الحوثي يخنق الاقتصاد ويحيل 419 شركة ورجل أعمال إلى النيابة

TT

الحوثي يخنق الاقتصاد ويحيل 419 شركة ورجل أعمال إلى النيابة

لم تكتف ميليشيات جماعة الحوثيين الانقلابية خلال ثلاث سنوات من الانقلاب على الشرعية اليمنية بنهب الأموال العامة واحتياطيات العملة الصعبة لدى البنك المركزي في صنعاء والاستيلاء على السيولة النقدية من العملة المحلية، لكنها شرعت في خنق الاقتصاد المحلي الخاص تمهيداً للاستيلاء على أنشطته ومصادرة أمواله.
وأحالت الجماعة الانقلابية الأسبوع الحالي أكثر من 419 من كبار التجار المستثمرين في القطاعات الاقتصادية المختلفة على النيابة العامة التابعة للجماعة تمهيداً لإقامة محاكمات جماعية تقضي بإجبارهم على دفع مبالغ ضخمة لصالح الجماعة. وأفادت الوسائل الرسمية الحوثية بأن «النيابة العامة شرعت في إجراءات النظر بالقضايا المحالة إليها من مصلحة الضرائب بشأن عدم التزام 419 من المكلفين بالإجراءات القانونية ودفع ما عليهم من التزامات». وشملت هذه الإجراءات كافة القطاعات التجارية والنفطية والاقتصادية، والخدمية، إذ تتهم الجماعة كبار التجار ورجال الأعمال في هذه القطاعات بعدم سداد المبالغ المالية الضخمة المطالبين بها كضرائب وزكاة. وأمرت الجماعة الانقلابية نيابة الأموال التابعة لها في صنعاء بسرعة البت في هذه القضايا وإحالتها على القضاء لإصدار أحكام قضائية تسمح لها بتوفير غطاء قانوني من أجل مصادرة أموال التجار والحجز على الأصول التابعة لهم.
وكان المسؤول الحوثي في فرع البنك المركزي الذي تسيطر عليه الميليشيات في صنعاء، وجّه أخيراً أوامر إلى المصارف المحلية وشركات الصرافة، تقضي بمنع التعامل المالي مع نحو 700 شركة ومؤسسة ورجل أعمال، بعد أن صنفتهم الجماعة في قائمة سوداء لجهة عدم رضوخهم لدفع الإتاوات المطلوبة منهم لتمويل المجهود الحربي. وحدّدت الجماعة مهلة أسبوع فقط للجهات المصرفية لكشف التعاملات المالية المختلفة لهذه الجهات التجارية «المغضوب عليها» من قبل الجماعة تحت ذريعة أنها لم توف بالتزاماتها المالية تجاه الدولة وتسدد الديون المتعثرة.
وتتجاهل الميليشيات الحوثية حجم الكارثة التي تسبب فيها انقلابها على الشرعية، وما تلا ذلك من تدمير ممنهج للاقتصاد وشل للحركة التجارية وتوقف للمشاريع الاستثمارية، في ظل هيمنة الجماعة على المفاصل المالية للدولة وإتاحة الفرصة أمام الموالين لها للسيطرة على السوق المحلية بخاصة في قطاع استيراد الوقود والغذاء. وتجبر الجماعة منذ انقلابها معظم التجار والمستوردين ورجال الأعمال وأصحاب الشركات على دفع مبالغ كبيرة لتمويل المجهود الحربي وللمشاركة في تكلفة الدعاية الإعلامية الضخمة التي ترافق احتفالات الجماعة المختلفة على مدار العام.
وقال أحد التجار وملاك الشركات المعروفة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: «فوجئت بوجود اسم شركاتي ضمن اللائحة المشمولة بالإجراءات الحوثية، مع أني ملتزم بسداد الضريبة والزكاة وكافة المبالغ التي حددها القانون». وأضاف التاجر الذي رفض الكشف عن اسمه لاعتبارات أمنية: «أعتقد أن الغرض من التضييق الحوثي على هذا العدد الكبير من التجار وملاك الشركات في القطاع الخاص هو محاولة للابتزاز للحصول على المزيد من الإتاوات المالية».
ويستغرب هذا التاجر، من إصرار قادة الميليشيات على عرقلة أداء القطاع الخاص الذي صمد خلال ثلاث سنوات للبقاء عند الحد الأدنى المقبول من النشاط التجاري والصناعي، ويتساءل: «ماذا يريدون منا أكثر من دفع المبالغ القانونية والإتاوات المتكررة من وقت لآخر». ويعترف أن أحد قادة الميليشيات الانقلابية اتصل به هاتفيا، قبل أسابيع وأجبره تحت التهديد على دفع مبلغ 50 مليون ريال (الدولار يساوي 380 ريالاً حسب سعر الصرف الرسمي)، لصالح المجهود الحربي للجماعة، وهي ليست المرة الأولى التي تحدث معه، على حد قوله.
وكانت الجماعة فرضت أخيراً رسوماً جمركية بنسبة 100 في المائة على السلع القادمة من المنافذ البرية والبحرية التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، ما يعني مضاعفة الأعباء على المستهلك وزيادة الأسعار. كما تسعى الميليشيات لإصدار قوانين جديدة بالجملة وتعديل قوانين سابقة في القطاع المالي والاقتصادي، ما يسمح لها بتوفير ذريعة قانونية مزعومة لرفع الضرائب والرسوم على الخدمات في المؤسسات الخاضعة لها، ويؤدي إلى سحق آلاف الأسر العاجزة عن توفير قيمة القوت الضروري اليومي.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.