«معركة الغوطة» تجمع موسكو ودمشق بعد خلاف حول «سوتشي»

أنباء عن وجود ضباط مصريين لإنقاذ دوما

أطفال يتلقون العلاج في قبو بغوطة دمشق (أ.ف.ب)
أطفال يتلقون العلاج في قبو بغوطة دمشق (أ.ف.ب)
TT

«معركة الغوطة» تجمع موسكو ودمشق بعد خلاف حول «سوتشي»

أطفال يتلقون العلاج في قبو بغوطة دمشق (أ.ف.ب)
أطفال يتلقون العلاج في قبو بغوطة دمشق (أ.ف.ب)

هناك اختلاف بين موسكو ودمشق إزاء متابعة مخرجات «مؤتمر الحوار الوطني السوري» في سوتشي، خصوصاً تشكيل اللجنة الدستورية، لكنهما متفقتان على أن الأولوية حالياً للواقع الميداني؛ حيث قدم الجيش الروسي أعلى قدر من الدعم العسكري والسياسي لشن هجوم واسع على غوطة دمشق مع ترك نافذة لإمكانية عقد ضباط مصريين صفقة تستثني «جيش الإسلام» في دوما من الهجوم الواسع.
وبحسب المعلومات المتوفرة لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أظهرت زيارة المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينييف إلى دمشق ولقاؤه رئيس النظام بشار الأسد من جهة؛ وزيارة المستشارة السياسية الرئاسية بثينة شعبان إلى موسكو من جهة ثانية، استمرار الفجوة إزاء متابعة تنفيذ نتائج مؤتمر سوتشي.
دمشق، بحسب المعلومات، ترفض البحث حالياً في «التسوية السياسية»، بل إن خطاب شعبان في «منتدى فالداي» الأسبوع الماضي لم يتضمن أي إشارة إلى القرار «2254» والحل السياسي، ذلك أن القناعة في دمشق أن «المنتصر هو من يفرض شروطه، ونحن انتصرنا». لذلك، هناك رفض واضح لنتائج مؤتمر سوتشي سواء لجهة إقرار المبادئ السياسية الـ12 التي صاغها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا ورفض الوفد الحكومي السوري مجرد البحث فيها؛ أو لجهة تنفيذ قرار مؤتمر سوتشي تكليف دي ميستورا تشكيل اللجنة الدستورية وتحديد مرجعيتها وآلية عملها. بالنسبة لدمشق، اللجنة تشكل في سوريا وتعمل وفق آليات البرلمان الحالي لـ«تعديل» الدستور الحالي لعام 2012. لكن موسكو، ترى الأمور غير ذلك؛ إذ إنها تريد تنفيذ القرار «2254». على الأقل، هذا ما يقوله مسؤولون روس. وهم يريدون أن تبحث دمشق في الحل السياسي والسماح لدي ميستورا بتشكيلها وبدء أعمالها في جنيف لبحث «الإصلاح الدستوري». غير أن أقصى ما فعله الكرملين أنه أوفد لافرينييف إلى الأسد بالتزامن مع عدم قبول وزير الخارجية سيرغي لافروف لقاء شعبان في موسكو للتذكير بمخرجات سوتشي والاستعداد لتنفيذ القرار «2254».
ولا يفسد هذا الخلاف التطابق في المجال الميداني، لأن «الأولوية حالياً للواقع الميداني» وإن كان لكل طرف رأيه بالحسم الميداني. بحسب المعلومات، فإن قوات النظام حشدت على أطراف الغوطة ما بين 50 ألفا و60 ألف عنصر من الفرقة الرابعة والفرقة السابعة و«الفوج 16» وقوات العميد سهيل الحسن المعروف بـ«النمر» الذي بات يحظى برعاية عسكرية روسية مرئية. ووافقت روسيا على تقديم الدعم العسكري والغطاء الجوي لاقتحام غوطة دمشق، كما أن الجيش الروسي أرسل أحدث طائراته وهي «سوخوي57» مع طائرات مقاتلة وقاذفة أخرى.
هدف الكرملين، تجنب خسارة ميدانية كبرى قبل موعد انتخابات الرئاسة في 18 مارس (آذار) المقبل كما حصل لدى ضرب الجيش الأميركي «مرتزقة» روساً قرب دير الزور وإسقاط قاذفة روسية في إدلب وتعرض قاعدة حميميم لهجوم بطائرات «درون». كما أن الكرملين يرمي إلى «إنجاز ميداني» عبر تكثيف الضغوط العسكرية إلى الحد الأقصى ووضع غوطة دمشق أمام خيارين: قبول شروط روسيا، أو الاستعداد لاقتحام وتكرار «سيناريو حلب».
