تلعب السياحة دوراً هاماً في اقتصادات الدول، بتسجيل نفسها رقماً صعباً في زيادة الدخل القومي، ويظهر الأثر الاقتصادي للسياحة في زيادة الإيرادات من النقد الأجنبي، وأصبحت معظم الدول تولي قطاع السياحة والترفية اهتماماً بالغاً، كونها تعد اليوم أحد أهم القطاعات الاقتصادية والاجتماعية في تنمية وتطوير الفرد والأرض، وتبرز السياحة في الدول المتطورة كرافد أساسي في التنمية الاقتصادية.
وشكلت النهضة السياحية التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي بوجه عام دافعاً رئيسياً لاستدامة الاستثمارات الفندقية خلال السنوات المقبلة، في الوقت الذي تتطلع فيه دول المجلس لزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي، وذلك من خلال زيادة الاستثمارات في القطاع عبر مشاريع ضخمة تعمل عليها دول المجلس بشكل كبير، إضافة إلى المناسبات والفعاليات التي تعمل عليها عدد من الدول، كاستضافة دبي لـ«إكسبو 2020» وتنظيم المؤتمرات المختلفة التي لها بعد دولي.
وتسعى السعودية إلى تحقيق تنمية مستدامة في هذه الصناعة، بتطوير وتنشيط القطاع السياحي، لما يُحدثه من تنمية اقتصادية واجتماعية، وقد استطاعت بفضل ما تمتلكه من تنوع في أماكنها السياحية، سواء التاريخية أو الدينية أو الثقافية، أن تسجل نفسها على خريطة السياحة العالمية، وباتت السياحة تلقى دعماً متزايداً من الحكومة السعودية، ممثلة في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، التي من بين أهدافها تطوير وتأهيل المواقع السياحية والتراثية،، وتطوير الأنشطة والفعاليات في المواقع السياحية، فضلاً عن تنمية الموارد البشرية السياحية.
وأعلنت السعودية، العام الماضي، عن سعيها لتوسيع قطاع السياحة الترفيهية، حيث تهدف إلى تسجيل 30 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. ونتيجة لذلك، سيشهد عام 2018 منح أول تأشيرات سياحية للمسافرين الدوليين. ولأول مرة، سيكون بإمكان النساء (25 سنة وما فوق) الحصول على تأشيرة دخول سياحية واحدة لمدة 30 يوماً بمفردها.
ويتوقع التقرير أن يرتفع عدد المسافرين بنسبة 8 في المائة في مطار الملك خالد الدولي بالرياض، و6 في المائة في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأظهرت الدراسة التي أعدتها كوليرز إنترناشيونال، الشريك الرسمي لمعرض سوق السفر العربي، أن السياحة الدينية في السعودية تشكل الجزء الأكبر من حجم الطلب، وقد شهدت البلاد افتتاح 30 ألف غرفة جديدة خلال عام 2017، بالإضافة إلى أكثر من 40 ألف غرفة في 89 مشروعاً قيد الإنشاء حالياً.
وتتمتع السعودية بمقومات السياحة المتكاملة، فلديها السواحل شرقاً وغرباً على الخليج العربي والبحر الأحمر، وفيها عمق واتساع الصحراء وصفاؤها، وفيها المصايف الجبلية الزاخرة بالمشاهد الساحرة؛ كل هذا في رقعة من الأرض شاسعة تناهز مساحة أوروبا الغربية، وهي ثالث أكبر دولة عربية من حيث المساحة، بعد الجزائر والسودان.
وتكتمل المقومات السياحية في السعودية بتوافر بنية تحتية متطورة جداً من شبكات المواصلات البرية والبحرية والجوية، ومرافق ومنشآت حديثة عالية المستوى، ووسائل اتصال ومراكز أعمال ومال وتسوق في مقدمة مثيلاتها في العالم.
وتتميز السعودية بوجود عدد كبير من الأماكن السياحية التي تقدم تجربة رائعة للاستكشاف والمتعة، فالعاصمة الرياض هي قلب المملكة النابض بالحياة، وملتقى الوطن والمركز الإداري، تزدهر بها المراكز التجارية والمالية المتطورة، والطابع التراثي والثقافي والعمراني الذي يهيمن على المكان، وتحيطها البيئة الطبيعية التي تأثر الألباب، كما يوجد فيها قصر المصمك الذي كان مسرحاً لمعركة فتح الرياض، التي استعاد فيها الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود المدينة.
وشكلت السياحة الدينية جزءاً مهماً من وضع السياحة في السعودية، حيث تعتبر العاصمة المقدسة مكة المكرمة والمدينة المنورة، حاضنتا الحرمين الشريفين والأماكن المقدسة الأخرى، جزءاً مهماً في الخريطة السياحية، عطفاً على وضعهما وتاريخهما الذي يحكي التاريخ الإسلامي.
وفي المقابل تعتبر «العلا» من ضمن المدن الفريدة التي تقع في الجزء الشمالي الغربي، على بعد 370 كيلومتراً من المدينة المنورة، ذات الشهرة العالمية، كونها تعد من أغنى وأقدم المواقع التاريخية والأثرية على مستوى العالم. ففي عمق التاريخ، تبوأت العلا موقعاً تجارياً مهماً على طريق القوافل القديم، فكانت العلا (دادان) مركزاً تجارياً بارزاً تتجمع فيه التجارة الآتية من أفريقيا وآسيا وجنوب شبه الجزيرة العربية، التي تحمل التوابل والعطور والبخور.
أما في الجنوب من السعودية، فتُعد مدينة أبها أكبر مدن المنطقة، وعروس الجنوب، والمركز الإداري لمنطقة عسير، حيث منطقة الجبال المكسوة بالضباب طوال العام، وتضمّ عدداً كبيراً من المعالم الأثرية والقصور، كقصر شدا ورجال ألمع، والأسواق الشعبية القديمة، كسوق الثلاثاء، حيث تجدون التحف والتذكارات الثمينة.
وتتميز عسير بمناخها المتنوع بسبب انقسام تضاريسها بين جبال السراة ومنطقة تهامة. ففي الصيف، يعتدل مناخها وتتلبد السماء بالغيوم، وينزل المطر باستمرار في المناطق الجبلية منها، وتراوح درجة الحرارة بين 20 و25 درجة مئوية، بينما تكون تهامة الساحلية قليلة المطر.
وفي الشتاء، تنخفض درجة الحرارة في المرتفعات، وتعتدل في تهامة، وهذا ما يدفع الأهالي إلى النزول إليها. وفي الشتاء أيضاً، تحدث ظاهرة صعود الضباب من أودية تهامة، لتتجمع في أعالي الجبال، فتملأ الجو وتتعذر الرؤية حتى على بعد أمتار قليلة.
ومع هذا التنوع الكبير في الأماكن السياحية، تسعى السعودية إلى جعل الصناعة السياحية رافداً اقتصادياً مهماً، ليس لقطاع السياحة بحد ذاته، بل بالتعاون مع كل القطاعات الأخرى، ليساهم بشكل كبير وفعال في تعزيز المواطنة، والحد من البطالة، وخلق سوق عمل وجذب للاستثمارات، لتحقيق الرخاء الاقتصادي والإنساني؛ وهو الهدف الأساسي لكل الجهود التي تستهدف التنمية.
السياحة الخليجية... الرقم القادم في تنوع العوائد وزيادة التنمية في دول التعاون
مشروعات ضخمة تضع السعودية في مقدمة الدول السياحية
السياحة الخليجية... الرقم القادم في تنوع العوائد وزيادة التنمية في دول التعاون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة