محافظ كركوك يشدد على بقاء الشرطة الاتحادية و«الحشد»

TT

محافظ كركوك يشدد على بقاء الشرطة الاتحادية و«الحشد»

قال محافظ كركوك راكان سعيد الجبوري إن «الأوضاع الأمنية بشكل عام مستقرة في المدينة»، برغم الأعمال الإرهابية التي تشهدها المحافظة. وأشار الجبوري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى قيام «بعض وسائل الإعلام الكردية بإثارة مخاوف المواطنين عبر الترويج لقضية الهجوم الوشيك التي تنوى عناصر (داعش) القيام به على كركوك». نافيا الأنباء التي تتحدث عن «انسحاب وشيك» لقطعات الشرطة الاتحادية والحشد الشعبي من المحافظة.
لكن الجبوري اعترف بوجود «مخاطر محتملة» ما زال يمثلها تنظيم داعش، ولفت إلى أن حادث مقتل 27 مقاتلا من «الحشد الشعبي» الأسبوع الماضي، يشير إلى أن «داعش» لم يقض عليه تماما، وأن يبدو قد اختفى في الحويجة، ما زال لديه ملاذات وخلايا نائمة تقوم بهجمات شبه يومية على القوات الأمنية، ومع عدم القضاء على تلك الملاذات، فإنه سيبقى مؤثرا في كركوك لأنه يعمل في مساحات واسعة وأرض وعرة من الصعب تغطيتها.
وبشأن زيارة الوفد الأممي، الذي ترأسته أليس وولبول، نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية والمساعدة الانتخابية في (يونامي)، إلى كركوك الأسبوع الماضي، أشار الجبوري إلى أنه «جاء للاطلاع على مجمل الأوضاع في كركوك، فهناك أمور كثيرة معلقة فيها، مثل قانون الانتخابات وموضوع التوافقات والإدارة المشتركة، الزيارة تأتي في إطار السعي الأممي إلى معالجة هذه المشاكل، وهي زيارة أولية استطلاعية تتضمن لقاءات منفردة مع ممثلي المكونات في كركوك وأي جهد تبذله المنظمة الأممية مرحب به».
وعن أهم المطالب التي تقدّمت بها إلى المسؤولة الأممية، قال الجبوري: «طالبت بتكثيف وجود ممثلين عن المنظمة الأممية في كركوك، إضافة إلى مطالبتي بالتزام الحياد في التقارير التي يكتبها مكتب حقوق الإنسان، كما تحدثت حول السجناء والمغيبين من سكان كركوك في إقليم كردستان».
وعن مجمل المطالب التي يتحدث عنها المكونان العربي والتركماني في كركوك، كشف الجبوري عن أنها تتعلق بـ«إعادة تصحيح سجل الناخبين الذي نعتقد بحدوث عمليات تلاعب كبيرة فيه تتعلق بالنسب السكانية في المحافظة، إضافة إلى المشاركة في السلطة، بمعنى توزيع المناصب في كركوك على مكوناتها الثلاثة، الأكراد، التركمان، العرب، بنسبة 32 في المائة لكل مكون، وبعد ذلك الذهاب إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة».
ويلفت الجبوري إلى أن المطالبات بتحديث سجل الناخبين تتعلق بالانتخابات المحلية التي لم تجر في كركوك منذ 2005. وليس بالانتخابات العامة لأن «الوقت لا يتسع لتصحيح الأمور قبل موعد الانتخابات العامة في مايو (أيار) المقبل ونحن نركّز على الانتخابات المحلية لأنها تمثل واقع المدينة الحقيقي».
وحول الاتهامات الكردية للسلطات التي تسيطر على المحافظة حاليا والمتعلقة بإجبار آلاف العوائل الكردية على النزوح إلى إقليم كردستان، بعد أن أعادت السلطات الاتحادية السيطرة على المدينة في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال المحافظ: «أهالي كركوك تأثروا بالأجواء العسكرية والسياسية المشحونة في أكتوبر الماضي. المواطنون الأكراد على وجه التحديد تأثروا كثيرا بذلك وخشوا من ردود فعل محتملة، ومع دخول القوات الاتحادية إلى كركوك، فضّل بعضهم الذهاب إلى إقليم كردستان، لكن الأمور تغيرت بعد ذلك عندما أقامت القوات الأمنية بإجراءات تثبيت الأمن والاستقرار، اليوم الأوضاع مستقرة في أحياء المدينة وعاد أغلب السكان الذين نزحوا إلى الإقليم».
وبشأن عمل حقول النفط في كركوك والعقد الذي أبرمته وزارة النفط مع شركة «بي بي» البريطانية ذكر الجبوري أن العقد هو «عقد استثمار لا إنتاج، ما حصل حتى الآن هو دراسة تقييمية لحقل داقوق النفطي وما إذا كان قابلا لزيادة الإنتاج أم لا». ولفت إلى أن تصدير النفط من حقول كركوك متوقف في الوقت الحالي باستثناء «عمليات تصدير داخلية، حيث يصدّر 30 ألف برميل إلى مصفى الصينية في محافظة صلاح الدين المحاذية لكركوك، كذلك هناك 150 ألف برميل ترسل مصطفى كركوك ونحو 40 ألف برميل إلى محطة القدس الحرارية، وهناك أيضا كميات تذهب إلى مصفى الدورة في بغداد». ونفى الجبوري بدء عملية تصدير النفط من حقول كركوك إلى إيران، برغم وجود عقد لتصدير النفط إلى مصفى كرمنشاه الإيرانية.



تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
TT

تطلّع يمني لإنهاء الانقسام المصرفي ومخاوف من تعنت الحوثيين

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)
مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

بعيداً عن تعثر مسار التسوية في اليمن بسبب هجمات الحوثيين البحرية، أشاع الإعلان الأممي اتفاقاً بين الحكومة والحوثيين حول المصارف والطيران أجواءً من الأمل لدى قطاع عريض من اليمنيين، مثلما زرع حالة من الإحباط لدى مناهضي الجماعة المدعومة من إيران.

ومع إعلان غروندبرغ اتفاق خفض التصعيد بين الحكومة والحوثيين بشأن التعامل مع البنوك التجارية وشركة «الخطوط الجوية اليمنية»، فإن المبعوث لم يحدد موعداً لبدء هذه المحادثات ولا مكان انعقادها، واكتفى بالقول إن الطرفين اتفقا على البدء في عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خريطة الطريق.

غروندبرغ يسعى إلى تحقيق أي اختراق في مسار السلام اليمني بعد إعاقة الحوثيين خريطة الطريق (الأمم المتحدة)

بدت آراء يمنيين في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي متباينة في كل مضامين اتفاق التهدئة، باستثناء تمنياتهم بنجاح محادثات الملف الاقتصادي لأن من شأنها أن تعالج وفق تقديرهم جذور الأزمة الاقتصادية والانقسام المالي وانقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ ثمانية أعوام.

في المقابل، ناقضت تقارير يمنية نفسها، مثل ما ورد في تقرير لمركز صنعاء للدراسات كتبه نيد والي، ففي حين حاول توجيه السبب الأساسي للاتفاق نحو ضغوطات من دول في التحالف على الحكومة لصالح الحوثيين، عاد واقتبس من المبعوث الأممي قوله في رسالة لمجلس القيادة: «الانقسام الاقتصادي والمالي الذي تشهده البلاد ستترتب عليه تبعات خطيرة وربما مدمرة، وعزل البنوك وشركات الصرافة عن النظام المالي العالمي سيؤثر سلباً على الأعمال التجارية وعلى تدفق التحويلات المالية».

وكتب الباحث في التقرير نفسه: «عانى الاقتصاد اليمني من الشلل نتيجة عقد من الصراع، وأي ضغوط إضافية لن تجلب سوى أوضاع إنسانية وخيمة، ليس أقلها تعطيل القدرة على تقديم المساعدات. يتم تداول عملتين في الأسواق المالية اليمنية بسعري صرف متباينين، ورغم أن الانقسام الدائم في النظام المصرفي ومؤسسات الدولة قد يصبح أمراً لا مفر منه في نهاية المطاف، لا ينبغي التشكيك بأن تداعيات ذلك على الاقتصاد ستكون وخيمة وأليمة بصورة استثنائية».

وقالت مصادر غربية لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية دعمت خريطة الطريق ومشروع إنهاء الأزمة اليمنية، والخلافات والعراقيل ليست طريقة للوصول إلى السلام في كل الأحوال».

ومن خلال تعليقات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عبر استمزاج يمنيين في قطاعات تجارية وتربوية، تتجنب المعلمة نجاة التي اكتفت بذكر اسمها الأول الخوض في الجدال المتواصل بين المؤيدين والمعارضين لاتفاق التهدئة وتعتقد أن الذهاب للمحادثات الاقتصادية بنيات صادقة ونجاحها هو البشرى الحقيقية لمئات الآلاف من الموظفين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون الذين حرموا من رواتبهم منذ نهاية العام 2016، ولكل سكان البلاد الذين يدفعون ثمن الانقسام المالي والمواجهة الاقتصادية.

وتتمنى المعلمة على ممثلي الجانبين الحكومي والحوثيين استشعار المعاناة الكبيرة للملايين من اليمنيين الذين يقاسون نتيجة الظروف الاقتصادية وتوقف المرتبات ووجود عملتين محليتين، والحرص على التوافق والخروج باتفاق على استئناف تصدير النفط والغاز ووضع آلية مرضية لصرف المرتبات، وإنهاء الانقسام المالي لأن ذلك في تقديرها سيكون المنفذ الحقيقي للسلام.