ونجحت موسكو بتوفير شرعية لـ«معركة الغوطة» لدى المماطلة في الموافقة على المسودة السويدية - الكويتية لقرار مجلس الأمن لوقف النار، ثم شراء الوقت وإمطار الغوطة بالقصف لإجراء تغييرات رئيسية في المشروع. وحصلت على «جراحات» في المسودة لا تفقد القرار مضمونه فحسب، بل تعطي شرعية لموقف روسيا. وبحسب دبلوماسي غربي، فإن التعديلات الروسية شملت ألا يكون تطبيق وقف النار فورياً؛ بل بدء الهدنة «من دون تأخير» لثلاثين يوماً. كما تضمن النص النهائي أن الهدنة لا تشمل «الأفراد والتنظيمات» المرتبطة بـ«داعش» و«القاعدة» بحسب تصنيف الأمم المتحدة، مما يعني إمكانية خوض «معركة الغوطة» من باب مكافحة الإرهاب. وباتت موسكو هي الحكم في تنفيذ الهدنة من غارات تشنها طائراتها، ورفضت توفير آلية للرقابة على تنفيذ الهدنة، باستثناء تفويض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لتقديم تقرير خلال أسبوعين، الذي قدم أمس تفسيره للقرار بضرورة «وقف فوري للنار».
وشكل القرار ورقة تفاوضية قوية لموسكو أمام أنقرة، ذلك أن دعوة القرار «2401» لوقف النار في كل سوريا، جعل استمرار العملية التركية في عفرين رهن موافقة روسيا، خصوصاً أن بعض الدول؛ بينها فرنسا، طالبت بوقف النار في عفرين أيضا بالتزامن مع إرسال الجيش التركي قوات خاصة لخوض «حرب شوارع» في عفرين.
من جهتها، قدمت أنقرة ورقة دعم أخرى لموسكو لدى توحيد «أحرار الشام» و«نور الدين الزنكي» في «جبهة تحرير سوريا» لطرد «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقا) من غرب حلب ومن إدلب وسط انتفاضة يقوم بها مقاتلو «الجيش الحر» ضد «النصرة» في إدلب.
وتركت موسكو الباب مفتوحاً لاحتمال عقد صفقة في غوطة دمشق؛ إذ إنها تريد خروج عناصر «النصرة»، وهناك من يقدر عددهم بنحو مائتي عنصر، «خلال يومين» من شرق دمشق، ومحاربة تنظيمات أخرى محسوبة على «النصرة» أو «داعش». وعلم أن ضباطاً مصريين يعملون على الأرض لتجنيب «جيش الإسلام» ودوما حرباً روسية شاملة عبر «تعديل» اتفاق «خفض التصعيد» الذي كان وقف برعاية مصرية في صيف العام الماضي، بحيث يتم تجديده وفق صيغة جديدة تتضمن إخراج الإرهابيين و«منع أي إمكانية لقصف السفارة الروسية وإسقاط قذائف على العاصمة» مما يجنب دوما وبضعة آلاف مقاتل المعارك، مقابل التخلي الكامل عن «أحرار الشام» أو «جبهة تحرير سوريا».
عليه، فإن قول لافروف أمس إن الهدنة «لا تشمل في أي حال أعمال الحكومة السورية التي تدعمها روسيا ضد المجموعات الإرهابية مثل (داعش) و(جبهة النصرة) وكل المتعاونين معهما»، ضمن تصعيد الضغوط الميدانية بالتزامن مع استعداد لفتح ممر إنساني إلى الغوطة التي تضم 400 ألف مدني.
وإذ استمر أمس قصف الغوطة الشرقية؛ حيث قتل 10 مدنيين على الأقل في دوما، تعززت شكوك الوصول إلى صفقة - تسوية. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد بن الحسين: «لدينا كل الأسباب لكي نبقى حذرين»، مشيرا إلى أن القرار «2401» يأتي بعد «7 سنوات من الفشل في وقف العنف، و7 سنوات من القتل الجماعي المروع».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».