نهائي كأس الرابطة قد يكون بداية غوارديولا للهيمنة على الكرة الإنجليزية

لو تمكن نادي مانشستر سيتي من تحقيق الفوز على آرسنال في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة اليوم، فقد تكون هذه هي البداية الحقيقية لأن يكون مانشستر سيتي أحد أكثر الفرق تحقيقاً للنجاح وحصداً للبطولات في موسم واحد في تاريخ كرة القدم الإنجليزية. وقد تحولت مسابقة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة من كونها أقل البطولات الكبرى أهمية في كرة القدم الإنجليزية لكي تصبح فجأة بطولة لا تقدر بثمن، نظرا لما تمثله لنادي مانشستر سيتي ومديره الفني جوسيب غوارديولا، الذي يرغب في تحقيق الثلاثية: كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة والدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا.
وفي عام 1999، تمكن نادي مانشستر يونايتد بقيادة مديره الفني الأسطوري السير أليكس فيرغسون من الفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الإنجليزي، وهو ما يجعل هذه التشكيلة، بقيادة روي كين وديفيد بيكهام، من بين أكثر الفرق تحقيقا للنجاح والبطولات في موسم واحد في تاريخ كرة القدم الإنجليزية. وما زالت الفرصة كبيرة أمام مانشستر سيتي لتحقيق إنجاز مماثل ولأن يكون ثالث فريق في تاريخ كرة القدم الإنجليزية يحصل على الثلاثية، ويحاكي الإنجاز الذي حققه ليفربول في موسم 1983 - 1984 عندما حصل على دوري أبطال أوروبا والدوري الإنجليزي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة.
ومن أجل تحقيق هذا الإنجاز، يتعين على مانشستر سيتي أولاً أن يفوز على آرسنال في المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة. وفي الدوري الإنجليزي الممتاز، يغرد أبناء غوارديولا في الصدارة بفارق 16 نقطة عن أقرب منافسيه مانشستر يونايتد، وهو ما يعني أن مانشستر سيتي قد ضمن بشكل شبه مؤكد الحصول على اللقب. وفي دوري أبطال أوروبا، اكتسح مانشستر سيتي نادي بازل السويسري بأربعة أهداف نظيفة في مباراة الذهاب لدوري الستة عشر، وهو ما يعني أن الفريق قد وضع قدما في دور الثمانية للبطولة الأقوى في القارة العجوز، وبدءاً من هذه المرحلة سوف تتمنى باقي الفرق تجنب مواجهة مانشستر سيتي الذي يعد المرشح الأقوى للحصول على اللقب.
في الحقيقة، سوف يكون الحصول على هذه الثلاثية مهما للغاية بالنسبة لما يسعى غوارديولا ومانشستر سيتي لتحقيقه خلال السنوات المقبلة، علاوة على أنه سيخرس الألسنة التي تقول إن غوارديولا قد صنع اسمه الكبير في عالم التدريب بفضل التألق اللافت للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي مع برشلونة، وأن تجربته الثانية كانت مع بايرن ميونيخ الذي يهيمن بالفعل على كرة القدم الألمانية، سواء مع غوارديولا أو مع أي مدير فني آخر!
وسوف يواجه منافسو مانشستر سيتي حقيقة أخرى واضحة للغاية، وهي أن المدير الفني الإسباني البالغ من العمر 46 عاما قد يكون على وشك بناء فريق عملاق يهيمن على كرة القدم الإنجليزية بشكل لم نره منذ فريق مانشستر يونايتد بقيادة السير أليكس فيرغسون. ويشدد غوارديولا قبضته على كرة القدم الإنجليزية، سواء داخل الملعب أو خارجه، بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ اعتزال فيرغسون عالم التدريب في مايو (أيار) 2013، وقد طالب غوارديولا أكثر من مرة بحماية لاعبيه من التدخلات العنيفة، بشكل يذكرنا أيضا بما كان يطالب به فيرغسون، وهو المطلب الذي لا ينادي به أي مدير فني إلا عندما يكون في موقف قوة يسمح له بذلك. وبعد 18 شهراً فإن هيمنة غوارديولا على المشهد الكروي في إنجلترا جعلته أكثر قوة وشجاعة ورفعت قيمته كمدير فني كبير، ربما بالطريقة نفسها التي كانت تحدث مع فيرغسون أيضا.
صحيح أن مانشستر سيتي يغرد منفردا في صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز ويقدم أداء رائعا في البطولات الأخرى، لكن ذلك لم يمنع غوارديولا من العمل على محاولة ألا يتعثر فريقه بسبب الإصابات التي قد تحرمه من أحد نجومه، وطالب الحكام باستخدام البطاقات من أجل حماية لاعبيه من العنف، بالطريقة نفسها التي كان يحاول بها فيرغسون أن يجعل نفسه عاملا مؤثرا في قرارات الحكام. وقد تعرض غوارديولا لانتقادات شديدة بعد ترتيب مسؤولي مانشستر سيتي لعقد اجتماع مع لجنة الحكام لبحث هذا الأمر.