الرواتب وتوحيد العملة

يقول الموظف الحكومي رضوان عبد الله إن الأهم لديه، ومعه كثيرون، هو صرف الرواتب وإنهاء انقسام العملة، لأنهم فقدوا مصدر دخلهم الوحيد ويعيشون على المساعدات والتي توقفت منذ ستة أشهر وأصبحوا يواجهون المجاعة وغير قادرين على إلحاق بناتهم وأبنائهم في المدارس لأنهم لا يمتلكون الرسوم التي فرضها الحوثيون ولا قيمة الكتب الدراسية ومستلزمات المدارس ولا المصروف اليومي.

تعنّت الحوثيين أفشل جولات متعددة من أجل السلام في اليمن (إعلام محلي)

ويؤيده في ذلك الموظف المتقاعد عبد الحميد أحمد، إذ يقول إن الناس تريد السلام ولم يعد أحد يريد الحرب وإن السكان في مناطق سيطرة الحوثيين يواجهون مجاعة فعلية. ويزيد بالقول إن صرف المرتبات وتوحيد العملة أهم من أي اتفاق سياسي ويطلب من الحكومة والحوثيين ترحيل خلافاتهم السياسية إلى ما بعد الاتفاق الاقتصادي.

ولا يختلف الأمر لدى السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية والذين يعبر أغلبيتهم عن سخطهم من الموافقة على إلغاء الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي في حق البنوك التجارية في مناطق سيطرة الحوثيين، إذ يرى عادل محمد أن إنهاء انقسام العملة واستئناف تصدير النفط سيؤدي إلى وقف تراجع سعر الريال مقابل الدولار الأميركي وسيوقف الارتفاع الكبير في أسعار السلع لأن ذلك أضر بالكثير من السكان لأن المرتبات بسبب التضخم لم تعد تكفي لشيء.

ويتفق مع هذه الرؤية الموظف في القطاع التجاري سامي محمود ويقول إن توحيد العملة واستئناف تصدير النفط سيكون له مردود إيجابي على الناس وموازنة الدولة، لأنه سيحد من انهيار الريال اليمني (حالياً الدولار بنحو 1990 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة) كما أن الموظفين والعمال الذين تعيش أسرهم في مناطق سيطرة الحوثيين سيكونون قادرين على إرسال مساعدات شهرية، لكن في ظل الانقسام وفرض الحوثيين سعراً مختلفاً فإن ما يرسلونه يساوي نصف رواتبهم.

مصلحة مشتركة

يرى الصحافي رشيد الحداد المقيم في مناطق سيطرة الحوثيين أن التوصل إلى اتفاق في هذا الملف فيه مصلحة مشتركة وإعادة تصدير النفط والغاز سيسهم في عودة أحد مصادر الدخل الوطني من العملات الصعبة، كما أن استئناف صرف مرتبات الموظفين سوف يسهم في الحد من معاناة مئات الآلاف من الموظفين.

ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين تتهددهم المجاعة (الأمم المتحدة)

ويشدد الحداد على ضرورة أن يتوجه ممثلو الجانبين إلى هذه المحادثات بصدق ومسؤولية لمفاوضات تحسم هذا الملف، ورأى أن أي اختراق يحدث في هذا الجانب سيعزز بناء الثقة وسيقود نحو تفاهمات أخرى، و سيكون له انعكاسات إيجابية على حياة كل اليمنيين.

لكن الجانب الحكومي لا يظهر الكثير من التفاؤل ويعتقد اثنان من المسؤولين سألتهم «الشرق الأوسط» أن الحوثيين غير جادين ويريدون تحقيق مكاسب اقتصادية فقط من خلال هذه الجولة، لأنهم يريدون الحصول على رواتب الموظفين في مناطق سيطرتهم لامتصاص النقمة الشعبية الواسعة، ويرغبون في الحصول على حصة من عائدات تصدير النفط، دون أن يكون هناك مقابل أو تقديم تنازلات فعليه تخدم مسار السلام، فيما يتعلق بتوحيد العملة والبنك المركزي.

ووفق ما أكده المسؤولان فإن الجانب الحكومي الذي قدم الكثير من التنازلات من أجل السكان في مناطق سيطرة الحوثيين بحكم مسؤوليته عن الجميع، سيشارك بإيجابية في المحادثات الاقتصادية وسيكون حريصاً على إنجاحها والتوصل إلى اتفاقات بشأنها استناداً إلى مضامين خريطة طريق السلام التي كانت حصيلة جهود وساطة قادتها السعودية وعُمان طوال العام الماضي وحتى الآن.