أنقرة متمسكة بـ«تطهير» منبج... وتتهم واشنطن بـ«الكذب» حول عفرين

نفت أنقرة سقوط ضحايا مدنيين في إطار عملية «غصن الزيتون» العسكرية المستمرة للشهر الثاني على التوالي في عفرين بمشاركة الجيش التركي وفصائل من الجيش السوري الحر. كما أعلنت بدء عودة الأهالي إلى المناطق التي تمت السيطرة عليها في محيط المدينة من «وحدات حماية الشعب» الكردية، مشددة في الوقت نفسه على أنها «ستطهر» منبج.
ونفى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المزاعم بشأن استهداف الجيش التركي للمدنيين في عفرين. وقال، في خطاب أمام أنصار حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في ولاية كهرمان ماراش جنوب البلاد أمس، إن البعض يقول إن الجيش التركي يطلق النار على المدنيين، وأقول لهؤلاء من عديمي الضمير والأخلاق «إن استهداف المدنيين ليس من قيمنا بل من قيمكم».
وأضاف أن تركيا تقع على عاتقها مسؤولية حماية حدودها مع سوريا الممتدة إلى مسافة 911 كيلومتراً، وأنها ستواصل ذلك، ولا يمكن لأحد أن يوجه إلينا سؤالاً: «لماذا تحمون هذه الحدود؟». وتساءل عن سبب قدوم الدول الغربية إلى المنطقة، قائلاً: «ما سبب قدومك إلى هنا وأنتم تقطعون عشرات الآلاف من الكيلومترات، نحن يقع على عاتقنا مسؤولية حماية حدودنا مع سوريا وسنواصل ذلك».
وأكد إردوغان أن تركيا ستواصل «محاسبة الإرهابيين الذين يهاجمونها»، قائلاً: «ينبغي على الجميع ألا ينسوا أن جيشنا ليس جيش جبناء، وبلدنا ليس بلد جبناء». وانتقد إردوغان بشدة تصريحات الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، أدريان رانكين غالاوي، الذي أشار إلى سقوط ضحايا مدنيين في عفرين، مستنكراً نقل المتحدث «أخباراً كاذبة وخاطئة»، وانزعاجه من عملية غصن الزيتون التي تجري ضد «الإرهابيين»، بينما لم يبدِ أي انزعاج حيال مقتل مئات المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ يومياً في الغوطة الشرقية.
في السياق ذاته، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» الجارية في مدينة عفرين بريف محافظة حلب السورية، تتقدم بحذر شديد من أجل عدم إلحاق الضرر بالمدنيين والأبرياء.
وقال يلدريم، في كلمة خلال المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية في ولاية ملاطيا (شرق): «طهّرنا جزءاً مهماً من المناطق الحدودية من التنظيمات الإرهابية، ويتحرّك جنودنا بحذر شديد للغاية من أجل الحيلولة دون تضرر أي مدني، عملية غصن الزيتون تستمر بنجاح وفق الخطة المرسومة مسبقاً، والقوات المشاركة فيها تواصل تحرير القرى والبلدات، وتفتح المجال لسكان تلك المناطق للعودة إلى منازلهم وأراضيهم».
وأعلن الجيش التركي بدء عودة السكان إلى المناطق المأهولة التي تم تطهيرها في عفرين ضمن عملية «غصن الزيتون»، مشدداً على أن العملية تستهدف فقط «الإرهابيين» وتحصيناتهم وملاجئهم ومواقعهم وآلياتهم وأسلحتهم ومعداتهم، بما يتوافق مع تاريخ وثقافة تركيا العريقة.
وأكدت رئاسة هيئة أركان الجيش التركي، في بيان مساء أول من أمس، أن القوات المسلحة المشاركة في العملية العسكرية تتوخى بالغ الحيطة والحذر من أجل الحيلولة دون تضرر المدنيين الأبرياء والبيئة، وأن من أهداف العملية إنقاذ أهالي المنطقة الأصدقاء والأشقاء من «ضغوط وظلم الإرهابيين»، وضمان عودتهم إلى منازلهم انطلاقاً من حقيقة أن «عفرين لأهلها».
ولفت البيان إلى أن قوات «غصن الزيتون» تقدم جميع المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها سكان المناطق المأهولة التي تم تطهيرها، وأن هؤلاء السكان يرحبون بالعملية ويُظهرون محبتهم للقوات المسلحة التركية.
وأشار إلى أن هناك محاولات لتضليل الرأي العام المحلي والعالمي بشأن عملية «غصن الزيتون» من خلال نشر معلومات وصور وفيديوهات وأخبار كاذبة ومضللة عن القوات التركية.
وذكر البيان أن مسلحي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية و«داعش»، يرتدون ملابس مدنيّة خلال التدريبات والعمليات الإرهابية، وأن التسجيلات والمعلومات المتوفرة في المنطقة تؤكّد ذلك، وأنه لا يمكن إطلاق صفة «مدني» على الإرهابيين الذين يتم تحييدهم خلال استخدامهم ملاجئ التنظيم وإطلاقهم النار منها على الجنود الأتراك.
وأكد البيان أن «غصن الزيتون» لا تهدف فقط إلى تحييد عناصر «العمال الكردستاني» و«الوحدات الكردية» فحسب وإنما تهدف في نفس الوقت إلى تحييد عناصر «داعش»، بكل حزم وإصرار.
من جانبه، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إصرار بلاده على تطهير مدينة منبج وإخراج عناصر «وحدات حماية الشعب» منها وطردهم إلى شرقي نهر الفرات.
وقال جاويش أوغلو في تصريحات في ولاية أنطاليا (جنوب)، إن تركيا تقوم بمكافحة فعالة للإرهابيين، وستستمر في هذا الكفاح إلى أن يتم إبعاد خطر التنظيمات الإرهابية عن حدود البلاد.
وأضاف: «أياً كانت الجهة التي تحارب الإرهاب فإن ذلك ليس مشكلة بالنسبة إلينا، غير أن الذين يحمون الإرهابيين، سواء كانوا أشخاصاً أو دولاً أو مجتمعات، ويقدمون الدعم لهم، فهؤلاء متساوون مع (العمال الكردستاني) و(الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري)»، (في إشارة إلى الدعم الأميركي للميليشيات الكردية في شمال سوريا).
إلى ذلك، أعلن الجيش التركي تدمير 782 هدفاً للتنظيمات الإرهابية، في غارات شنتها مقاتلاته منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» في عفرين في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، كما تم تحييد 1931 مسلحاً منذ انطلاق العملية، بينما قُتل 32 جندياً تركياً.
وسيطر الجيشان التركي والسوري الحر، أمس، على قريتي «حجلار» و«أبو كعب» في ناحية جنديرس جنوب غربي عفرين ليرتفع عدد المواقع التي تمت السيطرة عليها منذ انطلاق العملية إلى 103، بينها مركز ناحية، و75 قرية، و6 مزارع، و20 جبلاً وتلة استراتيجية، وقاعدة عسكرية.
وبشأن نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، أشار الجيش التركي، في بيان أمس، إلى استمرار أعمال مراقبة المنطقة، التي جرى تأسيسها في إطار محادثات أستانة، من أجل وقف إطلاق النار في سوريا، ومراقبة تطبيقه وضمان استمراره، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، وتوفير الظروف الملائمة لعودة النازحين.
وأنشأت القوات المسلحة التركية منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حتى الآن، 6 نقاط مراقبة من أصل 12 نقطة في محافظة إدلب السورية تنفيذاً لاتفاق أعلنته الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة (تركيا وروسيا وإيران) في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي.
على صعيد آخر، أصدرت محكمة تركية 53 حكماً بالسجن المؤبد على متهم في تفجير الريحاينة الذي وقع في 2013 قرب الحدود مع سوريا، وأسفر عن مقتل 53 شخصاً.
ولم تحدد القضية مسألة ما إذا كان ناصر أشكي أوجاك، المشتبه به الرئيسي الذي اعتقلته القوات التركية بعد شهر من التفجير في أثناء محاولته الفرار إلى سوريا، يعمل لصالح أي منظمة.