ماكرون يذكر إردوغان بضم عفرين للهدنة

وزير الخارجية الفرنسي في موسكو اليوم

TT

ماكرون يذكر إردوغان بضم عفرين للهدنة

أثمرت الضغوط الدولية على موسكو في دفع السلطات الروسية، بأمر من الرئيس فلاديمير بوتين، إلى الإعلان عن هدنة يومية في الغوطة الشرقية ابتداءً من اليوم مدتها خمس ساعات، وعن فتح «ممرات إنسانية» لخروج المدنيين الراغبين بذلك. وبحسب مراقبين، فإن هذا التطور يبين، مرة أخرى، قدرة الجانب الروسي على لي ذراع النظام، والتحكم بالوضع السوري الميداني والسياسي.
ويتزامن العمل بهذا الإجراء مع وصول وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إلى موسكو في زيارة لم تكن مقررة سلفاً، حيث سيكون الملف السوري «الطبق الرئيسي» في مباحثاته مع نظيره سيرغي لافروف. وبالتوازي، ما زالت الدبلوماسية الفرنسية تنشط في الدفع باتجاه تنفيذ مضمون القرار الدولي رقم 2401 الذي أقر هدنة من ثلاثين يوماً كان يفترض أن تبدأ «من غير إبطاء».
هكذا، بعد الاتصال الهاتفي المشترك للرئيس ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل بالرئيس بوتين الأحد، جرى اتصال آخر أمس بين الأول ونظيره التركي رجب طيب إردوغان لدفعه من أجل أن تحترم تركيا الهدنة، وتوقف هجومها على منطقة عفرين الكردية في الشمال الغربي من سوريا. وأفاد بيان صادر عن الإليزيه عقب الاتصال بأن ماكرون شدد على أن «الهدنة الإنسانية تشمل مجمل الأراضي السورية، بما فيها عفرين، ويجب أن تطبق في كل مكان ومن قبل الجميع دونما إبطاء من أجل وقف دورة العنف التي يمكن أن تفضي إلى انفجار على مستوى المنطقة، وتقضي على كل إمكانية لحل سياسي». كذلك أكد ماكرون على الضرورة القصوى لوضع حد فوري لعمليات القصف العشوائية وإتاحة المجال «في الساعات والأيام المقبلة لإيصال المساعدات الإنسانية وإخلاء الجرحى والمرضى»، مبدياً حرصه على تذكير إردوغان بأن روسيا وتركيا وإيران بصفتها الضامنة لاتفاقات آستانة «تتحمل مسؤولية مباشرة» لجهة ترجمة مضمون القرار الدولي على أرض الواقع. ولمزيد من الوضوح واستباقاً لوصول لو دريان إلى موسكو، أعلن الإليزيه أنه «يتعين على روسيا أن تقوم بما يلزم لدى النظام السوري الذي تدعمه».
حقيقة الأمر أن الاتصال الهاتفي مرده إلى إعلان إردوغان أنه لن تكون هناك هدنة في العملية العسكرية التركية التي تستهدف منطقة عفرين في شمال سوريا، فيما قالت الخارجية التركية إن أنقرة «ما زالت مصممة على مكافحة المنظمات الإرهابية التي تهدد وحدة الأراضي والوحدة السياسية لسوريا».
ولتكون الأمور أكثر وضوحاً بالنسبة للجميع، وكما فهم ذلك في باريس، فقد عمدت تركيا إلى نشر «وحدات خاصة» من الشرطة تهيؤاً على ما يبدو لمعارك المدن التي ستبدأ في حال قررت تركيا الدخول إلى عفرين، أو السيطرة على المدن والقرى الرئيسية فيها، وهو ما جاء على لسان بكير بوذداغ، الناطق الرسمي باسم الحكومة التركية الذي أعلن بصراحة أن «نشر القوات الخاصة يأتي في إطار التحضير للمعركة الجديدة التي تقترب»، معتبراً أن هذه الوحدات «تمتلك الخبرات في معارك المدن ضد الإرهابيين».
ما يقلق باريس، وفق ما تؤكده مصادرها، هو «تنصل» الأطراف من القرار 2401 بفضل الفقرة التي فاوضت عليها مندوب روسيا في الأمم المتحدة، وفتحت الباب أمام إبقاء الحرب مفتوحة من خلال النص على أن الهدنة لا تشمل تنظيمي داعش والنصرة ولا التنظيمات التي تتعامل معها. وبعد أن أعلن النظام أن حربه ضد التنظيمات الإرهابية «متواصلة»، جاء تصريح رئيس الأركان الإيراني الذي قال فيه إن معركة الغوطة مستمرة، واستكملته أنقرة بتأكيد أن حربها ضد «وحدات حماية الشعب» هي أيضاً ما زالت قائمة. وإذا أضيف إلى ذلك الضربات الجوية التي تقوم بها قوات التحالف الدولي شرق الفرات لتبين أن جبهات الحرب ستبقى مشتعلة، وبالتالي فإن الهدنة التي كان يفترض أن تعم كافة الأراضي السورية ليست أكثر من توهم.
ورغم التخوفات الفرنسية من انهيار الهدنة سريعاً إذا لم تضع موسكو ثقلها في الميزان، وتضغط على النظام وعلى إيران لاحترامها، فإن باريس تعتبر أن ما تحقق في نيويورك «يمكن البناء عليه» للمستقبل، لأن القرار يشكل «قاعدة قانونية» لمطالبة الأطراف بتحمل مسؤولياتها وممارسة الضغوط عليها لهذا الغرض. وتعتبر باريس أن خيار موسكو التصويت لصالح مشروع القرار، وليس الامتناع، قد يكون «مؤشراً إيجابياً» لرغبة روسية في لي ذراع دمشق وطهران. لكن هذه الرؤية كان يمكن أن تكون أكثر إقناعاً لو لم تكن القوات الجوية الروسية طرفاً في العملية العسكرية ضد الغوطة الشرقية.
وفي أي حال، وفيما خص الملف التركي، فإن حرص باريس على تذكير إردوغان بوضع عفرين ليس جديداً. فالجانب الفرنسي، بلسان الرئيس ماكرون، كان أول من نبه إلى رفض أن يتحول دخول الجيش التركي إلى عفرين إلى «احتلال لأراضٍ سورية». كما أن ماكرون نفسه كان سباقاً في التحذير من إطالة الحرب على عفرين ومن التبعات الإنسانية المترتبة عليها.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.