزت دبابات الجيش في بلدة ميرانشاه، كبرى مدن المنطقة، في البازار بينما يطلق الجنود النار بشكل متقطع لتنبيه السكان إلى عدم مغادرة منازلهم. ويمكن مشاهدة أكثر من 2000 جندي في مواقع جديدة في الجبال. وكانت باكستان أرسلت قوات إلى المنطقة القبلية وقامت بتعزيزها في الأيام التي سبقت الهجوم.
وبلغ عدد القتلى بسبب الهجوم حتى الآن 177 بحسب الجيش، قتل معظمهم في قصف جوي وبعضهم بنيران قناصة. ولا يمكن التأكد من هذه الأرقام من مصدر مستقبل.
وفي بلدة بانو التي تبعد عشرة كيلومترات شرق وزيرستان الشمالية، كانت مئات الشاحنات العسكرية المزودة بمدافع رشاشة في طريقها إلى منطقة القتال، إلى جانب صهاريج نفط ومستشفى عسكري ميداني. وفي منطقة جسر كاشو على بعد نحو 25 كلم شمال شرقي بانو، كانت الجرافات تسوي الأرض لإقامة مخيم للنازحين. وقال ارشاد خان، المدير العام لسلطة إدارة الكوارث: «اتخذنا التدابير لاستقبال نازحين في مخيمين».
وفر نحو 62 ألف شخص من المنطقة حتى الآن إلى أجزاء أخرى من باكستان، بحسب الأرقام الرسمية، مع توقع «مئات آلاف» آخرين لاحقا.
والعملية هي آخر عمليات الجيش ضد المتمردين منذ انضمام باكستان إلى الحرب ضد الإرهاب بقيادة أميركية في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2003.
ونجحت باكستان حتى الآن في جمع السلطات المدنية مع الجيش الذي كان ينظر إليه بشكل واسع على أنه يعارض عملية الحوار التي بدأت في وقت سابق هذا العام وأفضت إلى وقف لإطلاق النار لفترة وجيزة بين مارس (آذار) وأبريل (نيسان)، غير أن الشكوك لا تزال تحوم حول استمرارية أي مكاسب وما إذا كانت باكستان ستتخلى عن سياسة استخدام جهاديين للتأثير على دول مجاورة، وهي استراتيجية يقول المحللون إنها أدت إلى نتيجة عكسية وبروز متمردين مصممين على الإطاحة بالحكومة.
وقالت مصادر في المخابرات إن خمسة جنود باكستانيين على الأقل قتلوا في انفجار عبوة ناسفة استهدف قافلة تابعة للجيش بمنطقة وزيرستان الشمالية في أول هجوم للمقاتلين على القوات الباكستانية منذ بدء آخر عملية عسكرية. وأضاف مسؤول في المخابرات لوكالة «رويترز»: كانت عبوة ناسفة بدائية الصنع.. قتل خمسة جنود وأصيب أربعة».



إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
TT

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)
صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري أعلنت مسؤوليته جماعة تابعة لتنظيم «داعش».

وزير شؤون اللاجئين والعودة بالوكالة في حركة «طالبان» الأفغانية خليل الرحمن حقاني يحمل مسبحة أثناء جلوسه بالمنطقة المتضررة من الزلزال في ولاية باكتيكا بأفغانستان 23 يونيو 2022 (رويترز)

ويعدّ حقاني أبرز ضحية تُقتل في هجوم في البلاد منذ استولت «طالبان» على السلطة قبل ثلاث سنوات.

ولقي حتفه الأربعاء، في انفجار عند وزارة شؤون اللاجئين في العاصمة كابل إلى جانب ضحايا آخرين عدة. ولم يعلن المسؤولون عن أحدث حصيلة للقتلى والمصابين.

وخليل حقاني هو عم القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني، سراج الدين حقاني، الذي يقود فصيلاً قوياً داخل «طالبان». وأعلنت الولايات المتحدة عن مكافأة لمن يقدم معلومات تقود إلى القبض عليهما.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني (إ.ب.أ)

ووفق بيان نقلته وكالة أنباء «أعماق»، قالت الجماعة التابعة لـ«داعش» إن أحد مقاتليها نفَّذ التفجير الانتحاري. وانتظر المقاتل حتى غادر حقاني مكتبه ثم فجَّر العبوة الناسفة، بحسب البيان.

وتقام جنازة الوزير عصر الخميس، في مقاطعة جاردا سيراي بإقليم باكتيا بشرق البلاد، وهو مركز عائلة حقاني.

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وكانت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان بين من أدانوا الهجوم على الوزارة.

وقالت عبر منصة «إكس»: «لا يوجد مكان للإرهاب في المسعى الرامي إلى تحقيق الاستقرار». وأورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشاً تدريبية كانت تُعقد في الأيام الأخيرة في الموقع.

وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو الدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

شقيق مؤسس «شبكة حقاني»

وخليل الرحمن الذي كان يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته هو شقيق جلال الدين، مؤسس «شبكة حقاني» التي تنسب إليها أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان خلال عقدين من حكم حركة «طالبان» الذي أنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001.

يقف أفراد أمن «طالبان» في استنفار وحراسة عند نقطة تفتيش في كابل 12 ديسمبر 2024 بعد مقتل خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين (إ.ب.أ)

وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني.

ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى خمسة ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية».

وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً».

وكان خليل الرحمن خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، بحسب تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل.

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا أن الفرع المحلي لتنظيم (داعش - ولاية خراسان) لا يزال ينشط في البلاد وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان».

وسُمع في أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل.

إجراءات أمنية في كابل قبل تشييع جثمان خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين في حكومة «طالبان» (إ.ب.أ)

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل طفل وأصيب نحو عشرة أشخاص في هجوم استهدف سوقاً في وسط المدينة.

وفي سبتمبر (أيلول)، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح 13 في مقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً أن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.