وكما كان لاعبو مانشستر يونايتد يرددون رسالة مديرهم الفني أليكس فيرغسون فيما يتعلق بالتدخلات العنيفة، نرى الآن لاعبي مانشستر سيتي وهم يتحدثون بالطريقة نفسها، إذ يزعم رحيم ستيرلينغ أن زملاءه بالفريق «يُذبحون»، في الوقت الذي يقول فيه بيرناردو سيلفا إنهم «مستهدفون». وبعد 12 شهرا من محاولة تطبيق فلسفته المعروفة، تمكن غوارديولا من تحويل مانشستر سيتي إلى «قوة مهيمنة» خلال الموسم الحالي، ولا يُعتقد بأن الأمر سيقتصر على هذا الموسم فقط، لكنه سيمتد إلى السنوات القادمة، خاصة أنه من المحتمل أن يستمر غوارديولا مع مانشستر سيتي لخمس سنوات على الأقل، رغم أن مصدر مقرب من المدير الفني الإسباني كان قد صرح لـ«الغارديان» بعد بضعة أشهر من تولي غوارديولا قيادة الفريق في صيف عام 2016 بأنه «لا توجد أي طريقة» لتمديد العقد الذي يستمر لمدة ثلاث سنوات.
وقد يكون السبب وراء ذلك هو المجهود الكبير الذي يبذله غوارديولا وتفانيه في العمل وتكريسه لكل وقته للنادي الذي يتولى تدريبه. لكن في المقابل، صرح المدير التنفيذي لمانشستر سيتي بأنه مقتنع بأن غوارديولا قد يبقى في منصبه لمدة 10 سنوات وربما أكثر، رغم أنه يبدو متفائلا أكثر من اللازم. وفي الواقع، قد يوقع غوارديولا عقدا جديدا بنهاية الموسم الجاري لمدة خمس سنوات، على الأقل. وقد لبى مسؤولو مانشستر سيتي جميع طلبات غوارديولا وهيئوا جميع الظروف المناسبة له، ولذا فهم يحصدون الآن ثمار ما زرعوه، بعدما فشل غوارديولا في تحقيق النتائج المتوقعة مع الفريق الموسم الماضي.
وتعد المباراة النهائية لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة اليوم أمام آرسنال بمثابة فرصة ثمينة أمام غوارديولا للصعود لمنصات التتويج مع مانشستر سيتي. ويجب أن نشير إلى أنه منذ اعتزال السير أليكس فيرغسون لم ينجح أي مدير فني في الحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز أكثر من مرة واحدة، حيث قاد مانويل بيليغريني وجوزيه مورينيو وكلاوديو رانييري وأنطونيو كونتي أندية مانشستر سيتي وتشيلسي وليستر سيتي وتشيلسي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بالترتيب. وقد فاز ثلاثة مديرين فنيين بأكثر من لقب - مورينيو (أربعة)، بيليغريني (ثلاثة)، أرسين فينغر (ثلاثة) - كما فاز مديران فنيان ببطولتين في موسم واحد، وهما مورينيو (مرتين)، وبيليغريني (مرة واحدة).
ولو نجح غوارديولا في التفوق على فينغر وحصد لقب كأس رابطة الإنجليزية المحترفة، فإنه سينضم إلى مورينيو وبيليغريني في قائمة المديرين الفنيين الذين حققوا أكثر من بطولة في موسم واحد، نظرا لأن لقب الدوري الإنجليزي الممتاز قد حسم بالفعل لصالح مانشستر سيتي. وقد يكون الفوز بدوري أبطال أوروبا أصعب كثيرا، لكن في ظل الكوكبة الهائلة من النجوم التي يضمها مانشستر سيتي والخبرات الهائلة التي يمتلكها غوارديولا بعد الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا مرتين من قبل مع برشلونة الإسباني تجعل مانشستر سيتي هو الأوفر حظاً للحصول على اللقب هذا العام.
لكن هزيمة الفريق المفاجئة أمام ويغان أتلتيك الاثنين الماضي وخروجه من كأس الاتحاد الإنجليزي قد أنهت حلم مانشستر سيتي بتحقيق إنجاز تاريخي والحصول على 4 بطولات في موسم واحد، ومن المؤكد أن هذا الخروج قد تسبب في قدر كبير من الإحباط لمدير فني يسعى للكمال مثل غوارديولا.