مفاوضات شاقة لتذليل خلافات مجلس الأمن حول هدنة الغوطة

موسكو طالبت بإزالة الجدول الزمني واستثناء «داعش» و«النصرة» من وقف النار

بعد غارة على دوما في غوطة دمشق امس (أ.ف.ب)
بعد غارة على دوما في غوطة دمشق امس (أ.ف.ب)
TT

مفاوضات شاقة لتذليل خلافات مجلس الأمن حول هدنة الغوطة

بعد غارة على دوما في غوطة دمشق امس (أ.ف.ب)
بعد غارة على دوما في غوطة دمشق امس (أ.ف.ب)

سعت الدبلوماسية المضنية التي بذلتها الكويت والسويد خلال اليومين الماضيين لتذليل غالبية العقبات من أمام تصويت مجلس الأمن على مشروع قرار يطالب بـ«وقف الأعمال العدائية فوراً» في كل أنحاء سوريا لمدة لا تقل عن 30 يوماً من أجل السماح بإيصال المساعدات الإنسانية إلى ملايين المحتاجين إليها في كل أنحاء البلاد، وخصوصاً إلى المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول إليها، وفي مقدمتها الغوطة الشرقية.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الصلة بالمفاوضات المعقدة والعصيبة خلف أبواب موصدة، فإن التقارب حصل بعدما أبدت الدولتان اللتان أعدتا مشروع القرار، الكويت والسويد، انفتاحاً نسبياً على تعديلات عميقة طلبتها روسيا، وتتعلق خصوصاً بإزالة الجدول الزمني المحددة بـ72 ساعة للبدء بتنفيذ القرار من الفقرة الأولى، فضلاً عن استثناء تنظيمي «داعش» و«هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) الإرهابيين، ومن يرتبط بهما من أفراد وجماعات وكيانات وهيئات. وكذلك استجاب المفاوضون الكويتيون والسويديون لـ«تحفظ» أميركي يتعلق بربط الوضع الإنساني في الرقة بـ«العمليات العسكرية» التي ينفذها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. وتخلل ذلك أيضاً إجماع الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن على اتخاذ موقف واحد داعم للقرار الكويتي - السويدي.
وأتاحت هذه التنازلات المتبادلة والتوافقات الجانبية الوصول إلى «نتائج مشجعة» بحسب ما قال دبلوماسيون لـ«الشرق الأوسط». وبقيت الكلمة النهائية للعاصمتين الأميركية والروسية بعدما استنفدت كل السبل الدبلوماسية على مستوى المندوبين الدائمين في مجلس الأمن. ويطالب القرار الذي أعطي الرقم 2401 «كل الأطراف بوقف الأعمال العدائية فوراً لفترة مبدئية تصل إلى 30 يوما متوالية في جميع أنحاء سوريا، للسماح بتقديم المساعدات الإنسانية والخدمات والإجلاء الطبي للحالات الحرجة من المرضى والجرحى، وفقاً للقانون الدولي المرعي». ويؤكد أن «وقف الأعمال العدائية لا ينطبق على العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، والقاعدة، وجبهة النصرة، وجميع الأفراد والجماعات والهيئات والكيانات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة أو تنظيم داعش، والجماعات الإرهابية الأخرى، على النحو الذي يصنفه مجلس الأمن». ويناشد كل الأطراف أن «تحترم التزاماتها وتفي باتفاقات وقف النار القائمة، بما في ذلك التنفيذ الكامل للقرار 2268، ويطالب كل الدول الأعضاء بأن «تستخدم نفوذها لدى الطرفين لضمان تنفيذ وقف الأعمال القتالية، والوفاء بالالتزامات القائمة ودعم الجهود الرامية إلى تهيئة الظروف الكفيلة بتحقيق وقف دائم لإطلاق النار، ويشدد على الحاجة إلى ضمانات ذات صلة من تلك الدول الأعضاء». ويحض كل الدول الأعضاء المعنية على أن «تنسق الجهود الرامية إلى رصد وقف الأعمال القتالية، استنادا إلى الترتيبات القائمة». ويطالب كذلك بأن «تسمح كل الأطراف، فور بدء وقف الأعمال القتالية، بالوصول الآمن والمستدام من دون عوائق أسبوعياً لقوافل الأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين الإنسانيين، بما في ذلك الإمدادات الطبية والجراحية، إلى كل المناطق والمجموعات السكانية المحتاجة وفقاً لتقييم الأمم المتحدة في كل أنحاء سوريا، وخصوصاً إلى أولئك الذين يبلغ عددهم 5.6 ملايين نسمة في 1.244 مجتمع محلي هم في حاجة ماسة، بما في ذلك 2.9 مليوني شخص في المناطق المحاصرة وتلك التي يصعب الوصول إليها، رهنا بالتقييم الأمني الموحد للأمم المتحدة». ويطالب كذلك بأن «تسمح كل الأطراف، فور بدء وقف الأعمال العدائية، للأمم المتحدة وشركائها المنفذين بإجراء عمليات إجلاء طبي آمنة وغير مشروطة، استنادا إلى الحاجات الطبية وحالات الطوارئ، رهنا بالتقييم الأمني الموحد للأمم المتحدة». ويكرر طلبه «مذكراً السلطات السورية على وجه الخصوص بأن تمتثل كل الأطراف فوراً لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، بحسب مقتضى الحال، والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين، وكفالة احترامها وحماية جميع العاملين في المجال الطبي