حزمة عقوبات أميركية جديدة على كوريا الشمالية

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض حزمة عقوبات جديدة على كوريا الشمالية للضغط عليها للتخلي عن برامجها للأسلحة النووية. وقال ترمب في خطابه أمام مؤتمر الجمهوريين المحافظين صباح أمس: إن الإجراءات تهدف إلى خفض مصادر الدخل والوقود التي يستخدمها النظام لتمويل برنامجه النووي، وتستهدف شركات شحن وسفن.
وأعلن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوشن، تفاصيل العقوبات ضد 28 سفينة و27 شركة، وشخّص بما فيها شركات شحن صينية وشركات في سنغافورة وتنزانيا وتايوان وهونغ كونغ وبنما، في إجراء لزيادة عزل نظام بيونغ يانغ اقتصادياً. وقال منوشن: إن تلك الشركات قامت بعمليات شحن للفحم وعمليات تجارية مع كوريا الشمالية في انتهاك للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي. وشدد على أنه يحظر على الأميركيين التعامل مع أي من الأطراف والشركات المفروض عليها تلك العقوبات. وعرض منوشن خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، أمس، صوراً لسفن شحن من كوريا الشمالية تستخدم رقم هوية وعلماً لسفينة صينية؛ في محاولة لإخفاء الهوية وتجنب الكشف عنها. وقال منوشن «الرئيس ترمب أوضح للشركات في جميع أنحاء العالم أنه إذا اختاروا المساعدة في تمويل طموحات كوريا الشمالية النووية فإنهم لن يتعاملوا مع الولايات المتحدة». ورفض منوشن الإجابة عن الأسئلة المتلاحقة للصحافيين حول التدخل العسكري في حال عدم استجابة سفن الشحن لتلك العقوبات، أو حدوث خروقات في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة والالتزام بها. ولمح منوشن إلى إمكانية إصدار مزيد من العقوبات الاقتصادية، إذا تطلب الأمر ذلك، وقال: «نحن نستخدم كل الأدوات الاقتصادية للضغط على كوريا الشمالية، وسنعمل مع الحلفاء لزيادة الضغوط الاقتصادية وبصفة خاصة مع روسيا والصين اللذين لديهما معاملات تجارية مع كوريا الشمالية. وقد سعت الولايات المتحدة للضغط على دول عدة، من أبرزها الصين وروسيا لوقف عمليات الشحن من وإلى كوريا الشمالية التي تحقق لبيونغ يانغ المليارات من الدولارات من عوائد تصدير الفحم والمأكولات البحرية، وتستورد الوقود الذي يوفر لها احتياجاتها الأساسية. وطالبت إدارة ترمب الكثير من الدول بعدم خرق العقوبات المفروضة من مجلس الأمن. وقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عقوبات تستهدف الحد من حصول كوريا الشمالية على المنتجات البترولية والنفط الخام. وتزامن إعلان العقوبات مع زيارة إيفانكا ترمب، ابنة الرئيس الأميركي، لرئيس كوريا الجنوبية للمشاركة في اختتام دورة الألعاب الأولمبية، وأشار منوشن إلى أنه تم إبلاغ إيفانكا بالإجراءات مسبقاً، وأنه سبق لنائب الرئيس الأميركي مايك بنس الإعلان عن الإعداد لجولة عقوبات ضد كوريا الشمالية، مشيراً إلى أن عملية الإعداد للعقوبات استغرقت هذا الوقت.
وقالت إيفانكا ترمب إنها ستستخدم زيارتها للدعوة للضغط إلى أقصى حد على كوريا الشمالية لوقف برنامجها النووي. وكانت إيفانكا قد وصلت إلى مطار انشيون غرب سيول ظهر الجمعة، واستقبلت بحفاوة كبيرة. وألقت إيفانكا بياناً موجزاً على شاشة التلفزيون في المطار قبل التوجه إلى مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس الكوري الجنوبي جاي مون في المقر الرئاسي في سيول. وشددت في بيانها على التزام بلادها بدعم شعب كوريا الجنوبية، والضغط على الجارة الشمالية؛ لضمان نزع الصبغة النووية من شبة الجزيرة الكورية.
