مفاوضات تونسية ـ جزائرية حول أنبوب الغاز المتجه إلى إيطاليا

TT

مفاوضات تونسية ـ جزائرية حول أنبوب الغاز المتجه إلى إيطاليا

عقدت اللجنة التونسية الجزائرية المشتركة للطاقة اجتماعها أمس في تونس، برئاسة خالد قدور الوزير التونسي للطاقة والمناجم والطاقات المتجددة ومصطفى القيطوني وزير الطاقة الجزائري، وتمحور الاجتماع حول بحث إمكانية تمديد استغلال أنبوب الغاز الجزائري العابر للأراضي التونسية نحو إيطاليا، وتفعيل عدد من المشاريع المشتركة.
وتتوقع الحكومة التونسية تحصيل عائدات من عبور أنبوب الغاز الجزائري للأراضي التونسية بقيمة تناهز 473.8 مليون دينار تونسي (نحو 193 مليون دولار) خلال السنة الحالية، مقابل مداخيل بلغت نحو 440 مليون دينار (نحو 179 مليون دولار) في 2017. وتتلقى تونس رسوم نقل تتراوح نسبتها ما بين 5.25 و6.75 في المائة من حجم الغاز المنقول. ويحتل الغاز الجزائري أهمية بالغة بالنسبة للاقتصاد التونسي، إذ يوفر نسبة 48 في المائة من استهلاك تونس من الغاز، ويستغل في إنتاج الكهرباء على وجه الخصوص.
ويمتد أنبوب نقل الغاز الجزائري على مسافة 400 كيلومتر داخل الأراضي التونسية من الحدود التونسية الجزائرية إلى سواحل الهوارية شمالاً (أقرب نقطة إلى إيطاليا)، وأتاح نقل 12 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الجزائري حتى سنة 2015.
وبمناسبة زيارة وزير الطاقة الجزائري إلى تونس، أعلن الطرفان التونسي والجزائري عن مشروع جديد لتزويد معتمدية ساقية سيدي يوسف الحدودية، وهي تابعة لولاية (محافظة) الكاف، بالغاز الطبيعي الجزائري، على أن يكون التنفيذ الفعلي خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل. كما أفاد الوزير التونسي للطاقة بانطلاق مجموعة من المشاريع المشتركة بين البلدين في مجال الربط الكهربائي والتصنيع والطاقات المتجددة.
وتؤمن تونس عبر أراضيها نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا منذ ستينات القرن الماضي، ويؤكد الجانب التونسي على أن اللجنة المشتركة التونسية الجزائرية للطاقة لعبت دوراً هاماً في إحداث مشاريع مشتركة في مجالات النقط والكهرباء وتزويد السوق التونسية بالغاز الطبيعي والمواد البترولية.
وأعلنت الحكومة التونسية منذ فترة عن دخولها في مفاوضات جديدة مع إيطاليا باعتبارها صاحبة المشروع، وممثلة بشركة «إيني» البترولية، حول تجديد عقود نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا عبر الأراضي التونسية، وهو ما سيمكن الطرف التونسي من رفع قيمة الإتاوة المالية الموظفة عن عبور الغاز الجزائري لأراضيها في اتجاه القارة الأوروبية.
وكشف الجانب الإيطالي في مفاوضات سابقة عن برنامج الاستثمارات المستقبلية المزمع إنجازها خلال عشر السنوات المقبلة بغية مواصلة ضمان نقل الغاز الجزائري عبر الأراضي التونسية، وعبر عن أمله في التوصل إلى تجديد عقد الاستغلال بشروط ترضي جميع الأطراف قبل سبتمبر (أيلول) 2019، وهو تاريخ انتهاء العقود الحالية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.