معركة ضارية بغياب التحالفات بين 6 لوائح في طرابلس

TT

معركة ضارية بغياب التحالفات بين 6 لوائح في طرابلس

يبدو أن معظم الأحزاب والقوى الفاعلة في دائرة طرابلس - المنية - الضنية، المعروفة بدائرة الشمال الثانية، قد حسمت قرارها بخوض المعركة الانتخابية المرتقبة في 6 مايو (أيار) المقبل على لوائح منفردة، حيث لم يُسجل حتى الساعة أي تحالف بين القوى الرئيسية التي ارتأت أن مصلحتها الانتخابية تقتضي تشكيل لوائح من لون واحد تضمن لها الفوز بعدد محدد من المقاعد، بعدما بينت حساباتها أنّها غير قادرة وفي ظل أي تحالف، على اكتساح المقاعد الـ11 المخصصة لهذه الدائرة، التي ستوزع، وفقاً للقانون الجديد، على الزعامات الأساسية في الشمال. وشارفت معظم اللوائح الانتخابية على الاكتمال، مع ترجيح الإعلان الرسمي عنها كحد أقصى مطلع الأسبوع المقبل.
وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن 6 لوائح أساسية ستتنافس على 8 مقاعد سنية، ومقعد ماروني، ومقعد روم أرثوذكس ومقعد علوي. وأبرز هذه اللوائح التي اكتملت تقريباً، تلك المحسوبة على رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي سعى لتضمينها شخصيات محسوبة عليه كالوزير السابق نقولا نحاس ومستشاره خلدون الشريف، بالإضافة إلى الوزير السابق جان عبيد.
وترفض مصادر ميقاتي الحديث عن أي شيء نهائي بخصوص التحالفات، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التوجه هو لتشكيل لوائح منفردة، لكن الاتصالات لا تزال مفتوحة كما النقاشات مع الوزير السابق فيصل كرامي، مضيفة: «المحسوم حتى الساعة من الأسماء إلى جانب اسم الرئيس ميقاتي، اسم الوزير جان عبيد». ويتم التداول بأسماء محمد الجسر، وميرفت الهوز، ورشيد المقدم، وعلي درويش لاكتمال هذه اللائحة.
أما اللائحة الثانية التي تخوض المنافسة شمالاً، فهي تلك التي يضع تيار «المستقبل» اللمسات الأخيرة عليها، والتي بات محسوماً أنّها ستضم النائب سمير الجسر والوزير والنائب محمد كبارة، إضافة إلى النائب كاظم الخير. ويتم التداول بإمكانية أن تضم أيضاً نجل النائب أحمد فتفت، وسامي فتفت، ورئيس المكتب السياسي للجماعة الإسلامية النائب السابق أسعد هرموش، وكذلك آنا الحسن، أرملة رئيس شعبة المعلومات بمديرية الأمن الداخلي اللبناني، وسام الحسن الذي تم اغتياله في عام 2012. وبحسب القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش، فإن التوجه لأن تكون اللائحة من المنتمين والمقربين من التيار، حصراً، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المفاوضات والنقاشات مستمرة مع «الجماعة الإسلامية» كما مع الوزير السابق محمد الصفدي. وأضاف: «الرئيس الحريري سيُعلن أسماء المرشحين كحد أقصى نهاية هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل». ويشير علوش إلى عين تياره على حصد 5 مقاعد من أصل 8.
وستتنافس لائحتا الحريري وميقاتي مع لائحة تسعى قوى 8 آذار إلى تشكيلها، وتضم بشكل أساسي الوزير السابق فيصل كرامي والنائب السابق جهاد الصمد، فيما ينكب الوزير السابق أشرف ريفي الذي يؤكد أنصاره أنه بات يُشكل «حالة» خاصة في طرابلس بعد ما نجح مرشحوه في اكتساح المجلس البلدي في الانتخابات البلدية في عام 2016، على إعداد لائحته الخاصة، لكنّه هذه المرة لن يخوض المعركة على لائحة واحدة مع مجموعات المجتمع المدني التي تتجه إلى تشكيل لائحة خاصة بها، تماماً كما «الإسلاميين» الذين يعدون لائحة من المرشحين المحسوبين عليهم.
ويعتبر محمد شمس الدين الباحث في «الدولية للمعلومات»، أن المعركة في دائرة طرابلس - المنية - الضنية، ستكون الأشد ضراوة بعد معركة دائرة الشمال الأولى التي تضم أقضية البترون - بشري - الكورة - زغرتا، لافتاً إلى منافسة قوية بين الزعامات السنية الأساسية التي ستتمكن كل منها من حصد مقعد لها، على أن تتركز المعركة بشكل أساسي على المقاعد المسيحية والمقعد العلوي. ويشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحريري لا يزال الأقوى في المنية، فيما كرامي الأقوى في الضنية، والأصوات في هذين القضاءين لا شك سيعزز وضع لائحيتهما ككل.
ويبلغ عدد الناخبين في دائرة الشمال الثانية 343 ألفاً، 285 ألفاً منهم من السنة، و21400 من الروم الأرثوذكس، و20700 علويين، و11600 ماروني، إضافة إلى 4000 من الأقليات المسيحية. وقد اقترع في عام 2009، نحو 50 في المائة من الناخبين، ما يجعل الحاصل الانتخابي في هذه الدائرة بين 15500 صوت و18000 صوت.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.