غضب فلسطيني لاختيار ذكرى النكبة موعداً لنقل السفارة... وإسرائيل تحتفل

عريقات لـ {الشرق الأوسط} : الخطوة مخالفة للقانون والشرعية الدولية... وواشنطن أصبحت جزءاً من المشكلة

جانب من الاحتجاجات التي عرفها قطاع غزة أمس احتجاجا على القرار الأميركي (غيتي)
جانب من الاحتجاجات التي عرفها قطاع غزة أمس احتجاجا على القرار الأميركي (غيتي)
TT

غضب فلسطيني لاختيار ذكرى النكبة موعداً لنقل السفارة... وإسرائيل تحتفل

جانب من الاحتجاجات التي عرفها قطاع غزة أمس احتجاجا على القرار الأميركي (غيتي)
جانب من الاحتجاجات التي عرفها قطاع غزة أمس احتجاجا على القرار الأميركي (غيتي)

رفض الفلسطينيون بشدة الإعلان الأميركي حول نقل السفارة الأميركية إلى القدس في مايو (أيار) القادم، وعدوا الخطوة «إعلان حرب»، ودليلاً على أن واشنطن تحولت إلى جزء من المشكلة في الصراع الحالي، فيما رحبت إسرائيل بالخطوة التي وصفتها بـ«العظيمة».
واستفز التوقيت الذي اختارته واشنطن، والذي يأتي متزامنا مع ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، القيادة الفلسطينية والفصائل إلى حد كبير للغاية، إذ قال صائب عريقات، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ«الشرق الأوسط» إن «الخطوة الأميركية، إضافة إلى كونها مخالفة للقانون والشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة، فإنها مستفزة للغاية. واختيار هذا الوقت، ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني المستمرة، هو استفزاز كبير لمشاعر جميع العرب والمسلمين، وليس الفلسطينيين وحدهم».
وأكد عريقات أن القرار الأميركي، الذي جاء بعد خطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأيام قليلة، يؤكد صواب الموقف الفلسطيني باستبعاد واشنطن كراعٍ للعملية السياسية، وقال بهذا الخصوص: «إنها (أميركا) تتحول بشكل فعلي إلى جزء من المشكلة هنا... وإذا ما طبقت قرارها فعلا فإنها تستبعد نفسها كي تكون حتى جزءا من الحل».
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، أول من أمس، أنها ستفتح سفارتها لدى إسرائيل في القدس في مايو المقبل، وهو وقت يحتفل فيه الإسرائيليون بذكرى قيام الدولة، لكن بالنسبة للفلسطينيين هو موعد أليم لذكرى النكبة والتشريد والتهجير.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت: «نحن متحمسون لاتخاذ هذه الخطوة التاريخية، ونتطلع بشغف للافتتاح في مايو... والسفارة في القدس ستتوسع تدريجيا في المنشآت الحالية للقنصلية الأميركية في حي أرنونا، فيما بدأ البحث بالفعل عن موقع دائم ضمن عملية أطول أمدا»، مبرزة أن «العمليات القنصلية، بما في ذلك خدمات المواطنين الأميركيين وخدمات التأشيرات في مرفق أرنونا، ستستمر دون انقطاع كجزء من السفارة».
وبحسب خطط أميركية، فإن السفير الأميركي ديفيد فريدمان سيظل مقيما في «هرتسيليا» إلى الشمال من «تل أبيب» لأسباب أمنية، ويتوجه للسفارة الجديدة في أوقات العمل فقط.
وجاء القرار الأميركي بعد أيام من إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطة سلام، تقوم على عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام الحالي، ينتج عنه تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف، تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم، حسب اتفاق أوسلو، بما في ذلك القدس.
واقترح عباس خلال فترة المفاوضات، توقف جميع الأطراف عن اتخاذ الأعمال الأحادية الجانب، وكذلك تجميد القرار الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقف نقل السفارة الأميركية للقدس. وقد بدأت القيادة الفلسطينية بالضغط على دول مؤثرة من أجل عقد اجتماع للرباعية الدولية، بحيث تكون واشنطن جزءا من الآلية الدولية. لكن إصرار واشنطن على نقل سفارتها قد يجعل القبول بها جزءا من العملية مسألة صعبة بالنسبة لرام الله.
وأوضح الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية أن أي خطوة أحادية الجانب «لا تساهم في تحقيق السلام، ولا تعطي شرعية لأحد. وأي خطوات لا تنسجم مع الشرعية الدولية، ستعرقل أي جهد لتحقيق أي تسوية في المنطقة، وستخلق مناخات سلبية وضارة».
وإضافة إلى الغضب من الخطوة الأميركية، ركز الفلسطينيون على اختيار التوقيت، حيث وصف يوسف المحمود، المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفلسطينية، اختيار «ذكرى النكبة المشؤومة»، لنقل السفارة الأميركية إلى القدس بأنه يشكل «مساسا بهوية شعبنا العربي الفلسطيني ووجوده، كما يشكل مساسا مباشرا ومتعمدا بمشاعر أبناء شعبنا وأمتنا العربية».
وأضاف المتحدث الرسمي أن «ما يفعله ترمب هو قيامه بمنح مدينتنا العربية المقدسة عاصمة دولة فلسطين لآخرين في خطوة لم تحدث في التاريخ، إلا عبر عنجهية الاحتلال والاستعمار». كما أصدرت الخارجية الفلسطينية بيانا، عدت فيه الإعلان الأميركي «إعلانا استفزازيا، وانتهاكا صارخا، وخرقا جسيما للقانون الدولي والشرعية الدولية وقراراتها، وإجراء متمردا على أسس ومرتكزات ومواثيق المنظومة الدولية».
ورأت الوزارة أن هذا القرار عدوان مباشر على الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية العادلة والمشروعة، وفي الوقت ذاته مكافأة للاحتلال على انتهاكاته وجرائمه، خاصة أنه يتزامن مع ذكرى النكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني، الأمر الذي يشكل غطاء لممارسات الاحتلال العدوانية، وتشجيعا له على الاستمرار في تدمير أي فرصة لتحقيق السلام على أساس حل الدولتين. وبذلك تفقد الإدارة الأميركية أي مصداقية للحديث عن الجهود لإحلال السلام واستئناف المفاوضات، حسب تعبير الوزارة.
ولم تقتصر الإدانات والغضب الفلسطيني على الحكومة والجهات الرسمية، حيث حذرت حركة حماس من أن خطوة نقل السفارة «ستفجر المنطقة في وجه الاحتلال الإسرائيلي». أما حركة الجهاد الإسلامي فوصفت القرار بأنه «باطل وغير شرعي، وإمعان في العدوان على الشعب الفلسطيني والعرب والمسلمين»، فيما قال حزب الشعب إنه قرار «استفزازي ووقح». كما أدانت الجبهتان الديمقراطية والشعبية، وجبهة النضال، القرار وعدوه إعلان حرب تجب مجابهته.
ويخالف قرار ترمب الإجماع الدولي الذي لم يعترف باحتلال إسرائيل للقدس الشرقية وضمها، ويرى أنها جزء من قضايا الحل النهائي. لكن في إسرائيل أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإعلان نقل السفارة في مايو المقبل بقوله إنه «يوم عظيم لشعب إسرائيل»، شاكراً ترمب على زعامته وصداقته.
وقال بيان أصدرته السفارة الإسرائيلية في واشنطن إن «قرار الرئيس ترمب بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس في ذكرى يوم الاستقلال القادمة سيحول الذكرى السبعين لهذا اليوم إلى احتفال أكبر».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.