وعقدت ابنة الرئيس الأميركي جلسة محادثات مغلقة مع رئيس كوريا الجنوبية لمدة عشرين دقيقة. وخلال حفل العشاء، قال الرئيس جاي مون إن مشاركة كوريا الشمالية في افتتاح دورة الألعاب الشتوية كانت فرصة للمشاركة في مناقشات نشطة بين الكوريتين؛ مما أدى إلى خفض التوترات في شبه الجزيرة وتحسن العلاقات.
وتقود ابنة الرئيس الأميركي وفداً أميركياً مكوناً من خمسة أشخاص، جيم ريش وسارة ساندرز، والجنرال فنسيت بروكس قائد القوات الأميركية في كوريا، ومارك نابر واليسون هوكر، مديرة إدارة كوريا في مجلس الأمن القومي. في حين تشارك كوريا الشمالية بوفد رفيع المستوى يضم ثمانية مسؤولين، ويرأسه كيم يونغ تشول، نائب رئيس اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم. ومعروف عن كيم يونغ تشول تورطه في قضية إغراق سفينة بحرية لكوريا الجنوبية في عام 2010، التي أدت إلى مقتل 46 بحاراً. وقد حملت كوريا الجنوبية مسؤولية غرق السفينة لهذا الرجل الذي كان يتولى منصب مكتب الاستطلاع، وهي أكبر وكالة استخباراتية في كوريا الشمالية.
من جانبه، هاجم مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، النظام الكوري الشمالي في خطابه أمام مؤتمر المحافظين، قائلاً إن بلاده ستقف ضد كوريا الشمالية وتهديداتها لجيرانها في المنطقة إلى أن تتخلى عن برامجها الصاروخية والنووية إلى الأبد. وقال بنس: «إن زمن الصبر الاستراتيجي مع كوريا الشمالية قد انتهي»، وأشار إلى أنه شارك في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في سيول، منتقداً اهتمام وسائل الإعلام بمشاركة الأخت الصغرى للرئيس الكوري الشمالي كيم يونغ أون، وقال: «دعوني أقول لكم من هي هذه السيدة، إنها أحد أعمدة أسوأ نظام ديكتاتوري قاتل في العالم، ووضعتها الولايات المتحدة على قائمة العقوبات بسبب تورطها في انتهاكات لحقوق الإنسان وقتل المعتقلين لأتفه الأسباب». وتراجع بنس عن تصريحاته السابقة بإمكانية الحديث مع كوريا الشمالية، وقال: «نحن لا نتعامل مع القتلة والديكتاتوريين، بل نتصدى لهم وسنقف ضد كوريا الشمالية في تهديداتها لحلفائنا حتى تتخلى عن برامجها النووية والصاروخية للأبد».
ومع العقوبات الجديدة، أشار مسؤولون بالإدارة الأميركية، إلى أن احتمالات الصدام بين واشنطن وبيونغ يانغ ليس بعيداً، حيث أشار مايك بومبيو، رئيس الاستخبارات الأميركية، إلى أن كوريا الشمالية تقدمت كثيراً في قدراتها وإمكاناتها لحمل رأس نووي على صاروخ باليستي عابر للقارات. وأشار محللون بشبكة «فوكس نيوز» إلى احتمالات عالية لاشتباك عسكري بين كوريا الشمالية وأميركا بحلول أبريل (نيسان) المقبل. وأشار تقرير للشبكة، إلى أن زعيم كوريا الشمالية يريد أن يتجنب أن ينتهي مصيره في محكمة العدل الدولية في لاهاي لارتكاب جرائم حرب مثلما حدث مع سلوبودان ملوسوفياتش، أو مقتولاً مثل صدام حسين ومعمر القذافي، وذلك من خلال امتلاك سلاح نووي؛ لذا من غير المحتمل أن تتخلى بيونغ يانغ عن أسلحتها النووية. وبالنسبة لواشنطن، فإن إدارة ترمب ترى أن الأسلحة النووية لكوريا الشمالية تشكل تهديداً وجودياً، فقد أشار ماكماستر، مستشار الأمن القومي الأميركي، إلى أن إدارة ترمب لن ترضى سوى بنزع السلاح النووي بشكل كامل والقضاء على برامج الصواريخ لكوريا الشمالية.