وموظفي المساعدة الإنسانية الذين يشاركون حصراً في الواجبات الطبية ووسائل نقلهم ومعداتهم، فضلاً عن المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى، والتنفيذ الكامل والفوري لكل الأحكام في كل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة». ويطالب بأن «تسهل كل الأطراف المرور الآمن ومن دون عوائق للموظفين الطبيين وموظفي المساعدة الإنسانية الذين يشاركون حصرا في الواجبات الطبية ومعداتهم ونقلهم ولوازمهم، بما في ذلك المواد الجراحية، إلى جميع المحتاجين، بما يتمشى والقانون الإنساني الدولي ويكرر طلبه تقوم كل الأطراف بنزع السلاح من المرافق الطبية والمدارس والمرافق المدنية الأخرى وتجنب إنشاء مواقع عسكرية في المناطق المأهولة بالسكان والكف عن الهجمات الموجهة ضد المنشآت المدنية». ويأخذ علماً «مع التقدير بالطلبات الخمسة التي حددها منسق المعونة الطارئة (مارك لوكوك) في 11 يناير (كانون الثاني) 2018 أثناء مهمته في سوريا، ويدعو كل الأطراف إلى تيسير تنفيذ هذه الطلبات الخمسة وغيرها لضمان تقديم المساعدة الإنسانية المبدئية والمستدامة والمحسنة إلى سوريا في عام 2018». ويطالب كل الأطراف بأن «ترفع فوراً الحصار عن المناطق المأهولة بالسكان، بما في ذلك الغوطة الشرقية واليرموك والفوعة وكفريا، ويطالب كل الأطراف بأن تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المساعدة الطبية، وأن توقف حرمان المدنيين من الأغذية والأدوية التي لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة، وتمكين الإجلاء السريع والآمن وغير المعوق لكل المدنيين الراغبين في المغادرة، ويؤكد ضرورة أن يتفق الطرفان على فترات التوقف الإنسانية وأيام الهدوء ووقف إطلاق النار والهدنة المحلية للسماح للوكالات الإنسانية بالوصول الآمن ومن دون إعاقة إلى الجميع، ويذكر بأن تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل القتال محظور بموجب القانون الإنساني الدولي». ويدعو إلى «التعجيل بالإجراءات الإنسانية المتعلقة بالألغام على سبيل الاستعجال في جميع أنحاء سوريا». ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يقدم إلى المجلس «تقريراً عن تنفيذ هذا القرار وعن امتثال كل الأطراف المعنية في سوريا، في غضون 15 يوماً من اتخاذ هذا القرار، وبعد ذلك في إطار تقريره عن القرارات 2139 و2165 و2191 و2258 و2332 و2393».
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طالبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدعم مشروع القرار. وقالت دوائر حكومية ألمانية على هامش القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل إن ميركل وماكرون وجّها خطاباً أمس (الجمعة)، إلى بوتين يطالبان فيه بإقرار هدنة في بلدة الغوطة الشرقية المحاصرة والتي يتمركز فيها المعارضون. وأضافت الدوائر أن الزعيمين طلبا من روسيا أن تلحّ أيضاً من أجل تخفيف الحصار عن المنطقة لمدة ما، وأن تمارس نفوذها على الحكومة السورية من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين.
وقبل التصويت أمس، الذي أرجئ مرات عدة، وجهت موسكو انتقادات إلى مشروع القرار المقدم إلى مجلس الأمن. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي عقده في موسكو: «إن مجلس الأمن يحاول اعتماد قرار يقترح العمل على الفور بهدنة إنسانية لمدة 30 يوماً على الأقل. إلا أن أحداً لا يستطيع الإجابة عن سؤال يتعلق بمدى عزم المقاتلين على احترام هذه الهدنة (....) لا أحد يقدم ضمانات».
وتقدمت الكويت والسويد بمشروع القرار في التاسع من الشهر الجاري، إلا أن المشاورات بشأنه تعقدت. وخلال هذا الوقت تكثف القصف الجوي للنظام السوري على منطقة الغوطة الشرقية موقعاً أكثر من 400 قتيل خلال 5 أيام.
وأضاف لافروف: «لكي يكون هذا القرار فعالاً - ونحن مستعدون للموافقة على نص يكون كذلك - نقترح صيغة تتيح جعل الهدنة فعلية وقائمة على ضمانات من قبل جميع الذين هم داخل وخارج الغوطة الشرقية».
وتابع الوزير الروسي: «بالطبع أن هذه الضمانات يجب أن تكون مدعومة من جميع الفاعلين الخارجيين قبل كل شيء، الذين لهم تأثير على المجموعات المتطرفة التي لا تزال في هذه الضاحية من دمشق».
وأضاف لافروف: «في هذه الحالة إذا كان الأميركيون وحلفاؤهم حريصين فعلاً على الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية وعلى السكان المدنيين، فهناك احتمال كبير أن نتوصل إلى اتفاق».
وتدارك: «إلا أنهم حتى الآن يرفضون تعديلاً يجعلهم مسؤولين عن الحصول من المقاتلين على ضمانات واضحة بالتوقف عن إطلاق النار».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.